من الشغف وإثبات الذات.. المومني تسطر قصة نجاح بصناعة الصابون

حب الطبيعة وشغف بالحرف اليدوية مكّنا الشابة نداء المومني (38 عامًا) من أن تعيل نفسها وأسرتها الصغيرة بتشكيل قطع من الصابون بأنواع متعددة؛ لتسطر لنفسها قصة نجاح بدأت من الحاجة للعمل واستمرت بحب تفاصيل كل قطعة تصنعها.

اجتهاد المومني وحبها لحرفة صناعة الصابون، والذي بدأ قبل 9 أعوام من الآن، أتاحا لها فرصة تمثيل الأردن في محافل دولية، لتكون بذلك مثالًا للسيدة الأردنية المثابرة.

الإصرار على العمل الخاص هو الدافع الذي انطلقت منه المومني، وفي ذلك الوقت لم تكن تعلم أن هذا المشروع الصغير سيفتح أمامها أبواب الطموح والنجاح. وفي حديث خاص مع “الغد” بيّنت نداء المومني أنها مختصة في صناعة الصابون، وتملك موقعين في محافظة إربد تعرض فيهما منتجاتها على نظام “البوثات”، ليكون بذلك العمل موزعًا، خاصة أنها تستقطب فئة معينة من المجتمع.

وتوضح المومني أنها كانت تحتاج إلى العمل لتحصل على المال وتعيل أطفالها بعد مرورها بمرحلة الانفصال، وشعرت أنها بحاجة إلى أن تستقل وتستجمع قوتها من أجل نفسها وأطفالها.

وبعد بحث طويل لم تجد عملًا يناسبها، فاختارت أن تعمل من منزلها، وبدأت تتلقى دورات تدريبية في مختلف المجالات اليدوية، من ضمنها التجميل وصناعة الإكسسوارات التقليدية، لكنها وجدت شغفها في صناعة الصابون، ورأت أن هذا هو المجال الذي ستبدع فيه بسبب حبها للطبيعة ومكوناتها، فهي مؤمنة بأن من يحب شيئًا سيبدع فيه.

وبمبلغ 50 دينارًا بدأت المومني مشروعها عام 2018 تحت اسم “منتجات نداء الطبيعة”، الذي تحول فيما بعد إلى “نداء ستور”.

وفي ذلك الوقت كانت دائمة القراءة لتثقيف نفسها وتطوير مشروعها الصغير، كما تلقت العديد من الدورات، وقرأت كثيرًا عن النباتات وفوائدها للبشرة. وتقول المومني: “يومًا بعد يوم شعرت أن هذا المشروع صار جزءًا مني وشيئًا أنتمي إليه”، ولهذا عملت على تطوير صناعة الصابون بمختلف الأشكال والخصائص.

وكانت البداية في معارض صغيرة بالحدائق لأنها لم تكن تملك المال للمشاركة في المعارض الكبيرة، ثم حصلت على طاولة صغيرة في أحد المجمعات التجارية (المول)، لتسير بخطوات صغيرة.

لم تجد المومني الدعم المادي، ولكن الدعم المعنوي كان حاضرًا في مسيرتها، والدعم الأول والمباشر كان من والدتها التي وقفت إلى جانبها، وأطفالها كذلك كانوا السبب في رسم الابتسامة على وجهها بعد يوم متعب، وأخوها الأصغر كان من مشجعيها، مؤكدة بذلك أن هذا الدعم أعطاها القوة للاستمرار.

الصعوبات والتحديات كانت حاضرة في مسيرة المومني؛ فهي أتت من عائلة محافظة، وفكرة أن تعمل لوقت متأخر كانت صعبة عليهم، والقيود المجتمعية كانت التحدي الأكبر، ولكنها أصرت على الاستمرار. وتذكر المومني أنه لم يكن لديها إلا قالبان من السيليكون في بداياتها، وكانت تنتظر أن يجفا لتعود وتضع بهما من جديد، فلم يكن معها المال في وقتها لشرائها بالرغم من أن سعرها 3 دنانير فقط، ولكن الآن لديها أكثر من 50 قالبًا، وتقول: “قد يكون تحديًا صغيرًا ولكنه هو الذي دفع بي للنجاح”.

ومع الوقت بدأت المومني تتطور أولاً فأولاً وتشارك في معارض، ومنها مهرجان الزيتون والرمان، إلى أن عُرفت منتجاتها، وأصبح لديها زبائن يبحثون عن “قطع الصابون”. ومن أكثر الجمل التي أثرت بها: “أنتِ عمود من أعمدة مهرجان الرمان”، ومنها رأت ثمرة تعبها.

وبيّنت المومني أنه مع تطور عملها احتاجت لمن يعمل معها، وهنا اختارت أن توظف من يحتاج للعمل وإعالة نفسه كما فعلت هي، لهذا استقطبت طالبات الجامعات، وتقول: “الذي يذوق الحاجة يعرف الناس الذين فعلاً يحتاجون المال”.

 

الصابون الذي تصنعه المومني يأخذ منها الكثير من الوقت؛ فعملية جمع المواد الأساسية تحتاج إلى وقت وجهد.

ومن المكونات التي تستخدمها: البابونج الذي تجلبه من محافظة المفرق، والكركم الذي يأتي من اليمن، وزيت اللوز الحلو، وزيت الزيتون، وزيت جوز الهند، وشمع العسل، وماء الورد، ولبان الذكر، والشوفان، وزبدة الشيا.

فجميعها تحتاج إلى خطوات عديدة، بكميات ومقادير محددة، وطريقة حفظ معينة، ليستغرق ذلك 40 يومًا من العمل المتواصل، لتصف عملها بأنه “السهل الممتنع”.

وتذكر المومني أنها احتاجت إلى 5 سنوات ليعرف الناس منتجاتها، موضحة أنها في البداية سوّقت لنفسها بإعطاء عينات صغيرة كانت تكتب رقم هاتفها عليها بتغليف بسيط، كما أنشأت حسابات لها على مواقع التواصل الاجتماعي لعرض منتجاتها، واستغلت كذلك مشاركتها في مهرجان الزيتون والرمان. تشير المومني إلى أنها في فترة جائحة كورونا اختارت أن تستقطب فئة الأطفال، فجذبتهم بوضع لعبة صغيرة داخل الصابون، كما صنعت الصابون بأشكال يحبها الأطفال، إلى جانب فكرة أن الطفل يجب أن يغسل يديه لمحاربة فايروس كورونا. وفي فترة الحرب على غزة، صنعت صابونة على شكل علم فلسطين كنوع من الدعم لأهلنا في غزة.

وتميز المومني مكنها من تمثيل الأردن في معرض الشارقة الدولي، وكانت سعيدة جدا بهذه المشاركة، إذ شعرت أن جهدها ملاحظ ومقدر وأنها تستحق ذلك. كما شاركت في معرض آخر في العراق.

وتسعى المومني إلى الاستمرار في عملها في صناعة الصابون، وأن تمتلك متجرها الخاص في المستقبل القريب، وأن تكون لها علامة تجارية خاصة بها، مبينة أنها ستشعر بالاستقرار الذي تسعى إليه منذ عام 2018، وتتمنى أن تتمكن من شراء منزل لها ولأطفالها، وأن تكون هناك جهات تهتم بهذه المشاريع الصغيرة وتقدرها وتوفر مكانا لدعمها.

وفي ختام حديثها، وجهت المومني نصيحة لجميع السيدات قائلة: “لا تستسلمي، ولما تشعري أنك انتهيت وخسرتِ كل شيء، تأكدي أن هذه هي نقطة البداية. وأينما تضعي قدمك هي نقطة البداية، ما في شيء اسمه فشل… أنتِ تقررين أين تكونين موجودة. الإنسان يستطيع أن يبني حياته”.

 

رشا كناكرية/ الغد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة