ملف المياه مع سورية.. هل بات تحصيل الحقوق الأردنية قريبا؟

البحر الميت – لطالما أقضّ ملف المياه الأردني – السوري مضجع الأردنيين أعواما طويلة في سبيل الكفاح نحو تحصيل الحقوق المائية المشتركة، ولكن يبدو أن مقطع قصيدة “اشتدي أزمة تنفرجي”، بات أملا ملموسا نحو انفراج بالتقدم نحو التعاون المائي الثنائي المشترك.
جلسات برنامج أعمال مؤتمر أسبوع المياه العربي السابع، الذي تنظمه جمعية مرافق المياه العربية “أكوا” بالتعاون مع وزارة المياه والري والمجلس الوزاري العربي للمياه – جامعة الدول العربية، حققت تقدما ملموسا نحو خطّ الأسطر أسفل بعض العناوين العريضة التي تشكل مراحل مفصلية في ملف هذا القطاع المثقل بالتحديات والهموم.
فعلى هامش انعقاد جلسة متخصصة تحت عنوان “استكشاف علاقة ترابط المياه والغذاء والطاقة بين سورية والأردن: سيناريوهات ومسارات للتعاون المستدام عبر الحدود في حوض اليرموك”، ونظمها المعهد الدولي لإدارة المياه “IWMI”، ضمن برنامج أعمال المؤتمر المنعقد في منطقة البحر الميت، وبحضور “الغد”، عوّل الأمين العام لسلطة وادي الاردن م. هشام الحيصة، على لقاءات أردنية – سورية مشتركة ومرتقبة بين المؤسسات الأردنية والسورية المعنية بالمياه والطاقة، خلال الفترة المقبلة.
الأردن من أفقر دول العالم مائيا
وأبدى الحيصة، خلال الجلسة التي حضرها أعضاء الوفد السوري ممثلا بمعاون وزير الطاقة والمياه السوري م. أسامة ابو زيد، والأمين العام لوزارة الطاقة م. أماني العزام، والمستشار الإقليمي في شؤون المياه بالسفارة السويسرية م. مفلح العلاوين، أمله بإن يتم بحث كامل محاور الترابط بين المياه والطاقة والغذاء مع الجانب السوري والخروج بتوصيات تعود بالمنفعة على كامل المنطقة.
وأشار، خلال الجلسة التي أدارتها د. مها الزعبي ود. نفن إمدار من المعهد الدولي لإدارة المياه، بالإضافة لحضور ممثلين عن الجهات الدولية المانحة “GIZ” والوكالة الأميركية للتنمية الدولية “USAID”، لإمكانية الخروج بشراكة معرفية حقيقية تهدف لمصلحة الدول العربية من حيث تشارك المعلومات والمعرفة، وتشارك الخبرات أيضا. وأضاف أن المنطقة العربية، وهي متأثرة بالتغيرات المناخية وليست متسببة بتلك التغيرات، لا تزال تواجه تحديات نتائجها السلبية من ارتفاع درجات الحرارة، وتراجع الهطلات المطرية، وعدم انتظام المواسم المطرية.
وقال “نحن في الاردن من أفقر دول العالم مائيا، وهذا التحدي فرض على خبراء قطاع المياه سواء من قبل الجهات الحكومية أو القطاع الخاص أو حتى المنظمات الدولية، بإن تتمتع إدارة وتوزيع المياه بمهنية وكفاءة عالية، وهو ما يتميز به كادر القطاع المائي، سيما في ظل تحديات انخفاض حصة الفرد الأردني من المياه لنحو 60 م3.
وعلى مشارف أبواب الموسم الصيفي، حذر الحيصة من تحديات تراجع معدلات الهطلات المطرية خلال الموسم الحالي، إذ سجل ما نسبته 43 % من أصل المعدل المطري السنوي العام طويل الأمد والبالغ 8.2 مليار م3، مسجلا ما يقل عن 4 مليارات من المعدل السنوي العام للهطلات المطرية.
ونبه الأمين العام لـ “وادي الأردن” من تراجع مخازين السدود المائية الرئيسية للموسم الشتوي الحالي عن نظيره الماضي، بما يتجاوز 50 مليون م3، بالإضافة لتحديات ترتبط بهبوط بمستوى المياه الجوفية، وزيادة في ارتفاع درجات الحرارة.
ووسط كل تلك التحديات، أشار الحيصة لتعويل الحكومة في مواجهتها لتلك التحديات، على المضي بتنفيذ مشروع الناقل الوطني للتحلية، باعتباره من أفضل المشاريع المستقبلية ضمن الحلول الإستراتيجية المستدامة للمياه.
وقال إن هذه الأرقام صعبة وتشكل تحديا كبيرا، مضيفا أن الإنتاج الزراعي بتوسع مستمر، حيث تعمل “وادي الأردن” على تعظيم الاستفادة من إنتاجية الـ م3 في سلطة وادي الأردن، حيث تدير نحو 370 ألف دونم.
ولفت لبرامج تعتمدها سلطة وادي الأردن وتعتمد بدورها على الذكاء الاصطناعي، بالإضافة للاستعانة ببعض خرائطها في سورية عبر استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي، والتي أظهرت معاناة بعض المناطق من زيادة في الري، وهو “ما يمثل إشكالا في أنظمة الري الزراعية، إلا أنه يمكن حلها بالتشارك مع المعنيين في الجانب السوري حتى تحقق لهم رؤية مستقبلية في إدارة مياه الري والاستفادة من البرنامج الموجود لدينا”.
وبين أن الأردن يتشارك مع سورية في حوض اليرموك، وهو من الأحواض المائية المهمة، منوها لإدراك الجانب الأردني لطبيعة التحدي في المنطقة نتيجة انخفاض الهطل المطري للموسم الحالي نتيجة التغيرات المناخية.
وشدد في هذا السياق على أهمية أن تصل المنطقة العربية لفكر عربي موحد، من أجل إدارة أنظمة مياه الري، سيما وأن المعرفة أساس الوصول للتحسين، مبديا أمله في الخروج بتوصيات بهذا الخصوص.

وشدد على أهمية إدارة المياه في حوض نهر اليرموك عبر بناء موقف موحد، لإدارة مصادر المياه في الحوض بما يخدم المصالح المشتركة وضرورة المياه مع الطاقة والغذاء، وزيادة كفاءة مياه الري بما يعزز من الاستفادة القصوى من المياه لدى جميع الأطراف.
كما أشار لضرورة انتهاج أساليب حديثة في التقنيات الزراعية الموفرة للمياه وبناء برامج فعالة قادرة على التكيف مع تحديات التغيرات المناخية التي تشهدها المنطقة بما يعزز من ظروفنا المائية التي تعاني تحديات كبيرة.
ودعا إلى أهمية تعزيز التعاون العربي المشترك لإدارة مصادر المياه والمحافظة على الحقوق المائية لكل دولة، مستعرضا الأوضاع المائية التي تعانيها الأردن خاصة مع تزايد تحديات المياه في المناطق الشمالية من المملكة وجهود الوزارة في تأمين مياه الشرب وتراجع الأحواض الجوفية داعيا إلى أهمية تفعيل اللجان الفنية لضمان المصالح المشتركة، وأهمية تنسيق الجهود الفنية الاردنية السورية خاصة في حوض اليرموك.
وأبدى الحيصة استعداد قطاع المياه الأردني لتوفير كل التسهيلات الممكنة في التعاون المثمر والبناء ونقل المعرفة والبيانات وتعزيز التشاركية في انتاج الطاقة والإفادة منها للأشقاء في سورية مع وضع خطط طوارئ مشتركة لمواجهة وإدارة التحديات التي يواجهها حوض نهر اليرموك بما يخدم المصالح المشتركة وتقديم كافة الخبرات الوطنية الأردنية لسورية خاصة في مجال السدود، توازيا وتقديم الخبرات الأردنية الحديثة في مجال الاستمطار خاصة على حوض اليرموك.
انفتاح الحكومة السورية على التعاون المشترك مع الأردن
من جانبه، أكد معاون وزير المياه والطاقة السوري م. أسامة أبوزيد، في تصريحات لـ “الغد” على هامش جلسات أعمال المؤتمر، ترحيبه بكامل أوجه التعاون المائي المشتركة مع الجانب الاردني وصولا لتحسين الواقع المائي.
وقال “يهمنا ان تكون اوضاع مياه الشرب آمنة في الاردن، مشيرا لقيام الحكومة السورية الجديدة حاليا بتقييم كامل تحديات واوضاع المياه والبنية التحتية في سورية.” واشار الى انفتاح الحكومة السورية الجديدة على كامل اوجه التعاون المشترك مع الجانب الاردني بخصوص مواجهة التحديات المشتركة في حوض اليرموك والمياه المشتركة.
وأوضح معاون الوزير السوري أن الحكومة السورية تسعى حاليا لتبني أي دراسات جديدة بخصوص واقع حوض اليرموك، مشيرا لأهمية التعاون المشترك البناء بين الجانبين بهذا الخصوص، مؤكدا أنه سيتم الاتفاق على عقد اجتماع خلال الفترة القريبة القادمة للجنة المشتركة لحوض اليرموك.
أهمية بناء ترابط الطاقة بالمنطقة على دبلوماسية المياه
وبدوره، أكد المستشار الإقليمي في شؤون المياه بالسفارة السويسرية م. مفلح العلاوين، أهمية بناء ترابط المياه والطاقة والغذاء في المنطقة، على دبلوماسية المياه، مشيرا لأهمية إشراك كامل دول المنطقة في مبادرات كمبادرة “السلام الأزرق”، بهدف التعاون في مجال المياه العابرة للحدود.
وأشار العلاوين إلى أهمية أن تدرج اتفاقيات المياه بين كامل الأطراف، واتفاقية حوض اليرموك مثالا، كامل المعايير والمؤشرات الأساسية وذات الأولوية المرتبطة بالمياه، توازيا وكافة العوامل المرتبطة بها، وصولا لاستقرار واستدامة الوضع المائي فيها بما يخدم مصلحة كافة الأطراف.

إيمان الفارس/الغد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة