معالي الوزير الدكتور عزمي محافظة: صراحة نابعة من المسؤولية الوطنية والإصلاح الحقيقي للتعليم العالي. // د. باسم محمد القضاة

عبّر معالي الوزير الدكتور عزمي محافظة، بكل وضوح وشفافية، عن الواقع المؤلم الذي وصل إليه التعليم العالي في الأردن، واضعًا يده على الجرح دون مواربة، في موقف يعكس وعيًا عميقًا بمسؤوليته المهنية والعلمية، واستجابة حقيقية لتوجيهات جلالة الملك عبد الله الثاني الرامية إلى الإصلاح الشامل، وعلى رأسه إصلاح المنظومة التعليمية بمختلف مستوياتها.
وفي هذا الإطار، فإن إصلاح التعليم العالي لا يمكن أن يتم بمعزل عن مراجعة جذرية وشاملة لمنظومة التشريعات والسياسات المرتبطة به، وعلى وجه الخصوص، نظام الترقيات الأكاديمية، وتعليمات إعداد رسائل الماجستير وأطروحات الدكتوراه، إلى جانب ضرورة تفعيل دوائر الجودة والاعتماد والنزاهة الأكاديمية، وتعزيز الرقابة لمكافحة كل أشكال التزوير والانتحال العلمي.
ما يدعو للتأمل، هو حجم الانتقاد والتشكيك الذي واجه به البعض تصريحات الوزير، رغم أنها جاءت نابعة من حرص صادق على مستقبل التعليم ومكانته، لا بهدف التقليل من شأنه أو تشويه صورته. إن ما عبّر عنه معالي الوزير لم يكن انتقادًا سلبيًا، بل توصيفًا واقعيًا لحال التعليم العالي، أضاء من خلاله على مواطن الخلل والتراجع، بطريقة شجاعة ومسؤولة، لا بد من تثمينها لا محاربتها.
إن مواجهة التحديات التي يعاني منها القطاع التعليمي، لا تكون بالتغاضي أو التجميل أو مجاراة الواقع السلبي، بل بالاعتراف بالخلل والعمل الجاد على معالجته. فليس من المنطق أن نغلف المشكلات بغربال المجاملة أو أن نلتمس الأعذار لتراجع الأداء، بل علينا أن نتحلى بالشجاعة والموضوعية في تشخيص الواقع، تمهيدًا لوضع خطة إصلاح علمية ممنهجة، تنطلق من المصلحة الوطنية العليا وتعيد لهذا القطاع الحيوي بريقه ودوره الرائد في بناء مستقبل الوطن.
تصريحات معالي الوزير، وإن كانت صادمة للبعض، إلا أنها تحمل في طياتها غيرة وطنية حقيقية وولاءً صادقًا للقيادة، وحرصًا على مصلحة الشعب الأردني، بما يضمن أن يبقى التعليم العالي في الأردن رافدًا للتنمية، لا عبئًا عليها.