قطيعة الرحم في المجتمع// د .رياض خليف الشديفات

يعد صلاح العلاقات بين الأقارب والجيران وأبناء المجتمع الواحد من علامات صلاح المجتمع ونبله وسمو اخلاقه وترفعه عن سفاسف الأمور وحظ النفس وسقط المتاع الدنيوي الزائل من الماديات والمصالح والتركات والحسد وغيرها، وبالمقابل يعد فساد العلاقات وقطيعة الأرحام بين ذوي الرحم من الذكور والإناث من الفساد الاجتماعي المحرم المؤذن بخراب النفوس والقلوب وسوء العاقبة في الدارين.
وبحكم معايشتي للكثير من التفاصيل الاجتماعية في مجتمعنا واطلاعي على العديد من الإشكاليات من هذا القبيل وعلى الأقل في المنطقة التي أعيش فيها يمكن القول بأن العلاقات الاجتماعية بين الأرحام في خطر إضافة إلى المخاطر التي يتعرض لها المجتمع في أبعاده السياسية والاجتماعية والأسرية والاقتصادية المعيشية.
ومن الواجب الأخلاقي والديني تذكير الناس من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بخطورة قطيعة الأرحام فقطيعتها من الفساد الذي حرمه الشرع الحنيف، ووصلتها من أسباب التوفيق والرزق والسعادة والسلامة في الدارين، ولا شك أن قطيعة الأرحام من أسرع الذنوب عقوبة، فتعجل هذه العقوبة على شكل حوادث وأمراض وضيق في الرزق وغياب البركة وضيق الصدر وهجوم الأمراض النفسية وعدم راحة البال، فكم من واصل لرحمه سعيد مرزوق موفق! وكم من قاطع رحم كئيب حزين متكدر البال غير موفق!! فلو تلمس بعضنا ذلك لأمكنه ملاحظة ذلك بسهولة بالغة في الحالتين: في حالة الوصل رضا وراحة، وفي حالة القطيعة سخطاً وكدراً وسوء عيش وغيرها.
ومن نافلة القول أن المقصود بالرحم والأرحام الذكور والإناث ، ولا يقتصر الأمر على البنات والإناث كما يظن ويتوهم بعض الناس في مناسباتهم واعيادهم ، فهذا الفهم جاء من جهة العرف أكثر من كونه من جهة الشرع ، كما أنه يتوجب التذكير بأن صلة الرحم غير مرتبطة بالهدية أو المعايدة النقدية ، فهذا الأمر من المستحبات والمستحسنات لأثره في زيادة الروابط والمحبة ، فالصلة تتحقق بالسلام والابتسامة والزيارة والسؤال والمكالمة الهاتفية والدعاء بالهداية والتوفيق في ظهر الغيب ووجهاً لوجه ، وكذا القطيعة تكون بعدم السلام وانقطاع الزيارة ، وعدم السؤال ، واثارة المشكلات والخصومات لأي سبب كان ، ومنها ما يكون بالغيبة والإساءة ، ويمكن تجاوز الخلافات وقطيعة الرحم بتقوى الله ، والتغلب على حظ النفس ، وحل الإشكاليات المادية ببعض التسامح ، وزيادة مساحة الوئام بعدم إعطاء فرصة للشيطان والمغرضين بالتدخل بين الأرحام ، وتذكر جزاء الصلة وعقوبة القطيعة وإن صام وصلى وتصدق لا يرفع عمله ، ويكفي ما جاء في الحديث ” أما يرضيك أن أصل من وصلك واقطع من قطعك ” ويكفي ما جاء في الآية الكريمة ” فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم ” سورة محمد : 22 ، فهل من معتبر ؟ وهل متعظ؟ والله المستعان.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة