ما دلالات سحب الحكومة لـ 3 مشاريع قوانين من “النواب”؟

– لاقت خطوة الحكومة مؤخرا، سحب 3 مشاريع قوانين من مجلس النواب، لإعادة صياغتها وإحالتها لاحقا، ارتياحا في أوساط نيابية، بخاصة وأن سحب بعض هذه القوانين كان مطلبا رئيسا من قبل كتل نيابية.
وبررت الحكومة قرارها بسحب “مشاريع قوانين ضريبة الأبنية والأراضي، الضمان الاجتماعي، الوساطة لتسوية المنازعات المدنية”، لإزالة الغموض عن بعض النصوص، ومواءمة التعديلات مع دراسات فنية واكتوارية، وتحديث تشريعات أُرسلت منذ سنوات.
وجاءت خطوة الحكومة بعد ساعات من تعديل على تشكيلتها، وقبل بدء الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة الـ20 بما يقرب 60 يوما، وربما يلحق ذلك موقف حكومي مماثل يتضمن سحب مشروع القانون المعدل لقانون العمل الموجود حاليا في أدراج الأعيان.
قرار سحب القوانين الثلاث جاء في وقت حساس وقبل بدء سلسلة حوارات قطاعية موسعة أعلنت عنها الحكومة، تتعلق بالقوانين التي تم سحبها وأخرى تتعلق بمشروع قانون الإدارة المحلية الذي تنوي الحكومة إرساله للنواب بعد افتتاح دورتهم.
وعند عرضه لاقى مشروع قانون ضريبة الأبنية والأراضي، جدلا واسعا حول معايير التقييم وإمكانية زيادة العبء على المواطنين، رغم تأكيدات رسمية بعدم رفع حول الرسوم أو الضرائب، أما “الضمان الاجتماعي”، فقد ارتبط مباشرة بانتظار نتائج دراسة اكتوارية جديدة تحدد بدقة كلفة المنافع وإمكانية استدامتها، الأمر الذي دفع الحكومة والنواب سويا للتوافق على تأجيل مناقشته حتى اكتمال الصورة، أما “الوساطة لتسوية المنازعات المدنية”، الذي أُرسل إلى المجلس منذ عام 2019، فقد ارتأت الحكومة أنه بحاجة لتحديث شامل ليتماشى مع التطورات القانونية والتحول الرقمي في إجراءات التقاضي.
قصة السحب والدراسة لم تكن نتاج موقف حكومي خالص، إذ أدت مواقف نيابية سابقا دورًا مباشرًا بدفع الحكومة نحو السحب، فقد سبق لرئيس كتلة “إرادة والوطني الإسلامي” النائب خميس عطية، أن طالب الحكومة بسحب “ضريبة الأبنية والأراضي”، محذرًا من أن صياغته الأولى لا تراعي بشكل كاف مصالح المواطنين ولا توفر ضمانات ضد التقديرات الجزافية، ورأت الكتلة، أن تعديلات الضمان تمس حقوق المؤمن عليه.
ودفع إقدام الحكومة على سحب 3 مشاريع قوانين من غرفة التشريع الأولى (النواب)، مراقبين لتوقع أن تقوم الحكومة بالخطوة ذاتها، فيما يتعلق بقانون العمل الموجود حاليًا في غرفة التشريع الثانية (الأعيان)، وذلك لإعادة النظر في بعض التعديلات التي أثارت جدلًا واسعًا في أوساط العمال وأصحاب العمل على حد سواء، وربما تدرس استرداد مشروع القانون، إذا توافرت مؤشرات على أنه بصيغته الحالية قد يواجه عقبات بالتطبيق أو رفضا شعبيا واسعا، بخاصة في بنود تتعلق بعقود العمل المرنة، وإنهاء الخدمة، وحقوق العاملين في القطاعات غير المنظمة.
ويعيد سحب مشاريع القوانين الـ 3 زمام المبادرة للحكومة، التي ستعمل على صياغة نسخ معدلة ومنقحة قبل إرجاعها لمجلس النواب، حيث يعتقد نواب أن هذه الخطوة تتيح للحكومة فرصة لفتح قنوات تشاور أوسع مع كتل نيابية وقطاعات معنية، بدل المخاطرة بتمرير مشاريع غير متوافق عليها.
وستعمل الحكومة بعد استرداد مشروع ضريبة الأبنية والأراضي على إدخال معايير تقييم أكثر شفافية، وإجراءات اعتراض واضحة، وضمانات لعدم زيادة الأعباء، وربما خرائط سعرية إلكترونية، وفي مشروع المعدل للضمان الاجتماعي ستعمل الحكومة على ربط التعديلات بنتائج الدراسة الاكتوارية، وضمان حماية الحقوق المكتسبة، وتوسيع المظلة التأمينية لأنماط عمل جديدة، وفي “الوساطة” ستعمل الحكومة على تحديث تعريفات الوسطاء، وإجراءات الترخيص، وضبط مدد الوساطة، وإدخال حلول تقنية.
بالمجمل فإن الأنظار تتجه الآن لشكل الحوارات التي ستجري خلال فترة السحب، ومدى التزام الحكومة بجداول زمنية لإعادة الإحالة، وإمكانية أن يشمل هذا النهج قوانين أخرى مثل قانون العمل، والنتيجة النهائية ستحدد شكل العلاقة بين السلطتين ومصير مجموعة من التشريعات المؤثرة على الاقتصاد وسوق العمل والحقوق الاجتماعية في المملكة.