“مسيرة الأعلام”.. غليان بالقدس وإصابات بمواجهات عنيفة

دانت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين السماح لمتطرفين وأحد أعضاء الكنيست الإسرائيلي باقتحام المسجد الأقصى المبارك / الحرم القدسي الشريف، وتحت حماية الشرطة الإسرائيلية، محذرة من تفاقم الأوضاع في ضوء السماح بالمسيرة الاستفزازية والتصعيدية في القدس المحتلة.
وأكد الناطق الرسمي باسم الوزارة السفير هيثم أبو الفول أن اقتحامات المتطرفين وتصرفاتهم الاستفزازية، التي تتم بحماية من الشرطة الإسرائيلية، تعد انتهاكا للوضع التاريخي والقانوني القائم، وللقانون الدولي، مشددا على أن المسجد الأقصى المبارك / الحرم القدسي الشريف بكامل مساحته البالغة 144 دونماً هو مكان عبادة خالص للمسلمين، وأن إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك الأردنية هي الجهة القانونية صاحبة الاختصاص الحصري بإدارة شؤون الحرم وتنظيم الدخول إليه.
وطالب الناطق الرسمي باسم الوزارة إسرائيل، بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، بالكف عن جميع الممارسات والانتهاكات بحق المسجد الأقصى المبارك، واحترام حرمته، مشددا على ضرورة وقف جميع الإجراءات التي تستهدف تغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم، واحترام سلطة إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك.
إلى ذلك، شهدت القدس المحتلة، الأحد، توترا وغليانا غير مسبوقين، باندلاع مواجهات عنيفة بين الشبان الفلسطينيين والمستوطنين المتطرفين، وسط انتشار أمني إسرائيلي كثيف لمواكبة مسار “مسيرة الأعلام”، التي انطلقت رغم الرفض العربي والتحذيرات الفلسطينية من تبعاتها، في ظل تصدي الفلسطينيين والفصائل الفلسطينية لعدوان الاحتلال ضد المسجد الأقصى المبارك لحمايته والدفاع عنه.
وتقدم عضو “الكنيست” الإسرائيلي، المتطرف “ايتمار بن غفير”، وشخصيات سياسية وأمنية وبرلمانية إسرائيلية، ومن المستوطنين المتطرفين المشاركين في “مسيرة الأعلام”، تلبية لدعوات الجماعات اليهودية المتطرفة، وبحماسة شديدة من رئيس حكومة الاحتلال، المتطرف “نفتالي بينيت”، بعيدا عن التحديات الأمنية والسياسية التي قد تقود إلى تفجر الأوضاع والمساس بمصير الائتلاف الحكومي اليميني الهش نفسه.
وانطلقت “مسيرة الأعلام” في محيط البلدة القديمة بالقدس المحتلة وصولا إلى حائط البراق بالمسجد الأقصى، حيث اتخذت عدة مسارات؛ منها عبور البلدة القديمة بالقدس وصولا إلى حائط البراق، مقابل السير عبر باب العامود إلى طريق الواد، أو المرور عبر باب الخليل، والحي الإسلامي في محيط الأقصى.
وعلى وقع أزيز طيران الاحتلال فوق سماء قطاع غزة لقمع الغضب الفلسطيني ضد العدوان على القدس؛ اندلعت المواجهات العنيفة بين الشبان الفلسطينيين والمستوطنين المتطرفين، الذين اقتحموا بمجموعات كبيرة يتقدمهم المتطرف “بن غفير”، باحات المسجد الأقصى المبارك، من جهة “باب المغاربة”.
ورفع المستوطنون المتطرفون الأعلام الإسرائيلية في باحات المسجد الأقصى، بحماية شرطة الاحتلال التي اعتدت على المصلين والمعتكفين الفلسطينيين ونفذت حملة اعتقالات عشوائية بين صفوفهم.
ولأول مرة في تاريخ المسجد الأقصى؛ قام المستوطنون بأداء ما يسمونه “السجود الملحمي” بالجملة في الساحة الشرقية للمسجد الأقصى تحت حماية قوات الاحتلال، ونفذوا الجولات الاستفزازية في باحاته وتلقوا الشروحات الزائفة عن “الهيكل”، المزعوم، كما أدوا الطقوس التلمودية في ساحات الأقصى، بالرغم من إدعاء سلطات الاحتلال بوجود قرار بمنع أداء هذه الطقوس، مما ثبت زيف مزاعمهم.
وقام نشطاء اليمين الإسرائيلي والمستوطنون المتطرفون بالرقص أمام المسجد الأٌقصى وهم يلوحون بالأعلام الإسرائيلية، للاحتفاء بما يسمى “يوم توحيد القدس”، بمناسبة احتلال القدس في العام 1967، وسط انتشار كثيف لقوات الاحتلال التي حاصرت المصلين داخل المصلى القبلي بالمسجد، عقب إغلاقه بالسلاسل الحديدية.
إلا أن المصلين والمعتكفين المحاصرين واجهوا الاقتحامات برفع العلم الفلسطيني في ساحات الأقصى وترديد التكبيرات والهتافات للأقصى والقدس، فيما قام الشبان الفلسطينيون بالصلاة عند أبواب الأقصى وسط انتشار كثيف للشرطة الإسرائيلية، بسبب منعهم من دخوله، وفق وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية.
وفي وقت سابق؛ أفرغت قوات الاحتلال منطقة باب العامود بالكامل من المقدسيين، وأغلقت المحال التجارية في البلدة القديمة، ودفعت أكثر من ثلاثة آلاف من عناصرها إلى البلدة القديمة في القدس المحتلة والمسجد الأقصى، وفق المواقع الإعلامية الإسرائيلية، لتأمين اقتحامات المستوطنين للأقصى، الذي زاد عددهم عن 1800، وتأمين مسار “مسيرة الأعلام” الاستفزازية.
وانتشرت قوات الاحتلال عند باب العامود وشددت من إجراءاتها، ونصبت حواجزها العسكرية داخل أسوق البلدة القديمة، وعلى الطرقات المؤدية للمسجد الأقصى، كما انتشرت في محيط المصلى القبلي وتمركزت من محيطه ومنعت الفلسطينيين من الاقتراب والدخول إليه بعد إغلاقه بالسلاسل ومحاصرة المصلين داخله.
وقد تمكن العديد من الفلسطينيين كسر الأقفال قبل أن تعيد عناصر شرطة الاحتلال إغلاق أبواب المسجد القبلي بالسلاسل الحديدية مجددا، وكسر أقفال مئذنة باب المغاربة واعتلاء أسطح المسجد القبلي المحاصر، الذي اقتحموه من جهة باب الجنائز وأطلقوا الغاز والرصاص المطاطي تجاه المعتكفين داخله، واعتدوا بالضرب على المعتكفين بساحات الحرم.
ونفذت قوات الاحتلال حملة اعتقالات واسعة بين صفوف الفلسطينيين، واعتدت عليهم بالضرب، كما اعتدت على السيدات الفلسطينيات بالدفع بقوة، وأخرجتهن من المسجد، وفرضت إجراءات مشددة على دخول المصلين للأقصى، ومنعت الشبان والفتية من الدخول لساحاته لتأدية الصلاة، حيث سمحت فقط للمسنين ولمن تزيد أعمارهم على 40 عاما بالدخول والصلاة في رحابه.
في سياق متصل، اعلن الهلال الأحمر الفلسطيني عن إصابة عشرات الشبان الفلسطينيين في المواجهات العنيفة التي اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدة مناطق في الضفة الغربية المحتلة.
وأوضح الهلال الأحمر أنه سجل 6 إصابات حتى الآن في المواجهات المندلعة في منطقة “بيت ايل” في رام الله.
وبين أن طواقمه تعاملت مع 52 إصابة في المواجهات المندلعة في مناطق مختلفة في نابلس شمال الضفة.
ولفت إلى أن هذه الإصابات سجلت في المواجهات المندلعة في دير شرف بيتا وحاجز حوارة.
وقد تواصلت ردود الفعل الفلسطينية الغاضبة؛ إذ قال المجلس الوطني الفلسطيني، إن “مسيرة الأعلام” الاستيطانية عدوان صريح على سيادة الشعب الأبدية على عاصمته وحقوقه ومقدساته واستفزاز لمشاعره”.
وأكد نائب رئيس المجلس، علي فيصل، أن “الشعب الفلسطيني، بمسلميه ومسيحييه، قادر على إفشال محاولات الاحتلال للمس بحقوقه”، مُحملا حكومة الاحتلال، المسؤولية الكاملة عن “تداعيات تلك السياسات والإجراءات الإرهابية التي يصر عليها رئيس حكومة المستوطنين نفتالي بينيت”.
وأشار إلى أن الاحتلال يسعى إلى “تحقيق مكاسب في إطار الصراع الداخلي، وكسب سباق التطرف مع الأحزاب اليمينية، وتكريس التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى”، داعياً، المجتمع الدولي إلى وقف العدوان الإسرائيلي على القدس وأهلها.
من جانبه، قال المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة إن “الاحتلال الإسرائيلي يلعب بالنار بلا مسؤولية وبتهور شديد من خلال السماح للمستوطنين بتدنيس المقدسات في القدس المحتلة وتصعيد عمليات القتل”.
وقال أبو ردينة، إن سلطات الاحتلال تستهتر بالمجتمع الدولي، ولا تحترم قرارات الشرعية الدولية، وتعتبر نفسها فوق القانون، مطالباً المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأميركية بتحمل مسؤولياتها، فطريق الأمن والسلام في المنطقة يمر من خلال تلبية الحقوق الوطنية الفلسطينية.
فيما اعتبر خطيب المسجد الأقصى المبارك، الشيخ عكرمة صبري، أن “مسيرة الأعلام استفزازية”، وفيها استفزاز لمشاعر المسلمين، مشددا على أن مزاعم الاحتلال أنها تأتي في يوم “توحيد القدس”، هي مزاعم كاذبة.
ورأى صبري أن الاحتلال والمستوطنين يقصدون بمسيرة الأعلام، التحدي والاستفزاز لمشاعر المسلمين، مبينا أنها “تأتي إلى باب العامود، وهو موطن المقدسيين، بما يعد اعتداء على المقدسيين”.
من جانبه، قال الناطق باسم حركة “حماس”، فوزي برهوم، إن “المعركة من أجل القدس والأقصى مقدسة، ومفتوحة مع الاحتلال لن تتوقف إلا بتحقيق أهداف الشعب الفلسطيني بالتحرير والعودة وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس”.
وأكد “المواقف الثابتة للمقاومة الفلسطينية ورسائلها الواضحة للاحتلال والتضحيات العظيمة للشعب الفلسطيني في القدس والتي تتجسد في باحات المسجد الاقصى وعند بواباته، مثلما تمثل استعداد وجهوزية الشعب الفلسطيني ومن خلفة المقاومة للدفاع عن الأقصى وصد عدوان الاحتلال”.
وبالمثل؛ أكدت حركة “فتح”، أنها ستبقى تدافع عن المسجد الأقصى والمقدسات مهما كان حجم التضحيات، مؤكدة تمسك الشعب الفلسطيني بالدفاع عن الأقصى، والمقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس عاصمة دولة فلسطين.
ودعت إلى الصمود في مواجهة الاحتلال ومستوطنيه والدفاع عن القدس والأقصى، وإفشال كل المخططات التي تستهدفها، مؤكدة أن مصير هذه المخططات الفشل كما سابقاتها، وأن الشعب الفلسطيني سينتصر ويحقق أهدافه بالتحرير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.

نادية سعد الدين/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة