في ظلال آية.. من وقائع التاريخ في القرآن: عاد وثمود أنموذجاً // الداعية نائلة هاشم صبري

قال تعالى: « أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ» سورة الروم –الآية 9.
سفر أهل قريش
أولم يسافر هؤلاء المكذبون من اهل قريش ويتقلبوا في أرجاء الأرض يسلكونها للتجارة فينظرون مصارع الأمم المكذبة المشركة قبلهم كيف أهلكوا لتكذبيهم رسلهم فيعتبرون ويتعظون … أولم يعتبر هؤلاء المشركون من أهل قريش في مسيرهم وتنقلهم في الأرض فيروا عاقبة الأقوام السابقة كقوم عاد وثمود التي كذبت رسلها وانبيائها… ولقد كانوا أشدّ وأقوى من هؤلاء مشركي مكة، ولكن مع هذه القوة والشدة والبطش والقدرة كانوا ضعافاً أمام بأس الله وقدرته. فلم تنفعهم شدتهم وقوتهم وضخامة أجسادهم ولا آثارهم التي خلفوها وراءهم كالقلاع والقصور والمدن الحصينة فقد ترك قوم ثمود سبعمائة مدينة وكانوا يتخذون من الجبال بيوتاً. فأهلكهم الله المنتقم وأخذهم بذنوبهم التي اقترفوها والمعاصي التي ارتكبوها لتكذيبهم رسل الله -عزوجل- رغماً عن هذه القوة والشدة والبأس وما كان لهم من عذاب الله من دافع يدفع عنهم ويحفظهم.
ولقد ذكرت هذه الآية التي نستظل بظلالها وأشارت الى هذه الوقائع من التاريخ نظرة وعبرة ودراسة في سبب عوامل الفناء للأمم السابقة وبيان أن الحضارة والبقاء لا تكون الا بالإيمان الصادق والعمل الصالح الدؤوب.
من آثار مساكن قوم عاد
فأصبح القوم من الأمم السابقة كعاد وثمود لا ترى مساكنهم ذلك لأن الريح قد رفعت قوم عاد من الأرض الى السماء وقد قلعت أبواب بيوتهم ودخلت منازلهم وأبادهم فلا يرى الناس الا آثارهم ومساكنهم أمامهم كانوا تحت الرمال مدفونون. ولقد مكن الله عاداً في دنياهم فأهلكهم بكفرهم وتكذيبهم… ولم يمكن أهل مكة من الدنيا من القوة في الأبدان والقدرة والسعة كعاد… ولقد أعطى الله -سبحانه وتعالى- عاداً السمع والأبصار والقلوب ليعرفوا بها تلك النعم التي منحها عليهم ليشكروه عليها. ولكنهم لم يستعملوها في معرفة الله -جلت قدرته- بل اتجهت أسماعهم وأبصارهم وأفئدتهم نحو لذات الدنيا وزخارفها ومتاعها. ولقد أهلك الله المنتقم أهل القرى المجاورة لأهل مكة والمحيطة بهم مثل قرى عاد بالأحقاف وثمود وقوم لوط التي كذبت رسلها فأخذهم -عزوجل- وأهلكهم.
من آثار قوم ثمود
ومن خلال التنقل في الأرض بوساطة الأسفار تظهر آثار الأمم السابقة… فعندما مرّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه في احدى غزواته وفي غزوة تبوك مرّ على بئر ثمود وهو من آثار قوم ثمود ونبيهم صالح -عليه السلام- فقال رسول الله لأصحابه: لا تشربوا من ماء هذا البئر لأنه من آثار قوم نجس كانوا يعبدون الأصنام ألم يعتبر هؤلاء المشركون من أهل مكة عاقبة الأمم الماضية كقوم عاد وثمود التي كذبت أنبيائها ورسلها وقد كانوا أشدّ منهم بطشاً وقوة وسعة من المال والغنى ولكن مع هذه القوة والبطش والقدرة والغنى كانوا ضعافاً أمام بأس الله وقدرته فلم تنفعهم شدتهم وقوتهم وضخامة أجسادهم.
هذا وأن القصص القرآني قد جاء للعظة والعبرة للناس جميعهم ولكل زمان ومكان.
اللهم قد بلغت.. اللهم فاشهد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة