محاصيل موسمية تفتح باب رزق “مؤقت” لأسر معوزة

فصل الشتاء.. فصل الخير المحمل ببركات السماء التي تصيب الأرض بين الحين والآخر، فتنبت محاصيل موسمية تشكل مصدرا رزق لأسر معوزة تقتفي أثرها في الجبال والسهول لجمعها وبيعها.

ومع قرب بداية فصل الربيع من كل عام تتسابق “الأيادي الخضراء” للبحث عن هذه النباتات البرية وجنيها من الجبال والوديان والسهول، بقصد بيعها على الطرقات العامة وفي الأسواق أملا في تحقيق دخل إضافي يساعد في تحسين الأوضاع المعيشية.

وإذ تعتمد عدد من الأسر في الأردن خلال هذا الموسم، على الاتجار بهذه النباتات عبر جمعها وبيعها على جوانب الطرقات وفي  الأسواق  الشعبية، أو من خلال بيعها لتجار أسواق الخضار.
الخبيزة والعكوب، والقريص واللوف والحميضة والفطر والكزبرة الخضراء والزعتر والميرمية والجعدة والقيسوم والبابونج والشيح وغيرها، كلها نباتات موسمية تنبت على أرض  الأردن ويحبها الناس.
وعلى جانب الطريق الواصل بين محافظتي الزرقاء وجرش، ينصب المتقاعد محمد القرعان بسطة صغيرة يبيع عليها أصنافا عدة من النباتات البرية، كالعكوب والحميضة والكزبرة البرية وغيرها، من الحشائش البرية الموسمية.
ويقول محمد: “منذ 4 سنوات أبيع هذه النباتات خلال فصل الربيع ودخلها يساعدني على تحقيق دخل إضافي في ظل المتطلبات المعيشية المتزايدة وهو يعينني على توفير مصروف يومي لأبنائي الذين ما يزالون على مقاعد الدراسة الجامعية”.
ويضيف القرعان، أنه كان لديه تخوف من أن يؤثر حلول شهر رمضان بالتزامن مع بداية فصل الربيع على مبيعاته من هذه النباتات، إلا أنه لاحظ وجود إقبال جيد على شراء هذه النباتات خاصة العكوب والحشائش البرية.
ويوضح القرعان آلية جمعه لهذه النباتات، إذ إنه يقصد مع ساعات الصباح الباكر، جبال ووديان بعض القرى الواقعة بين محافظتي الزرقاء وجرش لجمع نبتة العكوب لينتقل بعد جمعها وتنظيفها مع ساعات الظهر، إلى بيعها على “بسطته” الصغيرة.
ويواصل: “أما بقية النباتات، فأقوم بشرائها من بعض النسوة اللائي ينشطن في جمع النباتات الموسمية”.
أم صالح التي تأوي إلى ركن في طرف السوق الشعبي في محافظة الزرقاء، تقول لـ”الغد”: “إن الإقبال على شراء العكوب والخبيزة خلال الأسابيع الماضية، كان كبيرا للغاية حتى أنني توقفت عن البيع يومين حتى تمكنت من توفير كميات إضافية”.
وتضيف أم صالح التي تقطن في منظقة الأغوار الوسطى، أنها تعمل مع مجموعة من النساء في المنطقة، إذ إن بعضهن يتكفلن بجمع هذه النباتات ومجموعة أخرى، تنتقل إلى بيعها في محافظات أخرى من المملكة، خاصة في عمان والزرقاء والمفرق.
وتؤكد أم صالح، أنها معتادة منذ نحو عشر سنوات على ممارسة هذا النشاط التجاري خلال فصل الربيع، مبينة أن بيعها لهذه المنتجات انعكس إيجابا على وضعها الاقتصادي، إذ مكنها من مساعدة زوجها على إجراء إصلاحات وتشطيبات لبيتهما، إضافة إلى مساعدته جزئيا في تحمل المصاريف المعيشية المعتادة.
وفي السوق الشعبي ذاته، التقت “الغد” في جولة لها الخمسينية أم عبدالله التي أكدت وجود إقبال جيد من المتسوقين على شراء العكوب والخبيزة والفرفحينة (البقلة) والحويرنة، وتوضح أن الإقبال منذ بداية رمضان ملحوظ بشكل كبير على العكوب.
وحول أسعار بيع هذه الاصناف، بينت أم عبدالله التي تقوم بجني وجمع هذه النباتات من جبال منطقتي السخنة ودوقرا  في محافظة الزرقاء، أن سعر العكوب يترواح ما بين 3-6 دنانير للكيلو، وذلك، إن كان (منظف أم لا)، بينما يبلغ سعر ربطة الخبيزة التي تزن 2 كيلو نصف دينار، في حين أن سعر ربطة الحويرنة دينار وكذلك الفرحينة (البقلة).
إلى ذلك، قال أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك قاسم الحموري: “إن ممارسة هذا النوع من الأنشطة التجارية يندرج تحت بند الاقتصاد الموسمي، الذي تعتمد عليه كثير من الأسر في تحقيق دخل إضافي مؤقت، كما أنه يندرج ضمن اقتصاد الظل الذي توسع في الأردن مؤخرا بشكل كبير في ظل ارتفاع معدلات البطالة محليا”.
ويشار إلى أن اقتصاد الظل شكل من أشكال الاقتصاديات غير الرسمية، التي لا تدخل في حسابات الدخل القومي، والتي تقدر محليا وفق تقرير سابق للبنك الدولي بـ59 %.
وأكد الحموري، أن ممارسة هذا النوع من الأنشطة التجارية ينعكس إيجابا على بعض الأسر المعوزة التي لا يتوفر لديها رأس المال أو مهارات محددة، إذ يساعدها ذلك في تحسين مستواها المعيشي، كما أنه يمكنها من ادخار بعض الأموال التي قد تحتاجها في الظروف العصيبة.
واعتبر الحموري، أن هذه الأسر التي تمارس هذه الأنشطة تستحق التقدير والاحترام، لأنها تعتمد على نفسها في مواجهة ظروفها الصعبة، بدلا من اللجوء إلى أساليب أخرى كالتسول، داعيا المواطنين عبر “الغد”، إلى الشراء منهم وعدم بخسهم بضاعتهم عند الشراء.

 عبدالرحمن الخوالدة/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة