لغة الضاد: هوية وتاريخ // هانم داود

اللغة العربية، أو كما تُعرف بـ لغة الضاد، ليست مجرد أداة للتواصل، بل هي وعاء حضاري وتاريخي يمتد لآلاف السنين. اكتسبت هذا اللقب الفريد من نوعه لكونها اللغة الوحيدة التي تحتوي على حرف الضاد ،والذي يُعد من أصعب الأصوات اللغوية نطقًا في اللغات السامية، وربما في لغات العالم أجمع.
الجذور والأهمية الدينية
تنتمي اللغة العربية إلى مجموعة اللغات السامية، وهي واحدة من أكثر اللغات انتشارًا واستخدامًا في العالم، حيث يتحدث بها مئات الملايين كلغة أم. وتكمن أهميتها القصوى في كونها (لغة القرآن الكريم)، الكتاب المُقدس لدى المسلمين. هذه المكانة الدينية ضمنت لها الخلود والانتشار، حيث يتوجب على كل مسلم في العالم دراسة ولو جزء منها لأداء الشعائر الدينية وقراءة القرآن.
الثراء اللغوي والبلاغي
تتميز اللغة العربية بـثراء مفرداتها وجمالها البلاغي الذي لا يضاهى. يمتلك الجذر الواحد فيها القدرة على توليد عشرات الكلمات ذات المعاني المختلفة، مما يمنحها مرونة فائقة في التعبير.
علم الصرف: يهتم ببناء الكلمة وتصريفها (مثل: كَتَبَ، يكتب، كاتب، مكتوب، مكتبة).،،علم النحو: يضبط العلاقات بين الكلمات في الجملة (مثل تحديد الفاعل والمفعول به).
البلاغة: تشمل علوم المعاني والبيان والبديع، وهي التي تكشف عن الإعجاز والجمال في النصوص العربية، وتجلت ذروتها في الشعر والنثر العربي القديم.
هذا التكوين المعقد والعميق هو ما جعلها لغة الأدب والفلسفة والعلوم لقرون عديدة، خاصة في العصر الذهبي للحضارة الإسلامية.
تحديات العصر ومستقبل الضاد
في العصر الحديث، تواجه لغة الضاد تحديات كبيرة، أبرزها ازدواجية اللغة (الفصحى والعاميات)، وغزو المصطلحات الأجنبية، والتحدي الرقمي.،، ومع ذلك، تبقى جهود إحيائها وتطويرها مستمرة، خاصة مع زيادة المحتوى العربي على الإنترنت والاعتراف بها كواحدة من اللغات الرسمية الست للأمم المتحدة.
لغة الضاد هي نبع لا ينضب، وحمايتها ليست مجرد واجب لغوي، بل التزام بهوية وحضارة عظيمة.

