ماراثون قاتل على طريق معان العقبة.. مركبات بين عجلات الشاحنات

للوهلة الأولى يبدو المشهد لغير العارفين بأسرار الطريق الممتد بين معان والعقبة صوب الموانئ الجنوبية، وكأنه طريق مخصص لماراثونات ناقلات النفط المسرعة، ثم يشفق الرائي على تلك المركبات الصغيرة التي تجازف بالظهور بين الحين والآخر بين الشاحنات كمن يضع مصيره بنفسه بين مخالب وحوش ضارية.
لم تطلق تسمية “طريق الموت” عبثاً على الطريق الصحراوي بطوله الممتد من عمان إلى العقبة، نظرًا لما شهده ويشهده هذا الطريق من حوادث مفجعة، غير أن قسمه الأخير الذي ذكرناه الواصل بين معان وموانئ العقبة، يعد هو الأخطر على الإطلاق بين أجزاء الطريق، فهو محفوف بمخاطر شتى نتيجة السرعات الجنونية لناقلات النفط، التي اعتاد معظمها التسابق للوصول إلى موانئ النفط قبل غيرها على طريق مهتك بالكاد يتسع لمسربين.
ويحتشد الطريق خصوصا لدى عودة الناقلات إلى مصفاة البترول، بما يتجاوز 5000 صهريج محملة بالمشتقات النفطية، بينما يجري ذلك بلا رقابة عليها، ما يشجع العديد من سائقي هذه الشاحنات على القيادة بسرعة جنونية، وهو ما أودى بحياة عشرات الضحايا خلال السنوات الماضية.
ويعد الطريق الصحراوي رابطا حيويا بين عمان والعقبة، ويشهد حركة مرورية على مدار الساعة، فيما تعد كل دقيقة عليه بمثابة عدّاد مؤقت للحوادث المرورية، لاسيما أن الطريق يحمل ازدواجية الخطر ما بين الشاحنات العملاقة خاصة وبين تعرجه واهترائه لا سيما بعد مدينة معان.
كل هذه العوامل ساهمت بتكرار حوادث مميتة شبه يومية، بخاصة في المنطقة الواصلة بين العقبة ومعان، بينما تشكل رداءة الطريق عنصرا مفاجئا للعديد من السائقين الذين يستخدمونه لأول مرة، بحسب سائقين.
ويقول مواطنون إن غالبية الشاحنات (تنك الفيول والبترول) التي تعبر هذا الطريق لا تلتزم بقوانين المرور الصحيحة، فضلا عن وزنها الزائد الذي يتسبب بسرعة اهتراء طبقة الإسفلت، ويطالب سائقو السيارات الصغيرة والمتوسطة بوضع آلية للمحافظة على الطرق من التلف السريع بتوفير مقومات تحميها من هذه الحمولات الزائدة، إضافة إلى ضرورة وضع علامات مرورية ولوحات تحذّر السائقين من مضاعفة الحمولة.
في هذا السياق يشير السائق هاني المومني الى أن معظم المركبات التي ترتاد الطريق معرضة للخطر، نتيجة السرعات العالية والتجاوز الخاطئ للشاحنات العملاقة بكافة أشكالها، لاسيما تلك الشاحنات العملاقة المحملة بالنفط، التي تربك السائقين وتشتت تركيزهم، لاسيما وهي متجهة إلى مدينة العقبة بدون حمولة، فتكون سرعتها جنونية.
وكان شهد الطريق، خاصة عند نزول النقب العديد من الحوادث المرورية القاتلة، التي أودت بحياة الكثيرين، بحيث لا يكاد يمر شهر من دون وقوع حادث أو اثنين.
ويضيف المومني أن تعرّج الطريق وميلانه بزوايا أشبه بالخطوط المنحنية، ساهما في زيادة المخاطر، مشيرا إلى ضرورة تحديد المسارات وإلزام الشاحنات بالسير في أقصى اليمين، وإجبار السائقين على الالتزام بذلك تحت طائلة عقوبات رادعة، كما يطالب بأن تتم إعادة النظر هندسياً ومرورياً بفاعلية المنحنيات الحالية التي تمثل أكبر خطر يشهده الطريق، خصوصا وأنها منتشرة بشكل كبير على الطريق الخلفي للعقبة.
ويؤكد مواطن آخر هو أكرم المشاقبة بدوره أن طريق معان العقبة يعاني من تكرار الحوادث الدامية، نتيجة رداءة الطريق الذي لم تقم وزارة الاشغال بأي صيانة أو إعادة تأهيل له منذ أكثر من عشرين عاما، مطالباً وزارة الأشغال بحل جذري لهذا الطريق الحيوي.
سائقون آخرون يرون أهمية إيجاد قوانين وضوابط تحدد وتمنع تحميل الشاحنات أوزاناً تفوق طاقتها الاستيعابية، وأن تكون هناك متابعة لتلك التجاوزات.
وبحسب السائق علاء الرواشدة، فإن مخاطر الطريق لا تقتصر على مشكلة واحدة يمكن حلها بسهولة، بل يعاني من مشاكل تحتاج إلى لجنة لإعادة تقييم الشركات المنفذة للمشروعات، لأن أسباب الحوادث لم تعد تقتصر على أخطاء السائقين، بل لأن الطرق ذاتها تعاني من العديد من عيوب الإنشاء كضعف الطبقة الاسفلتية وضعف الإنارة في بعض أجزائها، فضلا عن المنحنيات الخطرة.
من جهتها تؤكد مصادر في وزارة الاشغال لـ”الغد” أن الطريق الواصل من منطقة المريغة بمحافظة معان ولغاية جمرك وادي اليتم، يعد أولوية قصوى لدى الوزارة، معترفة بخطأ ارتكبته الوزارة عندما لم تدرج الطريق ضمن المنحة الخليجية المخصصة لإعادة تأهيل الطريق الصحراوي.
بدورها تكشف إدارة الدوريات الخارجية عن تخصيص دوريات مخفية على مدار الساعة على طول الطريق الصحراوي، لضبط ومتابعة سرعات ناقلات النفط، إضافة إلى وجود دورية ثابتة قرب مثلث الجفر مهمتها منع التنكات المحملة بالمشتقات النفطية والغاز سريع الاشتعال من المرور بمحافظات معان والكرك وعمان، وتحويلها إلى طريق مخصص لها هو طريق الجفر الأزرق.

أحمد الرواشدة/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة