فرنسا.. قانون التقاعد قد يعصف بالحكومة وبالرئيس ماكرون

فرنسا – مع اللحظة الأولى لإعلان اللجوء للمادة الدستورية 49.3 لتمرير قانون إصلاح نظام التقاعد في فرنسا دون تصويت الجمعية الوطنية، بدء الشارع بالتحرك إحتجاجا على التفرد بالقرار دون الرجوع للبرلمان أو ألشعب.
ووصف سياسيون ومهتمون بالشأن الفرنسي لجوء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمادة 49.3 من الدستور لإقرار قانون إصلاح نظام التقاعد دون تصويت من الجمعية الوطنية (مجلس النواب) “دليل ضعف وفشل”.
وتواجه الحكومة الفرنسية مذكرتين لحجب الثقة في البرلمان بعد استخدامها المادة الدستورية التي سمحت لها بتمرير مشروع تعديل نظام التقاعد من دون تصويت، الا أنها راهنت على اجتياز التصويت على المذكرتين، إذ ترى أن الانقسامات في صفوف المعارضة ستحميها من السقوط.
وقال وزير العمل أوليفييه دوسوبت، أول من أمس إنه من أجل إقرار مذكرة بحجب الثقة “يجب أن تجمع ائتلافا من المعارضين… لتحقيق غالبية شديدة التباين ودون خط سياسي مشترك”.
من جهته، قال وزير الاقتصاد برونو لومير “أعتقد أنه لن يكون هناك غالبية لإسقاط الحكومة، لكنها ستكون لحظة حقيقة”.
ويتطلب إسقاط الحكومة توافق أعضاء من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار وأن يضموا إلى جانبهم أصوات حوالي 30 من نواب حزب “الجمهوريين”، لكن الحزب وافق بالفعل على خطة ماكرون لتعديل نظام التقاعد.
وأكد محللون أنه يبدو مستبعدا، فإنه لم تسقط أي حكومة في فرنسا نتيجة مذكرة لحجب الثقة منذ بدء الجمهورية الخامسة عام 1958، لكنها أوضحت أنه “ليس مستحيلا”.
وأثارت خطة ماكرون التي تتضمن رفع سن التقاعد من 62 إلى 64 عاما احتجاجات واسعة في أرجاء فرنسا وإضرابات عمالية على مدى أسابيع.
ولزم ماكرون الصمت منذ الخميس الماضي وهو الذي أوعز للحكومة باستخدام هذا البند الدستوري، ثم وجه رسالة إلى رئيسي مجلس الشيوخ والجمعية الوطنية، أعرب فيها عن “رغبته في أن يتمكن النص المتعلق بالتقاعد من المضي إلى نهاية مساره الديمقراطي وسط احترام الجميع”.
لكن الضغط يشتد على البرلمانيين وسط تعبئة نقابية وشعبية كثيفة ضد المشروع، وتعرض مكتب رئيس حزب الجمهوريين إريك سيوتي الذي يدعم مشروع التعديل، للرشق بالحجارة ليل السبت الماضي في نيس جنوبي فرنسا، وكتب عليه “المذكرة أو الحجارة”، كما استُهدف نواب آخرون مؤيدون للمشروع.
من جهته، أكد ماكرون “دعمه للبرلمان ولمجمل البرلمانيين، وتعبئة الحكومة من أجل اتخاذ كل التدابير لحمايتهم”.
وتبرر الحكومة -التي لا تملك سوى أغلبية نسبية في الجمعية الوطنية- رفع سن التقاعد بضرورة التصدي لتراجع مالية صناديق التقاعد وشيخوخة السكان.
من جانبها، أبدت رئيسة الأغلبية في الجمعية الوطنية أورور بيرجي ثقتها في اجتياز مذكرتي حجب الثقة، وقالت ردا على أسئلة الإعلام “لنذهب إلى الوضوح. الوضوح هو التصويت”.
وأضافت أنه في حال إسقاط الحكومة “يجب تحمل المسؤولية”، مع احتمال لجوء ماكرون إلى حل الجمعية الوطنية، في وقت تراجعت شعبيته في استطلاعات الرأي إلى 28 %، أدنى مستوياتها منذ 2019.
غير أن جان لوك ميلانشون زعيم اليسار الراديكالي يستبعد مثل هذا السيناريو، ويرى أن ماكرون سيتكبد في الانتخابات “هزيمة القرن، وبالتالي لن يفعل ذلك”، متوقعا “استمرار النضال أيا كانت النتيجة”.
وقال خبير الرأي العام أنطوان بريستييل، من مؤسسة “جان جوريس”، إن “المادة 49.3 في خيال الفرنسيين مرادفة للوحشية، وتطفى شعورا بأن الحكومة لا تصغي”،مضيفا “في الشارع، هذا سيُعطي زخما جديدا للتعبئة”.
ويقول محللون أنه بعد مشاهد أطنان القمامة في العاصمة باريس، من المرجح أن تلجأ النقابات إلى سلاح شل الحياة الاقتصادية في البلاد. فقد شهدت باريس مثلا عمليات إغلاق طرق وقد نشهد في الأيام المقبلة إضرابات تشل حركة الطيران والموانئ الحيوية”.
هذا الرفض الشعبي للمشروع تسبب بعزلة سياسية بالنسبة للرئيس ماكرون، حسب صحيفة “لوموند”، على الرغم من أنه حاول حتى آخر لحظة الحصول على أغلبية ولو ضئيلة لتمرير القانون عبر التصويت. -(وكالات)

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة