مزارعون بعجلون يبتعدون عن استصلاح أراضيهم لكلفها الباهظة

=

أخذ مزارعون يمتلكون مساحات شاسعة من الأراضي الوعرة والصخرية في محافظة عجلون، يعزفون عن استصلاح أراضيهم واستغلالها في زراعات متنوعة، لارتفاع كلف الاستصلاح، وتراجع أسعار محاصيل منتجات الخضراوات والفاكهة والزيتون، التي يمكن أن تزرع في تلك الأراضي.
ولا يجد المزارعون ما يشجعهم على استصلاحها، لاسيما في ظل غياب الدعم الرسمي لهم، ومحدوديته في حال توافره، بحيث لا تغطي المبالغ سوى جزء بسيط من كلفة استصلاح الدونم الواحد التي تصل إلى ألفي دينار غالبا.
ووفق أرقام مديرية الزراعة، فإنة لم يجر تخصيص اي مبالغ لاستصلاح الأراضي الصخرية العام الحالي، او ضمن موازنة العام المقبل، باستثناء 60 ألف دينار خصصت للحصاد المائي “مشاريع عمل الآبار”.
وبدأ آخرون كانوا تمكنوا من استصلاح مساحات وعرة من اراضيهم في سنوات سابقة، وعلى نفقتهم الخاصة، أو بدعم متواضع من وزارة الزراعة”، يعانون من تدني أسعار الخضراوات وكثير من انواع الفاكهة كالعنب والرمان، وحتى أشجار الزيتون التي بات انتاجها من الزيت والثمار متدنيا جدا، ومهددا بالكساد.
وتبلغ نسبة الاراضي الوعرة والصخرية غير المستغلة زراعيا في المحافظة، برغم صلاحيتها للزراعة، حوالي 40 % من مساحة الاراضي الزراعية، وهو ما يعيده مختصون ومواطنون الى صعوبة تضاريس المنطقة، وارتفاع كلف إصلاحها وشيوع الملكية، وعدم توافر الطرق الزراعية.
ويقول المزارع حسين الخطاطبة إن تكلفة استصلاح الأراضي الوعرة لغايات الزراعة وعلى حساب المزارع مرتفعة، بحيث تتجاوز كلفة الدونم الواحد ألفي دينار في معظم الأوقات، وتشمل أجور عمال وكلف سلاسل حجرية وأجور آليات حفر وتجريف، هذا في ظل محدودية الدعم الحكومي، وعدم كفايته في حال توافره، بالإضافة لانخفاض اسعار انتاج تلك الأراضي بعد استصلاحها من الخضراوات والفاكهة التي أصبحت غير مجدية ومشجعة للمزارعين ولا تحقق أي هامش ربح.
ويؤكد أحمد فريحات، أنه عمل على استصلاح قطعة الأرض خاصته، وتبلغ مساحتها 11 دونما بمبلغ زاد على 30 ألف دينار، بحيث توزعت بين أجور آليات حفر وتجريف وعمال وشراء “برابيش” للري، وعمل برك مائية وأثمان غراس، من دون تلقي أي مبالغ من “الزراعة”، سواء على شكل منح أو قروض.
وقال إن انخفاض أسعار الخضراوات والفاكهة، وحتى تراجع أسعار الزيت والزيتون ومواجهته حالة كساد منذ عدة مواسم، تسبب بعزوف المزارعين عن استصلاح المساحات الوعرة التي يمتلكونها.
ويقول عبدالله اسماعيل، إن محافظة عجلون فيها الكثير من المساحات الصالحة للزراعة، بينما ما تزال مهملة وغير مستغلة زراعيا بسبب محدودية الدعم، مشيرا إلى أن بقاء تجمعات سكانية وأراض سياحية خارج حدود التنظيم، أمر غير مقبول، ما يستدعي زيادة المساحات المنظمة التي ستسارع في عملية التنمية الشاملة، وذلك باستغلال أراضيهم في حال توافر خدمات البنى التحتية بمشاريع متنوعة زراعية وسياحية.
وطالب بضم تجمعات وأحياء في مناطق عدة بالمحافظة، ضمن حدود تنظيم البلديات، لتسهيل وصول الخدمات من كهرباء ومياه وطرق.
ويقول محمود الزغول، إن صعوبة تضاريس المنطقة وارتفاع كلف استصلاحها وعدم كفاية الطرق الزراعية، يستدعي من الحكومة توجيه الدعم الكافي، وتذليل العقبات للاستثمار في قطاع الزراعة الذي يعد خصوصية، تميز المحافظة إلى جانب السياحة، لافتا إلى أن كلفة استصلاح الدونم الواحد، تحتاج إلى ألفي دينار، بينما كان لا يزيد الدعم الحكومي في سنوات سابقة على مائتي دينار قبل توقفه تماما منذ عدة سنوات.
وزاد أن أكبر عائق أمام المزارعين من استغلال أراضيهم الصالحة للزراعة، يتمثل بانخفاض أسعار المحاصيل وضعف كميات المياه المخصصة للري، والتي تتذبذب من عام لآخر وفقا لمعدلات الهطل المطري، ما يستدعي من الجهات المعنية، البحث عن مصادر مياه واستغلال سد كفرنجة لأغراض الري، كما جاء من ضمن أهدافه.
ويقول المزارع ابو إياس، إنه تمكن قبل سنوات من استصلاح قطعة أرض صخرية ووعرة بكلفة تجاوزت الـ4 آلاف دينار للدونم الواحد، مشيرا إلى أنها أصبحت تدر عليه دخلا جيدا، بعد أن زرعها بالأشجار المثمرة، داعيا الحكومة لتوفير منح وقروض ميسرة وكافية، كي يتمكن المزارعون من استصلاح أراضيهم المهملة.
ووفق دراسات سابقة لهيئة الاستثمار، فإن المساحة غير المستغلة زراعيا في المحافظة تبلغ 53 % من أصل 27 % من مساحة المحافظة الكلية الصالحة للزراعة، برغم أن المحافظة تحظى بميزات مناخية جيدة، وطابع زراعي وأعلى معدلات هطل مطري، ما يجعلها ذات تنوع زراعي، يشتمل على التفاحيات واللوزيات والزيتون والعنب والتين وأنواع كثيرة من الفواكه.
ودعا المهندس الزراعي وعضو ورئيس لجنة الزراعة في مجلس المحافظة السابق، سامي فريحات، الحكومة لإيجاد الدعم الكافي، وتذليل العقبات للاستثمار في قطاع الزراعة الذي يعد خصوصية تميز المحافظة، مشيرا إلى أن اكبر عقبة تواجه المزارعين هي كلف استصلاح الأراضي الوعرة.
وقال فريحات، إن اكبر معضلة تواجة التنمية والاستثمار الزراعي واستغلال الأراضي الزراعية بشكل صحيح في المحافظة، هي شيوع الاراضي وتفتت الملكيات، ما جعل قسما كبيرا وعدة مساحات تتحول إلى أراض مهجورة وشبه حرجية بصورة واضحة، قد تختلف عن غيرها من المحافظات.
يشار إلى أنه وبعد أن سمح بإفراز دونمين في المحافظة، فقد استقبلت دائرة أراضي المحافظة مئات معاملات الإفراز لإزالة الشيوع بين الشركاء.
مدير زراعة المحافظة المهندس حسين الخالدي، قال إنه لم يخصص على موازنة العامين الحالي والمقبل، أي مبالغ لاستصلاح الأراضي الوعرة والصخرية، باستثناء 60 ألف دينار، خصصت للحصاد المائي وعمل الآبار.
واشار الخالدي إلى أن المساحات الزراعية المستغلة في المحافظة تبلغ 100 ألف دونم، فيما تبلغ مساحة الأراضي الحرجية 34 % من مساحة المحافظة البالغة 419 كلم 2، بينما يوجد 82 ألف دونم مزروعة بالزيتون، و21 ألفا بالحمضيات والكرمة والفاكهة.
يذكر ان مزارعين نفذوا في سنوات سابقة، عمليات استصلاح لمساحات كبيرة من الأراضي التي كانت مهملة، وحققت حينها نجاحات كبيرة لكثير من مشاريع مزارعين مقتدرين ماديا، استصلحوا أراضيهم الوعرة والصخرية وزرعوها بالكروم والأشجار المختلفة، بحيث أصبحت حينها تدر عليهم دخولا جيدة.

عامر خطاطبة/  الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة