مليون زائر لتلفريك عجلون بعد 30 شهرا من انطلاقته.. ماذا قدم للمحافظة؟

عجلون- بعد مضي نحو 30 شهرا على انطلاق تلفريك عجلون في حزيران (يونيو) 2023، ووصول عدد زواره إلى المليون زائر، يتساءل مواطنون وناشطون في المحافظة عن حجم النقلة التنموية التي أحدثها المشروع في قطاع السياحة في المحافظة، وهل طالت مختلف مناطق المحافظة أم تركزت في منطقة الصوان التنموية حيث موقع التلفريك؟
ويذهب بعضهم إلى أن المشروع حقق نجاحات كبيرة عبر استقطاب هذه الأعداد، وتشكيلها فائدة وقيمة مضافة للأسواق والمشاريع السياحية القائمة في المحافظة التي استفادت من تلك الأعداد، إلا أن البعض الآخر يرى أن المشروع وحده لا يمكن أن يطيل من فترة إقامة الزوار من دون وجود مشاريع كبرى كفنادق الدرجة الأولى، وتوزيع مشاريع المناطق التنموية في مختلف مناطق المحافظة حتى تعم الفائدة.
ومن وجهة نظر الناشط والمحامي جمال الخطاطبة، فإن الحديث عن التنمية الشمولية في محافظة عجلون يفرض نفسه في كل مناسبة رسمية أو لقاء وفعالية اقتصادية أو حوارية، متخذا من حجم الإضافة الكبيرة والنوعية التي أحدثها مشروع التلفريك في مجال التنمية السياحية، بانتظار استكمال البناء على هذا الإنجاز بتحقيق مشاريع أخرى لا تقل أهمية، وتتركز في قطاعي السياحة والزراعة، بحيث يكون لها جميعها فوائد تشغيلية، وذلك حتى تكتمل عناقيد التنمية.
ويرى أن مقترحات المشاريع تلك، والوعود بتنفيذ بعضها، تتمثل بإنشاء منتجعات سياحية ضخمة، ومدينة ألعاب ترفيهية كبرى، وقصر للمؤتمرات وفنادق خمس نجوم، وسوق مركزي للخضار، ومشاريع سياحية وتنموية أخرى تسعى بلديات المحافظة لتنفيذها.
يذكر أن وزارة الزراعة كانت أعلنت قبل عام عن بدئها بوضع اللمسات الأخيرة للبدء بمشروع سياحي ضخم في المحافظة، وذلك بالشراكة مع مستثمر عربي من القطاع الخاص، موضحة أن المشروع سيكون عبارة عن منتجع سياحي ضخم يحتوي على 100 شاليه ومسابح وقاعة كبرى لمختلف المناسبات والحفلات العالمية، بحيث سيتم إنشاؤه على مساحة 400 دونم من أراضي الخزينة وأراض مملوكة للمواطنين، وسيوفر نحو 500 وظيفة لأبناء المحافظة.
ويقول الناشط والمتابع للشأن التنموي والسياحي علي اليوسف، إن طموحات التنمية الشمولية في عجلون ما تزال تصطدم ببعض المعوقات التي طالما تم المطالبة بضرورة تذليلها حتى لا تبقى المشاريع مجرد أفكار ومقترحات، وتكون قابلة للتنفيذ، مشيرا إلى أن على رأس هذه المعوقات ضرورة إنجاز المخطط الشمولي لوضع خريطة طريق حقيقية وواضحة لتنمية المحافظة وازدهارها.
وأكد أهمية إنجاز الطريق الدائري، وإحياء الطريق الملوكي الذي يختصر المسافة بين المحافظة والعاصمة عمان إلى النصف، وحل مشكلة الازدحامات المرورية وسط مدينة عجلون وأي قضايا أخرى في المحافظة قد تشكل عائقا في وجه التنمية، وإعادة النظر ببعض الإجراءات المتعلقة بتخصيص قطع الأراضي من وزارة الزراعة، لا سيما أن هناك مقترحات لإقامة مصانع تتعلق بالمنتجات الزراعية، إلا أنها تتعثر لعدم تخصيص أراض لإقامتها.
وأضاف اليوسف، أن المخطط الشمولي سيحدث نهضة تنموية كبيرة في قطاعي السياحة والزراعة، مؤكدا أن تنظيم المحافظة على أساس أنها محافظة سياحية وزراعية يستدعي إعادة النظر ببعض التشريعات المتعلقة بقانون الحراج لتسهيل عملية التخصيص لغايات الاستثمار، وكذلك الأنظمة والقوانين المتعلقة بسعة الطرق وقضايا التنظيم.
حركة استثمار جيدة
أما الناشط وعضو مجلس المحافظة منذر الزغول، فيرى أن عجلون، وبعد تشغيل التلفريك وتضاعف أعداد زوارها، بدأت تشهد حركة استثمار جيدة في المشاريع الصغيرة والمتوسطة، سواء من المستثمرين المحليين من أبناء المحافظة أو من الأردنيين والعرب، مؤكدا أن هناك حاليا في المحافظة عشرات الاستثمارات الناجحة جدا وغالبيتها في المجال السياحي، كما أن هناك فرصا استثمارية أخرى مهمة جدا أعلنت عنها وزارة الاستثمار وتحتاج إلى التنفيذ، بحيث سيكون لهذه الاستثمارات شأن كبير في تنمية المحافظة وازدهارها.
ولفت إلى أن مشروع التلفريك غدا حاضنة للأسر المنتجة في المحافظة لعرض منتجاتها المحلية بشكل دوري في ساحات محطتي الانطلاق والوصول للتلفريك، مبينا أن المهرجان السنوي للزيتون والمنتجات المحلية، الذي يعمل على تنسيقه مع الأسر والجهات المعنية، سيعقد في السادس من الشهر المقبل في محطة التلفريك.
من جهته، يؤكد رئيس غرفة تجارة عجلون عرب الصمادي، أن غرفة التجارة تتابع القضايا كافة المتعلقة بتشجيع الاستثمار وجذب مشاريع كبرى، كمدينة ألعاب ترفيهية وفنادق درجة أولى وقصر للمؤتمرات، وقبل ذلك، العمل على إيجاد الحلول المناسبة لقضايا البنية التحتية في المحافظة، خصوصا في مجال تحسين مداخل المحافظة، وإعادة إحياء الوعود الحكومية السابقة بعمل الطريق الدائري، وإحياء الطريق الملوكي الذي يختصر المسافة بين المحافظة والعاصمة عمان إلى النصف، وحل مشكلة الازدحامات المرورية وسط مدينة عجلون وأي قضايا أخرى في المحافظة قد تشكل عائقا في وجه التنمية.
يذكر أن وزارة الاستثمار كانت أطلقت فرصا استثمارية جديدة عدة في محافظة عجلون بهدف التشجيع على الاستثمار في القطاع السياحي؛ حيث تم تحديد ثلاث فرص استثمارية في القطاع السياحي شملت مشروع إقامة القرية السياحية بحجم استثمار متوقع 20 مليون دولار، ومشروع إعادة تأهيل واستخدام قرية دير الصمادية الجنوبي في محافظة عجلون بحجم استثمار متوقع 4 ملايين دولار، ومشروع إقامة متنزه عجلون الوطني بحجم استثمار متوقع 5 ملايين دولار.
ويقول الناشطان سليمان القضاة وعلي القضاة إن محافظة عجلون باتت من أنشط المحافظات السياحية في المملكة؛ حيث تتزايد أعداد الزوار والمتنزهين القادمين من مختلف المحافظات والدول العربية والأجنبية للاستمتاع بجمال الطبيعة وإطلالة التلفريك على سحر الغابات وعبق التاريخ في مواقعها السياحية الرائدة، مثل قلعة عجلون وموقع مار الياس الديني الأثري والمسارات البيئية الممتدة في القرى الريفية، وأكدا أن هذا النشاط السياحي المتنامي أسهم في تحفيز الحركة الاقتصادية المحلية من خلال دعم المنشآت السياحية والخدمية والمشاريع الريادية الشبابية، مما يعزز من استدامة المنتج السياحي في عجلون ويرسخ مكانتها كوجهة مفضلة للسياحة الداخلية في الأردن.
تعزيز الحركة السياحية
وبحسب مدير منطقة عجلون التنموية المهندس طارق المعايطة، فإن عدد الزوار الذين توافدوا خلال العام الحالي إلى منطقة عجلون التنموية التي تضم مشروع التلفريك ارتفع إلى 350 ألف زائر، ما يعكس الأثر الإيجابي للمشروع في تعزيز الحركة السياحية بالمحافظة، مبينا أن العدد الإجمالي منذ انطلاقته وصل إلى مليون زائر.
وأكد أن تلفريك عجلون أصبح من أبرز المقاصد السياحية في المملكة، لا سيما لدى الزوار العرب، مشيرا إلى أن المناطق التنموية في عجلون تشكل رافعة اقتصادية مهمة من خلال جذب الاستثمارات السياحية والبيئية وتعزيز التنمية المحلية.
وأشار المعايطة إلى أن المنطقة تضم مطاعم ومقاهي وبازارا موسميا يتيح للأهالي عرض وبيع المنتجات المنزلية، ما يسهم في دعم المجتمعات المحلية وتشجيع المشاريع الصغيرة.
وأضاف أن منطقة عجلون التنموية بدأت بتلفريك عجلون كمرحلة أولى، وتم تطوير موقع التلفريك ليصبح منتجعا متكاملا، بحيث يقضي الزائر ساعات في المنطقة نظرا لتنوع الأنشطة والخدمات المتوفرة فيها، مبينا أن العمل جار حاليا على تنفيذ المرحلة الثانية من منطقة عجلون التنموية، التي ستشمل إقامة فنادق ومخيم بيئي وأكواخ بيئية ومناطق مغامرات وألعاب ومتنزه عائلي، مما يعزز مكانة عجلون كوجهة سياحية مستدامة.
وقال محافظ عجلون نايف الهدايات إن المشاريع السياحية التي يتضمنها المخطط الشمولي لا تقل أهمية عن التلفريك، وتشمل المتنزه القومي بمساحة نحو 200 دونم والمنتجع الاستشفائي وقرية دير الصمادي التراثية وأكاديمية الطهي، ما يسهم في اتساع دائرة الاهتمام في المحافظة التي ستكون، كما هي الآن، نقطة جذب للسياحة الإقليمية والدولية، إلى جانب التطوير المستمر للمسارات السياحية البيئية والدينية والتراثية التي تربط عجلون بالمواقع السياحية الأخرى في المملكة، لافتا إلى أن هذا يفتح آفاقا جديدة أمام السياح القادمين من الخارج ويعزز من تنافسية الأردن على الخريطة السياحية العالمية.
وأضاف أن وزارة السياحة والآثار تواصل تنفيذ الإستراتيجية الوطنية للسياحة بما ينسجم مع رؤية التحديث الاقتصادي، من خلال تحسين البنية التحتية، وتمكين المجتمعات المحلية، وتعزيز مفاهيم الاستدامة في القطاع السياحي، مؤكدا أن عجلون تشكل نموذجا حيا للتكامل بين التنمية والسياحة المسؤولة.