مــــــــــن أهــــــــــــل الإخــــــــــلاص؟/ الداعية نائلة هاشم صبري

قال تعالى: « قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ « سورة الزمر –الآية 5.

إن الله –سبحانه وتعالى- أمر رسوله –صلى الله عليه وسلم- أن يخلص في عبادته وأن يعبده وحده لا شريك له. فكان –صلى الله عليه وسلم- أول من حطمّ الأصنام في الكعبة، وأسلم وجهه لله خالصاً مؤمناً.

ما الإخلاص؟

الإخلاص أن يعمل الانسان ابتغاء مرضاة الله –جل جلاله- من غير كسب مال أو جاه. وأن الإخلاص يبعث على العمل الجادّ المثمر، ومن خلاله يتحمل الانسان التعب بالرضى فلا يشكو ولا يتمنن، ويندفع بحيويته ونشاطه ويبذل الكثير من طاقته وجهده ويقترن عمله بنية خالصة وعاطفة صادقة، ويتقرب بعمله هذا الى الله لا ينتظر من أحد جزاء ولا يريد شكوراً على عمله.

صورة من الإخلاص

تتماثل أمامي وتردد في خاطري صورة حية لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- وهو يجوب الأزقة والطرقات ويتفقد رعيته ويقف متمسّمراً أمام باب يستمع الى حديث أم مع ابنتها. تقول الأم لابنتها: قومي يا بنية الى الحليب وامزجيه بالماء استعداداً لبيعه في الصباح. أجابتها الإبنة بكل إيمان وإخلاص: كلّا يا أماه إن أمير المؤمنين أرسل منادياً ألّا نغشّ الحليب. فقالت لها أمها (بإصرار): إن أمير المؤمنين نائم لا يبصرنا، وهنا انتفضت الابنة انتفاضة التقوى والإخلاص والايمان: «إن كان أمير المؤمنين بعيداً عنّا فربّ أمير المؤمنين ليس عنا ببعيد، ولئن نجونا من عذاب الدنيا فلن ننجو من عذاب الآخرة».

وهنا أُعجب أمير المؤمنين بمواقف الابنة الايماني المشرّف واخلاصها المكين فطلب يدها لابنه عاصم.

أين أهل الإخلاص

لقد ضعف الإخلاص عند الكثيرين من أبناء مجتمعنا من مسؤولين وموظفين وأصحاب المهن والحرف مما جعلنا أمة ترجع القهقرى فنحن بحاجة ماسّة الى المخلصين الشرفاء والأمناء … فأين هم؟

أما المسؤول الذي يؤدي واجبه بإخلاص يكدّ ويتعب في سبيل مصلحة بلاده وطلباً لرضى ربه فهو في عبادة، والمرأة التي تحافظ على بيتها وتهتم برعاية أطفالها هي في عبادة، والمعلم الذي يخلص في أداء رسالته ويقوّم اعوجاج تلاميذه ويبث فيهم روح المبادئ السّامية وحب الدين والعلم والوطن هو في عبادة، والطبيب الذي يعالج مرضاه بوحي من اخلاصه وحبّه لأبناء بلده هو في عبادة، والمهندس الذي يعدّ خطوطاً لبناء عمارة ويخلص في اعدادها ويعدّ هذا منفعةً لأُمته وازدهاراً لبلاده هو في عبادة.

والمصلي الذي يؤدي صلاته في خشوع بلا رياء، ويتجه الى الله –سبحانه وتعالى- مخلصاً هو في عبادة، وكذلك الصائم والمزكي والحاج إذا اخلصوا بأداء الفروض هم في عبادة.

والتاجر إن صدق في كلامه وأمانته هو في عبادة، والقاضي بعدله واخلاصه وقوله كلمة الحق هو في عبادة. والعالم الذي يقول كلمة الحق ويواجه بها المسؤول هو في عبادة.

والمجاهد الذي يقاتل في سبيل الله لإعلاء كلمة الله بعيداً عن المراءاة هو في عبادة (عن عبد الله بن عمرو بن العاص –رضي الله عنهما- قلت: يا رسول الله أخبرني عن الجهاد والغزو فقال: «يا عبد الله بن عمرو إن قاتلت صابراً محتسباً بعثك الله صابراً محتسباً، وإن قاتلت مرائياً بعثك الله مرائياً. يا عبد الله بن عمرو أي حال قاتلت أو قتلت بعثك الله على تلك الحال»). أخرجه أبو داود.

وبعد: فالإخلاص يعدّ فضيلة من الفضائل به تتوطّد الثقة والعلاقة بين الافراد والجماعات، فلتكن أعمالنا كلّها بإخلاص فالله –عزوجل- يراقبه… ولنبتعد عن الرياء فهو يُعد الشرك الأصغر.

(عن محمود بن لبيد –رضي الله عنه- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: «إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر». قالوا: يا رسول الله وما الشرك الأصغر. قال: «الرياء»). أخرجه أحمد

 

اللهم قد بلغت.. اللهم فاشهد

الدستور

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة