«ملتقى عمان الثقافي 17» أكاديميون ومتخصصون يتأملون الثقافة والمجتمع في المئوية الثانية للدولة الأردنية

برعاية وزيرة الثقافة هيفاء النجار، نظمت وزارة الثقافة يوم الثلاثاء الماضي ملتقى عمّان الثقافي السابع عشر تحت عنوان «الثقافة والمجتمع في المئوية الثانية» والذي انطلق في المركز الثقافي الملكي، وشارك فيه وزراء الثقافة السابقين الدكتور محمد أبو رمان، الدكتور باسم الطويسي، والوزير السابق سميح المعايطة، وعدد من الأساتذة والأكاديميين والخبراء المتخصصين في الثقافة وسط حضور كبير من الأدباء والكتاب ومؤسسات المجتمع المدني المعنيين بالثقافة.

تناول الملتقى أربعة محاور: الأول حمل عنوان «الثقافة الأردنية في عالم متغير»، قدمت وزيرة الثقافة هيفاء النجار ورقة حول «الثقافة الوطنية بين الثوابت والمتغيرات»، وبينت أنه في عصر العولمة لا يوجد مجتمع من المجتمعات يتمتع بثقافة وطنية صافية بنسبة مئة في المئة؛ موضحة أن هناك عناصر ثقافية مشتركة تنتشر على مساحات واسعة من العالم تقع تحت تأثيرها أمم شتى من أجناس متنوعة وألسنة مختلفة وديانات متعددة، رغم أن لكل أمة من الأمم جملة عناصر تشكل خصوصيتها، وتمثل ثوابتها، كاللغة والدين والتاريخ والعادات والتقاليد وطرائق العيش، وممارسة الطقوس المختلفة، ووحدة الهدف والمصير.

وقالت النجار «إن المتغيرات الثقافية ليست سلبية بالضرورة فهي قد تكون قوة دينامية دافعة لتحريك الركود في التفكير ومقاربة الإشكالات واجتراح الحلول الناجعة، وذلك عندما يتحلى الناس بالوعي والبصيرة ليزنوا الأشياء بميزان العقل والقسطاس المستقيم بعيداً عن التدثر بعباءة التراث والحنين إلى الماضي والاستسلام لخطاب الطوباوية، أو الدخول في حيز العدمية التي لا تملك شيئا، وترفض كل شيء، فيصير ترسم خطى النهضة من تطوير التعليم ودمقرطة الحياة السياسية والاجتماعية، وتمكين المرأة، وتحسين ظروف الأسرة نوعاً من الغزو الثقافي والتفريط بالثوابت، كما يصير العمل على بناء البرامج المشتركة لتطوير الواقع الاجتماعي والاقتصادي في بعض المناطق الأقل حظاً نوعاً من التدخل في الشأن الداخلي، ويصير التعاون في الإصلاح الاقتصادي نوعا من التبعية والانقياد للغرب».

فيما قال الوزير الأسبق الدكتور إبراهيم بدران في ورقته المعنونة «ثقافتنا والعالم الرقمي.. الفرص والتحديات»، إن الفرد أصبح بإمكانه أن يفتح نافذته للعالم مطلا على الآخرين، وتساءل بدران إن كان بإمكان أن يبني كل فرد ثقافة فردانية مرتبطة به لوحدة.

وأضاف: «نعيش حاليا ثورة رقمية وذكاء اصطناعي به فردانية ثقافية في ظل العولمة، عززها أسلوب العمل عن بعد بسبب جائحة كورونا، فما يحرك المجتمع هو ثقافته وفكرة، لذا كيف سيتم استيعاب عصر البيانات والمعلومات؟ وكيف سيكون تأثير ذلك على ثقافتنا؟».

ولفت بدران النظر إلى أن التحديات الثقافية التي تواجهنا في عالم رقمي متغير، مقدما تساؤلاته عن طريقة وإمكانية التخلص من السلبيات الثقافية، مؤكداً وجود تحد أساسٍ يجعل الثقافة محركا للتنمية الارتقاء والتقدم.

فيما تناول د. حسين الخزاعي موضوع بعنوان «الثقافة والتعليم.. اتجاهات التغيير ومساراته»، مؤكدا أن الثقافة التي يجب أن نركز عليها، هي الثقافة الوطنية، وأن يكون المعلم والطالب في خندق التربية والثقافة الوطنية، لتعزيز الهوية الجامعة والانتماء للوطن ومؤسساته.

وأدار الجلسة الافتتاحية رمضان الرواشدة الذي أكد على الإنجازات التي حققتها وزارة الثقافة، مكرسة بعدها التنويري في رعاية الفكر والمعرفة، عبر إقامة 16 ملتقى إبداعيا سابقا في مجالات متعددة في شؤون المسرح والموسيقى والنقد التشكيلي. وقال: نحن في بداية المئوية الثانية من عمر دولتنا الأردنية، نناقش اليوم قضايا إبداعية في عالم متغير، يناقش القضايا المشتبكة مع الثقافة الأردنية والمجتمع، فنحن نعيش ثقافة عربية في الأردن».

وناقش المحاضرون في المحور الثاني موضوع «الصناعات الإبداعية والاستثمار»، الإبداعي»، والتي أدارها الدكتور محمد أبو رمان وزير الثقافة الأسبق، وقال: إن «ملتقى عمان الثقافي» في دورته السابعة عشرة يطرح مواضيع في غاية الأهمية، تقتضي نقاشات وحوارات معمقة كونها تعكس الرؤى والأفكار تخص تقدم الدولة والمجتمع والفرد، وافتتح الجلسة وزير الثقافة السابق د. باسم الطويسي، وقال: يجب إقرار قانون يحمي الصناعات الثقافية والإبداعية لحماية المبدع الأردني، لذا نحن بحاجة لتطوير نظام التعليم الوطني، مشيرا إلى أن عربة التنمية لا يمكن أن تسير دون وجود عجلة الثقافة، التي يجب أن تسير إلى جانب عجلات السياسة والاقتصاد والمجتمع، ولفت إلى أن الصناعات الثقافية والإبداعية في العالم وصلت عام 2009 إلى أكثر من 7 تريليون (ألف مليار) دولار من الناتج الإجمالي العالمي، واقترح تفعيل فكرة إنشاء مدارس للفنون في المحافظات، معتبرا أن الأردن خزان مليء بالمواهب التي تحتاج لصقل وتوجيه وإطلاق نحو الناس.

وفي مداخلته، بين د. عبد الله التميمي أن مفهوم الصناعات الثقافية ظهر في بريطانيا في التسعينيات، وهي تشمل كل مجالات الفنون. وأكد أن «للصناعات الثقافية علاقة بالاستثمار، وأكبر مثال على ذلك الفعاليات التي تقام مثل المهرجانات الفنية والملتقيات الأدبية وأسواق الحرف، وإن عمليات الاستثمار في هذه الصناعات تسمى الاقتصاد الإبداعي».

أما المحور الثالث فتناول موضوع «الثقافة الوطنية وسياسات الدولة»، شارك فيه وزير التنمية السياسية موسى المعايطة ود. إبراهيم غرايبة، واختتم الملتقى بمناقشة محور «رسالة الدولة الثقافية.. أين الخلل وما المطلوب؟»، أدار هذا المحور هزاع البراري الأمين العام لوزارة الثقافة وشارك فيه كل من الكاتب والوزير الأسبق سميح معايطة ود. حسن مجذوب.

ياسر العبادي/  الدستور

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة