“من الشجر للحجر”.. معاصر الزيتون تنتظر صافرة البداية السنوية

موسم الزيتون، من اهم المواسم، تعد له العدة، وينتظره الجميع بفارغ الصبر، مزارعون وتجار ومستهلكون، متلهفين لتحصيل منافع وخيرات كثيرة من شجرة ما تزال تتشبث بأكتاف عجلون منذ مئات السنين، لتغدق عليهم الخير بموسم قطاف يمتد لأكثر من شهرين.
هذه الرحلة لحبة الزيتون من الشجر لحجر المعاصر، حيث يتوقع ان تدور رحاها في 15 الحالي كما درجت العادة كل عام، ما هي إلا أبواب رزق وخير تغمر الجميع، لتبدأ بصاحب الزيتونة، مرورا بتجار الجملة والتجزئة، وممتهني ما يعرف بـ “البعارة” وصانعي الزيتون المخلل، وصانعي وبائعي حلوى الهريسة الذي يكثر طلبها خلال موسم القطاف، وصولا لأصحاب المعاصر الذين يكسبون المال كأجور عصر، ويشغلون العشرات من الشباب في عصر الثمار، فيحتفظ المزارعون بجزء من الزيت والمخلل كـ” مونة” لأسرهم، ويكسبون مبالغ من بيع الفائض لسداد التزامات أخرى.
ويؤكد المزارعون أنهم ينتظرون موسم قطاف ثمار الزيتون في كل عام، للتزود بمادة غذائية أساسية لهم، واستغلال الفائض من إنتاج مزارعهم لسداد ديونهم وتلبية احتياجاتهم، مؤكدين أن موسم الزيتون يعد من أهم المواسم في محافظة عجلون، نظرا لانتشار الأشجار المعمرة والحديثة في جميع مناطق المحافظة والتي توفر كميات جيدة وأفضل من أي ثمار أخرى، بحيث يتزود السكان من مادة الزيت وتخليل كميات من الثمار، إضافة إلى بيع الفائض بمبالغ لا بأس بها.
ويقول المزارع عبدالله اسماعيل، إن موسم الزيتون في محافظة عجلون يبقى من أهم المواسم الزراعية التي ينتظرها المزارعون والتجار وأصحاب المعاصر، وتجار الجملة وأشخاص اعتادوا جمع كميات متفرقة من مخلفات الكروم” البعارة”، فهو يشكل لهم باب رزق ينتظرونه بفارغ الصبر.
ويزيد أن المزارعين حين يبدأون بجني ثمارهم المخصصة للتخليل أو العصر، فهذا يعني أن ثمة معاصر ستدور رحاها مشغلة أيدي عاملة، كما أن معامل متخصصة بصناعة حلوى” الهريسة” ستبدأ تعمل، إذ تنشط وربما يقتصر عملها على هذا الموسم.
ويقول حسين الخطاطبة إنه وفي هذه الأثناء ، فإن أشخاص قد بدأوا بعملية شراء وتجميع كميات من ثمار الزيتون على طريقة “التجزئة” أو ما تعرف بـ”الشراء بالكيلو”، بحيث يشترون من أشخاص كميات بسيطة تصل إلى بضعة كيلوغرامات، ومن ثم يعملون على تجميعها وعصرها أولا بأول وبيع الزيت، محققين بذلك أرباحا لا بأس بها لقضاء احتياجاتهم ومتطلبات أسرهم.
وعادة من ينتشر هؤلاء الأشخاص على مفترقات الطرق القريبة من مزارع الزيتون، مستعينين بالموازين وأدوات الكيل، فيما يمارس بعض أصحاب البقالات والمحال التجارية هذه الطريقة التي يؤكدون أنها تحقق أرباحا جيدة.
كما يلجأ هؤلاء الأشخاص في مواقعهم إلى توفير ماكنات مخصصة لرصع الزيتون مقابل أجور بسيطة، إضافة إلى بيع نوع من الحلوى الشائعة والمرغوبة في هذا الموسم تدعى الهريسة.
ويقول حابس حسين إنه امتهن هذه الطريقة منذ سنوات، وهي تحقق له مردودا جيدا خلال موسم الزيتون، يمتد منذ أواخر أيلول (سبتمبر) وحتى نهاية تشرين ثاني (نوفمبر) من كل عام، إذ يشتري هذه الكميات بالتجزئة، وبكميات بسيطة تتراوح ما بين 3 إلى 7 كلغم من الشخص الواحد، ويتم تجميعها لتكون كميات ملائمة تصل إلى نصف طن أو طن على أقل تقدير ليتم عصرها أولا بأول وبيع مادة الزيت، فيما ينتقي الكميات الجيدة منها وبيعها كثمار تصلح لعمل الرصيع.
وأوضح أن هذه الكميات يتم شراء بعضها من المزارعين أنفسهم، وأخرى يتم شراؤها ممن لديه كميات بسيطة لا تستقبلها المعاصر، إضافة إلى شراء كميات أخرى من فتية وأشخاص امتهنوا ” البعارة” وهي جمع ما لم يستطع المزارعون الوصول إليه، وخلفوه على أشجارهم، بحيث يبدأ يتساقط مع النضج وهبوب الرياح.
ويقول محمود هزايمة إن لديه معملا لتحضير وصناعة حلوى الهريسة التي يتركز الطلب عليها في موسم الزيتون، إذ تصبح في هذا الموسم مرغوبة للمزارعين الذين يمضون يومهم في قطف الثمار، مشيرا إلى أن كثيرا من البقالات والمحال التجارية تحرص على توفيرها، وكذلك الأشخاص الذين يمتهنون شراء ثمار الزيتون بالقرب من المزارع البعيدة نسبيا عن الأسواق.
ويؤكد أبو أمجد أنه يستطيع أن يوفر مبالغ جيدة ينفقها على أسرته من خلال جمع كميات من ثمار الزيتون التي تتساقط عن الأشجار بعد أن يكمل أصحابها قطافها، بحيث يقوم ببيعها لهؤلاء التجار بأسعار جيدة، محققا دخلا ينفقه على أسرته.
ويقول الحاج عبدالرحمن إنه اعتاد ببقالته الصغيرة على شراء كميات من الزيتون، بحيث باتت تحقق أرباحا ربما تفوق بيع السلع الأخرى.
في الأثناء، بدأ مزارعو الزيتون في المحافظة بقطف ثمار أشجارهم، سيما المخصصة للتخليل” الرصيع”، ومن ثم المباشرة بقطف المخصصة للزيت تمهيدا لعصرها خلال الأيام القليلة القادمة مع بدء تشغيل المعاصر.
كما بدأ أصحاب المعاصر بتحضير معاصرهم وتجربتها، خصوصا مع توقع استقبال كميات جيدة من الثمار الموسم الحالي، فيما بدأت مديرية الزراعة والجهات الرقابية المختلفة بمتابعة تلك المعاصر، والتأكد من جاهزيتها بما يضمن السلامة والصحة العامة وعدم مخالفة الاشتراطات البيئية للتراخيص.
وعادة ما تبدأ بعض المعاصر في هذه الآونة باستقبال وعصر الثمار، خصوصا تلك الثمار الناضجة والقادمة من المناطق الشفاغورية.
ويقول عبدالله الجبالي إن المحافظة تتميز بأشجار الزيتون المعمرة “الرومي والمهراس” والتي تتفرد بجودة زيتها وثمارها، لافتا إلى أن كثيرا من الأراضي الزراعية تم استصلاحها وزراعتها بأشجار الزيتون منذ بضع سنين.
وزاد أن كثيرا من الأسر في المحافظة ليس لها أي دخول سوى ما يوفره موسم الزيتون من مادة غذائية ومبالغ يعتمدون عليها طيلة العام للإنفاق على المستلزمات الأخرى، داعيا وزارة الزراعة إلى دعم مزارعي الزيتون من خلال حماية المنتج والحفاظ على سعر مناسب له، وعدم استيراد مادة الزيت خلال الموسم، والمساعدة في عملية التسويق وضمان سعر مناسب.
ووفق مدير زراعة المحافظة المهندس حسين الخالدي فإنه يتوقع أن يتم الموسم الحالي انتاج 40 ألف طن زيتون في المحافظة، بحيث يتم تحويل 39 ألف طن منها إلى مادة الزيت وبكمية تقدر بـ 8 آلاف طن، فيما يتم استغلال ألف طن منها للكبيس، مشيرا إلى أن مساحة الأراضي المزروعة بالزيتون في المحافظة تقدر بـ 86 ألف دونم.
وأكد أن المديرية تبذل قصارى جهدها لضمان عدم ارتكاب بعض المعاصر لمخالفات بيئية أثناء الموسم، مبينا أنها بدأت مؤخرا وبالتعاون مع لجنة السلامة العامة في المحافظة بالكشف على 15 معصرة متواجدة في المحافظة، للتأكد من التزامها بكافة شروط التراخيص ومعالجة السلبيات.
وأكد أن الجولات ستستمر على المعاصر طيلة الموسم لضمان التزامها باشتراطات الترخيص ولضمان نقل مخلفات العصر “الزيبار” بالصهاريج إلى مكب الإكيدر.
إلى ذلك، أكد منسق مهرجان الزيتون السنوي في عجلون، منذر الزغول أن المهرجان سيقام في أواخر الشهر الحالي، لافتا الى أن المهرجان سيقام للترويج للزيت والزيتون العجلوني، وسيكون بمشاركة عشرات الجمعيات والأسر والأفراد.
وأوضح إن الهدف من إقامة هذا المهرجان السنوي يأتي لتشجيع الأفراد والأسر العاملة في هذا المجال لادامة العمل ودعمهم بمختلف الطرق والسبل، معربا عن أمله في أن يسهم هذا المهرجان بتسليط الضوء على المنتجات العجلونية وخاصة الزيت والزيتون والمساهمة بتسويقه داخل وخارج الأردن.

عامر خطاطبة / الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة