غبار العمل، ولا زعفران البطالة. // أحمد القضاه

في يوم اجلسُ وحيداً تحت شَجرة ورقها اخضر، حولها الكثير من العُشب والشوك، اجلس على قطعة متهالكةً من الكرتون، لم يكن بحوزتي الا علبة من السجائر، كان الجو جميلا تختلطُ نسماته ببعضها البعض، يحتاجُ فنجان من القهوة وتكتمل ..
أجلسُ انظرُ بالارجاء، الصخور وهي مرتبةً بشكل جميلٌ ودقيق وكأنها رُكبت تحتَ اشراف شركة هندسية، سبحان الله!
شجرةُ السنديان تخرجُ من بين الحجارةِ وتمتدُ جُذورها الى عشرات الامتار، …
العَصافير تتطاير من حجرا تلوا الاخر ..
أفكرُ والخيال يَعوم بي …
اضعُ هاتفي بين الاعشاب على قطعة صخرية لا اهتمُ له، وانا جالس مُسترخي والا بصوت الرسائل ” دن ”
امسكت الهاتف وكانت رسالة لا احبُ قراءتها تحتوي بطياتها على الكثير من الطلبات المُعقدة،
‘ اعلان توظيف’
مطلوب موظفين من حملة درجة البكالوريوس لاحدى الشركات .
الشروط:
_ التقدير جيد جداً
_ خبرة ثلاثة سنوات
_ دورة مُتخصصة بمجال العمل
_ الدوام طيلة ايامِ الاسبواع وساعات العمل من الثامنة صباحاً إلى الساعة السادسة مساءاً
_ الراتب يُحدد اثناء المقابلة
الموقع: المُحافظة….. بِالقرب من ….
بعد اطلاعي على الإعلان قررت زيارة هذه الشركة لاعرف ادق التفاصيل،
ذهبت وانا احملُ اوراقي واملي بالحصول على وظيفة، بعد عميلة بحث دامت ثلاثة سنوات،
دخلتُ الى المبنى وكان هُناك شاب واضح عليه التعب وملامحه توحي بِالنُعاس والارهاق سالتهُ عن غرفة المدير واجابني بالاشارةِ بيده ..
قرعتُ الباب ودخلت،
غرفة كبيرةً مُعلق على جُدرانها صور للشَركة والزئارين، مكتب لونه بني، وكراسي جلد عريقة، المدير يجلسُ على الكرسي الخاص به..
عند دخولي دار الكرسي وقال لي : تفضل يا شاب .
كان صغير السن، بداتُ بالحديث والتعريف عن نفسي، شاب لديه الخبرات العديدة، اثناء حديثي المدير لم يهتمُ لي ولم يستمع الى حديثي!
مسترخي على كرسيهُ ويحمل هاتفه بيده اليمنى ويده اليسرى على شعره،
وضعه هاتفه على المكتب وقال: يا أحمد كم بتتوقع الراتب ؟
وقفت حائرا عند هذا السؤال، وانا افكر بالشروط المطلوبة وعدد ساعات العمل الطويلة، كنتُ ساجيب ب ٤٠٠دينار ولكن المدير دار الكرسي وقال احنا كشركة بنعطي ١٢٠ دينار اذا بزبط معك ضع اوراقك ..
افكر بالراتب واحاول انا احسب، ١٢٠÷٣٠ =٤ دينار يوميا،
الاجارة لحتى الوصول الى الشركة بالذهاب : ٢،٠٠+٧٥ + ١،٠٠
والعودة : ١،٠٠+٧٥+٢،٠٠
تكون التكلفة ٣،٧٥+٣،٧٥= ٧،٥٠ !
الاجر اليومي ٤ دينار وتكلفة الاجرة للوصول الى الشركة ٧،٥٠ !!!
ستعمل اربعة عشرة ساعة من دون اي مقابل من دون اقل شيء من حقوقك كعامل، من دون وجبة طعام ومن دون اي استراحة ولا يوم عطلة..
وضعي لي ورقةً مكتوب على مقدمتها ( عقد عمل ) وقال لي : ان كنت تريد العمل وقع هنا ؟!
العقد مكتوب به : انا العامل( ……. ) اوافق بالعمل لدى الشركة ( ……) بدوام ثمانً ساعات ( من الساعة ٨ صباحا وحتى الساعة ٤ مساءا)
وبراتب ٢٩٠ دينار ..
توقيع العامل (…)
توقيع مدير الشركة (…)
وقفتُ وقلت له : كيف ساوقع على عقد عمل وهو لا يطابق الاتفاق وضعت القلم على المكتب وخرجت ..
رجعت الى البيت وانا مكسور وكانت محاولة فاشلة كالمحاولات السابقة ولم اعثر على عمل، ولا اعرف الخلل من الشركات ولا المؤسسات الذي تقدمت له وقابلته..
حثَّت الشَّريعة الإسلاميَّة في نصوصها المختلفة على ضرورة العمل ووجوب السَّعي في الأرض لإعمارها، وهو أمرٌ ضروريٌّ لا بدَّ منه لاستمرار الحياة وتيسيرها على المسلمين، وقد وردت عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- جملةٌ من الأحاديث التي توضِّح فضل العمل،

عن أَبِي بُرْدةَ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: “سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: “أَيُّ الْكَسْبِ أَطْيَبُ؟ فَقَالَ: عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ وَكُلُّ بَيْعٌ مَبْرُورٌ”.

“إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه”.

..
ومن الردود من اصحاب المؤسسات والشركات وجميعهُم قال لي :
* ارسل لي الcv *
* مقابلتك الاحد *
* جهز اورقك *
* برن عليك *
* حاليا مش طالبين خليك للشهر الجاي *
* ما فيه شاغر *

” اتجهت بعض الشركات الى توقيع الموظفين على عقود عمل بشروط القانوية لوزارة العمل وهي ليست قانونيه؛ لتحمي نفسها من المسالة القانونية ان تقدم احد الموظفين بالشكوى .
وبقانون العمل الاردني محدد عدد ساعات العمل والحد الادنى للاوجر، ولا يحق لاي شركة او مؤسسة خاصة تجاوز هذا القانون وان حصل تجاوزات ستتحاسب قانونيا عن طريق الوزارة .

لحتى تظهر للمجتمع بانك موظف ولديك عمل، يجب عليك العمل طيلة اليوم وبجميع ايام الاسبواع ومن دون اي اجر وستضع كرامتك بعيدا !!

“متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ”
انت كصاحب شركة او مؤسسة يتوجب عليك اعطاء الموظف حقوقه و الاجر الذي يستحقه، وانت كعامل يتوجب عليك معرفة واجباتك وحقوقك .
في المرة القادمة ستكون المحاولة رقم ٢٤٥ سأذهب واخبركم بما يحصل .. وداعا .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة