في ظلال آية.. ما يوم التغابن؟ / الداعية نائلة هاشم صبري

قال تعالى: « يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ « سورة التغابن –الآية 9.

في ذلك اليوم الرهيب (يوم القيامة) يوم تجتمع الخلائق جميعها للحساب والجزاء… يوم يجمع الله -عزوجل- الأولين والآخرين من جميع الأجيال وتحضره الملائكة في صعيد واحد.

يوم التغابن من أسماء يوم القيامة، وسمي بذلك حيث يظهر فيه غبن الكافر – فإن الكافر قد غبن نفسه أي ظلمها- أي تقصيره بتركه الايمان، وغبن المؤمن أي تقصيره في الاحسان ويوم يغبن فيه أهل الحق أهل الباطل، ويغبن أهل الطاعة أهل المعصية، وأعظم الغبن من أهل الجنة الى أهل النار لأنهم عصوا الله -عزوجل- وكفروا فوجبت لهم النار فوقع الغبن وحصلت المبادلة فورث أهل الجنة مقاعد أهل النار في الجنة لو آمنوا. وورث أهل النار مقاعد أهل الجنة في النار لأنهم آمنوا وأطاعوا الله -تبارك وتعالى- فالكافرون اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة فخسروا، والمؤمنون باعوا أنفسهم بالجنة فربحوا.

(عن قتادة: يوم يجمعكم ليوم الجمع هو يوم القيامة وهو يوم التغابن يوم غبن أهل الجنة اهل النار). الطبري-مجلد10-جزء28-صفحة 79. فالكافرون اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم أما المؤمنين فهي رابحة اذ باعوا أنفسهم بالجنة فربحت تجارتهم فغبن أهل الجنة أهل النار عند دخول هؤلاء المؤمنين الجنة وهؤلاء الكافرين النار فنزلوا منازلهم. (هذا ويجوز أن يفسّر التغابن بأخذ المظلوم حسنات الظالم، ويحمل الظالم خطايا المظلوم). الطبري -مجلد10-جزء28-صفحة80.

(قال ابن العربي: إنه لا يجوز الغبن في المعاملة الدنيوية لأن الله -سبحانه وتعالى- خصّص التغابن يوم القيامة). القرطبي-جزء18- صفحة38. فلا غبن في الدنيا والغبن في الآخرة فلا يلقى أحد ربه الا مغبوناً ومن يصدق بالله -تبارك وتعالى- ويعمل صالحاً ويُطع ربه باتباع أوامره واجتناب نواهيه يمسح عنه ذنوبه ويدخله جنات النعيم التي تجري من تحت أشجارها وقصورها أنهار الجنة لابثين فيها أبداً خالدين لا يموتون ولا يخرجون منها.

وبعد: فهذه الآية الكريمة صورت لنا مشهد هذا الجمع يوم التغابن وأن الله -سبحانه وتعالى- كتب الغبن على الخلق أجمعين فلا يبقى أحد ربه الا مغبوناً أي نادماً إذا كان مسيئاً، وإن كان محسناً لم يزدد من هذا الا إحساناً… وتصور لنا الآية الكريمة لما يقع من فوز المؤمنين بجنات النعيم.

اللهم قد بلغت.. اللهم فاشهد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة