معارك الزيتون.. المقاومة تثبت جدارتها وتفاجئ الاحتلال بأساليب قتالية متطورة

تكشف الوقائع الميدانية المتتالية في حي الزيتون جنوب مدينة غزة أن المقاومة الفلسطينية باتت تخوض معاركها بأسلوب أكثر تنظيماً وجرأة، في وقت يعترف فيه الإعلام العبري وقادة عسكريون في جيش الاحتلال بأنهم يواجهون خصماً يزداد قوة وخبرة، خلافاً لما كان عليه الحال في مراحل سابقة من العدوان.
ونقلت صحيفة “معاريف” العبرية عن مصدر عسكري “إسرائيلي” قوله إن مقاتلي حركة حماس في حي الزيتون أظهروا قدرة أكبر على التنظيم والمواجهة المباشرة، على عكس ما جرى في بيت حانون قبل أسابيع. وأكد المصدر أن مقاتلي المقاومة لجأوا إلى تلغيم المحاور بالعبوات الناسفة، وشنوا عمليات متكررة بإطلاق صواريخ مضادة للدروع ضد قوات الاحتلال.
ويحمل هذا الاعتراف من داخل المؤسسة العسكرية للاحتلال دلالات بالغة الأهمية، فهو يشير إلى أن المقاومة طورت أساليبها بسرعة لافتة، بحيث أربكت الخطط الميدانية للجيش. ويؤكد أيضا أن الاحتلال اضطر للإقرار بجرأة المقاتلين في المواجهة المباشرة، خلافاً للرواية التي حاول تسويقها عن انهيار المقاومة أو تراجعها.
بطولات القسام وسرايا القدس
وأعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، عن سلسلة عمليات نوعية في الحي خلال الأيام القليلة الفائتة، أبرزها:
– استهداف دبابات ميركافا وجرافات D9 بقذائف “الياسين 105″، وهو سلاح محلي الصنع يثبت قدرته في مواجهة أكثر الدبابات تحصيناً.
– تنفيذ كمين مركب ضد قوة صهيونية تحصنت داخل منزل في أرض البرعصي، عبر قذائف “TBG” وإطلاق الرصاص المباشر على القناصة، ما أوقع إصابات محققة في صفوف العدو.
– استهداف متكرر لدبابات ميركافا في محاور مختلفة من الحي، بما يعكس الانتشار الميداني الفاعل لوحدات المقاومة.
أما سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، فقد أكدت بدورها أنها قصفت مقرات قيادة وسيطرة لجيش الاحتلال في أرض البرعصي ومدرسة الفرقان، مستخدمة قذائف الهاون، كما أعلنت تدمير آلية عسكرية جنوب الحي.
هذه العمليات لا تؤشر فقط إلى استمرار المقاومة، بل إلى توسعها في ضرب مقرات القيادة الميدانية للعدو، ما يعني الانتقال من استهداف الآليات والدبابات إلى شلّ منظومة القيادة والسيطرة، وهو تطور استراتيجي بالغ الأثر.
دلالات ميدانية
ويؤكد المشهد في حي الزيتون أن المقاومة لم تعد تدافع بشكل تقليدي، بل باتت تستنزف العدو عبر العبوات المضادة للدروع والكمائن المحكمة، وتعيد التموضع بسرعة بما يمنع الجيش من فرض سيطرة كاملة على أي مساحة، وتنقل المعركة إلى مراكز القيادة والسيطرة، وهو ما يشكل نقطة ضعف أساسية في تكتيكات الاحتلال.
وأعلن جيش الاحتلال أنه دفع بتشكيلات كبيرة إلى حي الزيتون، بينها لواء الإطفاء 990، ولواء النحال، واللواء السابع للمدرعات، في محاولة للسيطرة على المنطقة وإحكام الطوق على مدينة غزة. لكن اعترافاته المتكررة عبر الإعلام العبري بأن مقاتلي المقاومة يبدون أكثر تنظيماً وجرأة، تثبت أن هذا الهدف لم يتحقق، وأن الحصار لم يُترجم إلى تفوق ميداني حاسم.
وتمثل معارك حي الزيتون نموذجاً واضحاً لقدرة المقاومة الفلسطينية على التكيّف والتطور تحت النار، وتحويل محاولات الاحتلال للسيطرة إلى فرصة لاستنزافه. والأهم أن الإعلام العبري نفسه بات يقر بأن مقاتلي حماس وسرايا القدس لا يكتفون بالصمود، بل يهاجمون ويبتكرون أساليب تضرب هيبة الجيش وتبدد أوهام “الحسم السريع”.
وبهذا المعنى؛ فإن “الزيتون” لم يعد مجرد حي في غزة، بل ساحة تختزل حقيقة الصراع: شعب يواجه الإبادة ويبدع في المقاومة، وجيش احتلال يراكم الخسائر رغم تفوقه التكنولوجي والعسكري.
وكالات