متحف الحياة البرلمانية في جبل عمّان…توثيق لعهد التأسيس والاستقلال

ضمن احتفالاتنا بعيد الاستقلال السادس والسبعين، لا بد من الإضاءة على مؤسسة وطنية تحتفظ بذاكرتنا السياسية وتوثق لتطور الحياة المدنية في الأردن على مدى مئة عام.

ففي أعرق منطقة بعمان تلك الممتدة من الدوار الأول وحتى الثاني حيث بيوتات أهم رجالات الأردن المؤسسين، وأبرز الدوائر الحكومية والسفارات والمؤسسات التعليمية، يقع متحف الحياة البرلمانية، والذي يؤرخ ويوثق لتأسيس الدولة الأردنية وحكاية الثورة العربية ومسيرة الحياة الديمقراطية في المملكة، ويضم أرشيفا وطنيا مهما الى جانب مقتنيات للعائلة الهاشمية ومواد تسجيلية وغيرها من العناصر المتحفية التي تأخذ الزائر في رحلة عبر الزمن وقرن كامل شهد تحولات سياسية واجتماعية وفكرية غيرت وجه التاريخ.

«الدستور» زارت المتحف قبل أيام وتجولت في أرجائه برفقة مديره الدكتور ماهر نفش، الذي قدم شرحا وافيا حول المتحف ومقتنياته ذات القيمة التاريخية الكبيرة.

متحف الحياة البرلمانية..الفكرة والأهداف

متحف الحياة البرلمانية الذي افتتح رسميا برعاية ملكية الأسبوع الفائت كانت قد انطلقت فكرته بتوجيه من جلالة الملك الراحل الحسين بن طلال، وذلك على اثر رعاية جلالته لحفل ثقافي، اقامته وزارة الثقافة في العام 1992، في مبنى مجلس الامة سابقا الذي يعود تاريخ بنائه الى العام 1946، وكان عائدا في ملكيته أنذاك لامانة عمان، حيث أوعز جلالته للدكتور خالد الكركي رئيس الديوان الملكي في تلك الفترة لنقل ملكيته إلى وزارة الثقافة، بغية تأسيس متحف للحياة السياسية فيه، الذي سيوثق عهد المغفور له الملك عبدالله الاول منذ قدومه إلى الاردن عام 1921 وحتى استشهاده 1951 تخليدا وتوثيقا لعهد الملك المؤسس، وحرصا من جلالته على تنمية الوعي لدى المواطنين كافة وتعريفهم بتاريخ الاردن من خلال التركيز على الحقبة التاريخية السياسية المهمة من تاريخ الاردن وتأسيسه، والتي قام بارساء دعائمها جلالة المغفور له الملك عبدالله الأول.

وما أن آلت ملكية مبنى مجلس الامة السابق لوزارة الثقافة حتى عملت في العام 1992 على تأسيس متحف الحياة السياسية الذي خطط له، ليكون بمثابة سجل تاريخي حافل يحتوي على الوثائق والصور والمخطوطات، التي تبين الوقائع والاحداث التاريخية والسياسية والثقافية والاجتماعية والعسكرية التي مر بها جلالة الملك المؤسس ورجالات الدولة من الرعيل الاول الذين اسهموا مع جلالته في البناء والعطاء، وقد جرى مؤخرا تغيير الاسم الرسمي للمتحف ليصبح «متحف الحياة البرلمانية» بدلا من «متحف الحياة السياسية».

أقسام وأجنحة المتحف

التصميم الخارجي للمتحف لم يبتعد عن تصاميم الدوائر الحكومية في المملكة خلال حقبة النصف الأول من القرن العشرين، الا أنه يتميز ببعض اللمسات الحداثية في التصميم بعيدا عن الأساليب التقليدية، ويقسم المتحف في الداخل إلى ثلاث قاعات، بحيث تحتضن قاعة العرش الرئيسية والتي كانت مكان انعقاد جلسات الاعيان والنواب في العام 1946، والندوات والفعاليات الثقافية والاجتماعية والسياسية المختلفة التي تعقدها الوزارة والتي تستضيف فيها شخصيات اردنية لها اسهامات كبيرة في بناء الاردن، ومازالت القاعة محافظة على طابعها العام وديكورها وقطع الأثاث والمقاعد والميكروفونات القديمة.

في حين تضم قاعة «المقتنيات» والتي تم تجميع موجوداتها من الديوان الملكي الهاشمي، في حين تم شراء بعضها من قبل جهات خاصة، كالوثائق والمخطوطات الصادرة في عهد الملك عبدالله الاول، وممتلكاته الشخصية كبدلته العسكرية وتلفونه وسيفه وزيه العربي وأقلامه وبعض أثاث مكتبه الخاص، إلى جانب علم الثورة العربية الكبرى، والعملة المتداولة في ذلك الوقت، وتحتضن أيضا صور وأسماء رؤساء الحكومات في تلك الفترة منذ تم تأسيس أول حكومة في نيسان من العام 1924، ولوحة نادرة تسجل مبايعة الشريف الحسين بن علي ملكا على العرب، ومجموعة أوسمة مختلفة صدرت في عهده، وعلم الجيش العربي في عهد الملك فيصل، والذي قدمه الملك فيصل إلى وزير الحربية يوسف العظمة عام 1920، وعلم معركة ميسلون، وعلم الملك فيصل وهو اول علم عربي رفع بدمشق بعد الثورة العربية الكبرى، وبعد احتلال عثماني دام اربعة قرون وتاريخ العلم 1918- 1920، والزائر للمتحف يلحظ وجود مساحات كبيرة في هذه القاعة تحمل مسميات لكنها لا تحتضن اية وثيقة أو قطعة تاريخية من تلك الفترة.

توثيق الحياة البرلمانية

يهتم المتحف بصورة خاصة في ابراز مسيرة الحياة الديمقراطية في الأردن منذ سمح بتشكيل الأحزاب مع تأسيس الدولة عام 1921 وتأسيس أول حزب سياسي رسمي وهو حزب الشعب عام 1927، وصولا الى اجراء أول انتخابات تشريعية على مستوى المملكة، حيث كان مقر البرلمان آنذاك يقع وسط عمان وبالتحديد جانب المدرج الروماني قبل أن ينتقل بعد الاستقلال الى موقع المتحف الحالي. يتتبع الزائر تطور الحياة البرلمانية عبر الصور والوثائق وأسماء أعضاء المجالس التشريعية المختلفة.

أما القاعة الثالثة والأخيرة فهي قاعة العروض السينمائية وفيها يتم عروض أفلام وثائقية عن الدولة الاردنية ومنجزاتها.

كما يضم المبنى قاعة التشريفات التي كان يستقبل بها الملك النواب والأعيان والضيوف، ومصلى ومقسم الاتصالات بكامل أجهزته القديمة.

الدستور

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة