عيد الأضحي المبارك بين شعائره الدينية وآثاره الاقتصادية/ أحمد غزالة

=
أصدقائي القراء في الوطن العربي ، يسعدني أن أسطر إليكم كلمات هذا المقال في يوم عيد الأضحى المبارك ، والذي أسأل الله العظيم رب العرش العظيم في هذه الأيام المباركه أن يعيده علينا وعليكم وعلى الأمة الإسلامية كلها أعواماً عديدة وأزمنة مديدة بالخير واليمن والبركات ، وحقيقةً وأنا أكتب حول عيد الأضحى فأجد نفسي في حيرة من أمري ، هل أكتب عنه وأنا أرتدي عباءة رجل الاقتصاد التي تعودت ارتدائها معكم وأنا أسطر إليكم مقالاتي الاقتصادية ، أم أنها مناسبة دينية تستلزم ارتداء عباءة رجل الدين ، أم أنها مناسبة اجتماعية تستلزم ارتداء عباءة رجل الاجتماع ، وبالتروي قليلاَ وجدت أن الأمر يستلزم ارتداءها كلها ، وهذا الأمر إنمايدل على عظمة هذا الدين وهذه الشريعة التي تؤكد لنا وتعلمنا كل يوم أنها شريعة متكاملة تشمل جميع جوانب الحياة ومنها الجانب الاقتصادي موضوع تخصصي الدقيق ، ولكن سأبدأ معكم بعيد الأضحى كمناسبة دينية بكلمات موجزة عن هذا اليوم ، والذي يمثل اليوم العاشر من ذي الحجة ، والتي قال عنها النبي محمد صلى الله عليه وسلم ( ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من أيام عشر ذي الحجة ) ، وبالرغم من أن الأعمال الصالحة مستحبة في كل وقت وحين على مدار العام إلا أن هذه الأيام المباركة لها تلك الخصوصية والمنزلة العظيمة عند الله عز وجل ، وقد خصها النبي محمد صلى الله عليه وسلم بكثرة التحميد والتهليل والتكبير ، ويعتبر التحميد والتهليل والتكبير في هذه الأيام من الأعمال الصالحة التي تدخل صاحبها الجنة ، فقال صلى الله عليه وسلم ( ما أهل مهل قط إلا بشر ، وما كبر مكبر قط إلا بشر ، قيل : يا رسول الله ، بالجنة ؟ قال نعم ) ، ويأتي يوم عيد الأضحى يوم فرح وسرور بفضل ومنه من الله علينا ، فقال عز وجل في سورة يونس ( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون ) ، ويأتي بعد هذا اليوم أيام التشريق الثلاثة ، وهي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة ، وهي الأيام التي أمر الله عز وجل بذكره فيها في قوله تعالى في سورة البقرة ( واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون ) ، ولا أريد الاستفاضة كثيراً في الجانب الديني لعدم اتساع المقام لذلك ، وننتقل معاً إلى ارتداء عباءة رجل الاقتصاد في تناول عيد الأضحى كماسبة دينية لها آثار اقتصادية عظيمة ، ومنها مناهضة االركود الاقتصادي فعلى سبيل المثال لا الحصر تأتي شعيرة ذبح الأضحية كسنة يقوم المسلمون بها لإحياء ذكرى قصة سيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام ، والتي فدا الله عز وجل فيها إسماعيل من الذبح بكبش عظيم ذبحه والده سيدنا إبراهيم في ذلك اليوم ، إلا أننا نجد أن أسواق اللحوم قد أصابها الركود في الفترة الماضية وما تلاه من آثار سلبية على القائمين على صناعة اللحوم ، بسبب انخفاض الطلب عليها لارتفاع الأسعار بشكلمبالغ فيه في تلك الفترة مما أدى لركود اقتصادي داخل هذه السوق ، وهنا تأتي شعيرة ذبح الأضحية لتنشط السوق الراكده ، لتمسك المسلمون بهذا الهدي النبوي ، فيؤدي ذلك النسك لإحداث توازناً اقتصادياً لهذه السوق ، ولا يتوقف الأمر عند ذلك ، فنجد أنه من مظاهر عيد الأضحي أيضاً أنها أيام أكل وشرب وحرص على ارتداء الملابس الجديدة وخاصة للأطفال وهنا تنشط أسواق التجارة أيضاً ، والتي أصابها الركود نسبياً بسبب تضخم الأسعار الناتج عن زيادة التكاليف ، ولا أريد التوسع في هذا الجانب كثيرا حتى يتسنى لنا إلقاء نظرة سريعة على عيد الأضحى كمناسبة اجتماعية أيضا ، فنجده على المستوى الاجتماعي يوماً لتوديع الهموم والأحزان ، والترويح عن النفس المرهقة والمتعبة من مشاق الحياة وصعابها ، ويلتقط الناس فيه أنفاسهم قليلاً من دوامة الحياة ، وأيضاً يمثل يوم الأضحى فرصة طيبة للتواصل الاجتماعي وصلة الأرحام ؛ لدعم العلاقات الاجتماعية وتوطيدها ، والقضاء عل ما يكون قد أصابها من تصدع عبر أيام العام بسبب ظروف الحياة ومشاقها ، فيأتي ذلك اليوم لرأب الصدع ، والدعم الاجتماعي لأفراد المجتمع ، وختاماً أكرر تهنئتي لقرائي الأعزاء وللأمة الإسلامية كلها في مشارق الأرض ومغاربها بعيد الأضحى المبارك أعاده الله علينا وعليكم وعلى أمة الإسلام كلها بالخير واليمن والبركات .

 

أحمد غزالة – مصر
كاتب وخبير اقتصادي

 

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة