غابات جرش.. عبث وتخريب وتنزه عشوائي

– تتعرض غابات محافظة جرش، الممتدة على مساحات واسعة، وتشكل محميات ومتنزهات طبيعية، إلى العبث والتخريب والتدمير، بخاصة أشجارها المعمرة من السنديان والبلوط والقيقب والصنوبر والأرز.
ورأى ناشطون بيئيون أن العبث والتنزه العشوائي، يدمران البنية الجذرية للشجر، ويؤثران في نموها، واحيانا يؤديان إلى إيقافه، مؤكدين ان هذه الغابات تشكل رئة المملكة، إذ يجب الحفاظ عليها، ووقف أي اعتداءات تمسها.
ولفتوا إلى أهمية معاقبة كل من يمارس أي شكل من أشكال الاعتداء على هذه الثروة الوطنية البيئية، ذات الأنواع النادرة من الأشجار، والتي تحمل إلى جانب أهميتها البيئية، الحاجة إلى توسعتها، وإصدار قوانين صارمة، تجرم من يحتطبها أو يعتدي عليها تحت أي ظرف.
وبينوا أن عابثين يستخدمون جذور تلك الأشجار، كمواقف لمركباتهم أثناء تنزههم العشوائي، إلى جانب الاعتداء على أخشابها في إشعال النيران، ما يؤدي إلى تدمير مساحات واسعة خلال احتراقها.
وأشاروا إلى أن الأنواع الشجرية المنتشرة في غابات ومحميات جرش، وتحديدا المعمر منها، لا تتجدد تلقائيا إذا تعرضت إلى القطع أو التخريب، أو التدمير، وتحتاج إلى زراعة النوع نفسه مجددا، ما يتطلب عدة عقود لكي تنمو جيدا.
عضو مجلس المحافظة الدكتور يوسف زريقات، قال إن الزوار يفضلون في مرحلة التعافي من جائحة كورونا، التنزه البيئي وسياحة المزارع، وهي تعتمد أولا على زيارة المحميات الطبيعية والغابات والمسارات السياحية وسياحة المغامرات، ما يعرضها كثروة حرجية إلى الضرر، ويجب ان تتخذ الجهات المعنية، إجراءات صارمة لحماية هذه الثروة التي تتميز بها المحافظة من العبث والتنزه العشوائي.
ويعتقد بأن وقف عمليات التنزه العشوائي، يمكن حلها بتخصيص متنزهات طبيعية وحدائق عامة ومحميات طبيعية للزوار، وتحديد مواقعها، إلى جانب توفير خدمات سياحية فيها، وتزويدها بالمرافق العامة ومواقف المركبات، والتوعية بعدم إشعال النيران فيها، وضبط عمليات إلقاء النفايات، ووضع حد لأي سلوكيات تدمر البنية التحتية لهذه الثروة.
وبين زريقات ان الزوار يفضلون التنزه البيئي، بخاصة خلال الربيع والصيف لاعتدال درجات الحرارة والتنوع البيئي والطبيعي في المحافظة، وانخفاض تكاليف التنزه مقارنة بما هو عليه في المواقع السياحية الأخرى، إلى جانب تعدد المحميات الطبيعية والتي تحتوي المحافظة على أكبرها في المملكة، وهي غاباتا دبين وسوف ومحميات الأمير حمزه والمأوى والغزلان والأرز.
الجمعية العلمية الملكية، اتخذت إجراءات لحماية بذور الصنوبر الحلبي، ومنع التنزه العشوائي، ودخول السيارات والرعي الجائر، لحماية هذه المناطق التي تنتشر فيها أنواع نادرة ومعمرة من الأشجار الحرجية في دبين بشكل خاص، وتتعرض إلى العبث عبر عدة طرق، وتهدد ديمومتها وتوقف نموها، وفق تصريحات صحفية لمدير غابات دبين المهندس بشير العياصرة.
وشملت إجراءات الحماية كذلك، تسييج أسلاك شائكة بطول 1700 متر على جانبي الطرق وسط المتنزه من أصل 28 ألف متر وفق العياصرة، إذ يهدف هذا السياج الذي يستمر لعدة سنوات إلى المحافظة على التجدد الطبيعي في غابات دبين، بما يضمن السماح لبذور الصنوبر الحلبي بالنمو من جديد والتجديد الطبيعي.
وأوضح أن المحمية تسعى إلى تغير نمط التنزه في غابات دبين، إلى نمط بيئي يراعي شروط استدامة البيئة وتجددها على المديات: القصير والمتوسط والطويل.
وأشار العياصرة إلى وجود مناطق في غابات دبين، شيد حولها سياج قبل 6 سنوات، وسيزال العام المقبل، بعد تجدد أشجار الصنوبر الحلبي فيها، ونجاح هذا الإجراء في حماية أشجاره من العبث والضرر.
ولفت العياصرة إلى تجهيز 176 دونما للزوار باسم “متنزه دبين”، ويضم 169 جلسة، و22 موقفا للسيارات ومنطقتي ألعاب للأطفال، ومرافق صحية.
وتبلغ مساحة غابات دبين 62 ألف دونم، ومساحة المحمية 8.5 كلم، وتقع على الحد الجنوبي الأخير لغابات الصنوبر الحلبي باتجاه الجنوب.
ولفت العياصرة النظر إلى أن الإدارة تجمع كميات كبيرة من النفايات سنويا بسبب الزوار، مشيرا إلى أن تكلفة إدارة الزوار للمحمية تبلغ نحو 40 ألف دينار.
مدير حراج جرش المهندس فايز الحراحشة، قال إن وزارة الزراعة فعلت هذا العام خطة مكافحة الحرائق مبكرا، وتراجعت الحرائق التي تندلع سنويا في الغابات، بخاصة العام الماضي، ووقع أكبر عدد لها خلال الجائحة، وتأخر تنظيف الأعشاب الجافة والحشائش التي تسهل اندلاع الحرائق، وخفض الموازنات وتقليل عدد العمال العاملين بتنظيفها ومواقع التنزه.
وأكد أن مواقع تتعرض للعبث جراء إلقاء النفايات فيها، وتراكم الطمم فيها، وإشعال الحرائق المفتعلة والرعي الجائر، وهذه العوامل مجتمعة تؤثر على حجم مساحة الغابات وتنوعها الخضري، ومقدار نموها السنوي.
وتقدم مديرية الزراعة الرعاية الخضرية للأشجار إلى جانب زراعة الأنواع التي تلتهمها النيران مجددا، وتعزيز قوانين وإجراءات الحماية الخضرية التي تقلل من نشوب الحرائق ووقف الاعتداء على الثروة الحرجية وتحطيبها، للحفاظ على الأنواع المميزة والنادرة في غابات جرش، ويقدر عمرها بمئات السنين.

صابرين الطعيمات/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة