مدرسة حمود الثانوية بالكرك.. مائة عام على التعليم وخدمة المجتمع

لم تكن مدرسة حمود الاساسية، في بلدة حمود بالكرك، كغيرها من مدارس الوطن، فهي التي تأسست قبل مائة عام من تبرعات الاهالي وبمعلم واحد، إلا انها حملت على عاتقها في ذلك الوقت المبكر من تاريخ الوطن، ولفترة طويلة عبء خدمة المجتمع المحلي وتنميته اضافة إلى وظيفتها الاساسية وهي تدريس أبناء البلدة والبلدات المجاورة.
وتأسست المدرسة نهاية العام 1922 في بلدة حمود الصغيرة نسبيا قياسا للبلدات الاخرى بالمحافظة والتي تقطنها عشائر الهلسا، وكانت الثانية في محافظة الكرك بعد مدرسة الكرك الثانوية التي تأسست العام 1899.
وكانت المدرسة اولى المدارس في شمالي المحافظة، بجهود سكان البلدة الذي تطوعوا وقدموا ما مساحته 10 دونمات من الارض لبناء المدرسة وقتها، وتم البناء المكون من غرفتين على نفقة الاهالي، في حين وفرت وزراة المعارف وقتها معلما واحدا للمدرسة وآخر على نفقة الاهالي.
وطوال مائة عام من عمرها حصلت المدرسة على العديد من الاسماء من مدرسة حمود الاساسية الى المدرسة الاميرية إلى مدرسة حمود والسماكية قبل أن تستقر حاليا على اسم مدرسة حمود الثانوية.
وخرجت المدرسة عبر تاريخها الطويل آلاف الطلبة ممن درسوا فيها من بلدات حمود والسماكية والقصر والربة وفقوع والمغير وغيرها من بلدات وقرى شمالي المحافظة قبل أن تبدأ المدارس بالانتشار في تلك البلدات منتصف القرن الماضي.
وقد ساهمت مدرسة حمود طوال تاريخها الطويل وفقا لاهالي البلدة والمعلمين ومدراء المدرسة بحالة من النهوض بالبلدة وسكانها والقرى والبلدات المجاورة، فلم يقتصر دورها على التعليم فقط، بل كانت مركزا للتدريب على الزراعة الحديثة ووسائل تجميع مياه الامطار وانشاء الابار وري المزروعات المنزلية وتربية المواشي بشكل حديث وغيرها من وسائل التنمية للمجتمع المحلي، رغم صعوبة المنطقة ووقوعها على حد الصحراء في مناطق الكرك الشرقية.
ومؤخرا احتفلت الفعاليات التربوية بلواء القصر بمئوية انشاء المدرسة وسط حضور شعبي ورسمي كبير، من مختلف مناطق محافظة الكرك تقديرا لدور المدرسة واهالي بلدة حمود في خدمة التعليم والمجتمعات المحلية، وكرمت ممن تعاقب على ادارتها من المدراء منذ العام 1922 وحتى الان وعددهم 28 مديرا.
وقال مدير تربية لواء القصر سامر المجالي إن مدرسة حمود الثانوية والتي كانت أولى مدارس لواء القصر وشمالي المحافظة كلها كانت ثاني مدارس المحافظة وشكلت مركزا للتعليم لكل أبناء المنطقة ووفرت وزارة المعارف آنذاك معلما للمدرسة بعد استجابتها لطلب الاهالي ببناء المدرسة وبدء التعليم فيها، لافتا إلى أن مدرسة حمود شكلت في ذلك الوقت المبكر من عمر الدولة حالة تعليمية وتنموية مهمة وكان لها دور كبير ونقلة نوعية في المجتمع بتعليم أبناء المنطقة.
واشار المعلم ايوب هلسا احد مدراء المدرسة السابقين، إن انشاء المدرسة بغرفتين فقط كان بمبادرة من اهالي البلدة حيث خاطبوا وزارة المعارف وقتها وقدموا راتبا لمعلم اضافي على نفقتهم الخاصة، لافتا إلى أن المدرسة كانت بداية مدرسة مختلطة حتى الصف الرابع الابتدائي، متابعا أن الطلبة كانوا يأتون للمدرسة سيرا على الاقدام من بلدات بعيدة عن حمود لتلقي التعليم في المدرسة الوحيدة التي كان انشاؤها علامة فارقة في المجتمعات المحلية في شمالي الكرك.
وبين أن وزارة المعارف قدمت ما هو ممكن وقتها ضمن الامكانيات المتاحة للمدرسة، مؤكدا أن المدرسة كانت مركزا للتطوير والتحديث ومساعدة المجتمع المحلي في الزراعة وتوفير مياه الشرب النظيفة بانشاء ابار المياه.
وقال احد مدراء المدرسة في ستينيات القرن الماضي عبدالسلام البطوش، إن انشاء مدرسة حمود الاساسية في وقت مبكر وفي ظروف اقتصادية صعبة وفي بلدة بعيدة عن مركز المحافظة دليل وعي الاهالي والسكان واستجابة وزارة المعارف لانشاء المدرسة كان عاملا مساعدا لتستمر المدرسة لاحقا وعدم توقفها طوال تلك السنوات، مشيرا إلى أن المدرسة ساعدت المجتمع والمجتمعات المحيطة لتوفير التعليم لابناء المنطقة وعدم بقائهم رهنا للامية المطبقة في تلك الفترة من عمر الدولة، لافتا إلى أن المدرسة شكلت لهم مكانا للتعليم وسط ظروف صعبة وقاسية على الاهالي.
وقال خالد برقان احد أبناء بلدة حمود ورئيس جمعية احياء التراث بالبلدة إن مدرسة حمود كانت نتيجة لحالة الوعي المبكر لاهالي البلدة في اهمية تعليم الابناء وابناء المناطق المحيطة، مشيرا إلى أن المدرسة بنيت على نفقة الاهالي ومن خلال تبرعاتهم.
واشار الى أن المدرسة كانت معلما مهما في بلدة حمود التي انشأت اضافة للمدرسة في وقت مبكر ايضا سوقا تجاريا لخدمة منطقة شمالي الكرك ومأدبا والبادية الوسطى اضافة إلى بناء مطحنة حبوب “بابور” في سنوات مبكرة من القرن الماضي وهي انجازات لاهالي بلدة حمود ادراكا منهم باهمية التعليم وتوفير الدعم الاقتصادي لادامته وذلك من اجل تحسين مستوى معيشة المواطينن، لافتا إلى أن المبنى القديم للمدرسة يجري الان ترميمه بشكل جيد لاعادة استخدامه كمدرسة أو مركزا تعليميا وثقافيا ضمن محيط البناء الجديد.
وبين أن المدرسة التي مرت بسنوات عديدة تبدل فيها اسمها لتستقر اخيرا على مدرسة حمود الثانوية تعاقب على التدريس فيها مئات المدراء والمعلمين من مختلف مناطق المحافظة والمملكة، وما زالت ذاكرة البلدة والاهالي تحفظ الكثير من الذكريات التاريخ الطويل.

هشال العضايله / الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة