من مصادر الرزق –التجارة-// الداعية نائلة هاشم صبري

قال تعالى: « لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ * إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ « سورة قريش –الآيتان 1و2.
لقد أهلك الله –سبحانه وتعالى- أصحاب الفيل ليبقى أهل مكة وما يألفانه من الرحلتين: في فصل الشتاء الى اليمن ومصر والحبشة لأنها أدفأ، وفي فصل الصيف الى الشام والعجم لأنها أبرد، من حيث الطقس.
وكانوا يسافرون للتجارة ويأتون الى بلادهم وهم يحملون الحاصلات التجارية والزراعية التي تفتقر اليها بلادهم من أطعمة وثياب وعطور وقد كان الناس في تلك البلاد يحترمونهم في أسفارهم لأنهم مجاورون لبيت الله، فيذهبون آمنين ويعودون سالمين لا يمسهم سوء رغم وحشة الطريق فلا يتعرضون للنهب والسّلب كغيرهم.
(لقد وصف ابن عباس –رضي الله عنهما- رحلتهم قائلاً: كانوا في رحلتهم آمنين لأنهم أهل حرم، وولاة بيته العزيز فلا يتعرض لهم. والناس بين متخطف ومنهوب) روح المعاني-ج30 –م10- ص307.
وفتحت لهم أبواب الرزق وألفت نفوسهم هاتين الرحلتين الرابحتين إنها منّة من الله –تبارك وتعالى- عليهم ففضل الله –سبحانه وتعالى- عليهم بالكسب والتجارة ومنّته عليهم بالأمن والأمان والاطمئنان في ديارهم بجوار بيت الله وفي أسفارهم وترحالهم.
(قال –صلى الله عليه وسلم-: «تسعة أعشار الرزق في التجارة، والعشر في المواشي») أخرجه سعيد بن منصور.
محمد التاجر الأمين
وامتهن محمد بن عبد الله –صلى الله عليه وسلم- هذه المهنة قبل بعثته فكان نعم التاجر الأمين. وسار محمد الأمين مع القافلة تقطع المسافات الطوال في طريقها الى الشام مارة بوادي القرى ومدن عاد وديار ثمود.
وآن للقافلة أن تؤوب من رحلتها الى مكة فصاحبتها (خديجة بنت خويلد) ترقب وتنتظر بلهفة عودة القافلة لتعرف عن مصير تجارتها.
وينطلق محمد وميسرة الذي رافقه في سفره بالقافلة وهي تقطع بطون الأودية في طريقها الى مكة. ولما أشرف على الوصول. همس ميسرة في اذن صاحبه قائلاً: يا محمد أسرع الى خديجة فأخبرها بما صنع الله على وجهك… لقد علا ضجيج الركب وانطلقت الأصوات هاتفة بمقدم القافلة وابتسمت خديجة مرحبة بمحمد وميسرة… وبعد أن هنأتهما بسلامة الوصول والعودة… رفع محمد الأمين بصره اليها ليقص عليها خبر رحلته المباركة.
وبأُذن صاغية ونفس لاهفة أطرقت رأسها لتسمع ما يقول. واسترسل محمد الصادق المصدوق الأمين بكلامه البليغ عما جناه من ربح عظيم وما جاء به من صناعة الشام. واعجبت خديجة وقد شملتها الغبطة والسرور بل التقدير والثناء لأمانته وجدارته.
وبعد: فإننا نفتقر ونرنوا الى هذا التاجر الصادق الأمين في مجتمعنا. ونطمح الى تاجر يؤدّ رسالته من خلال هذه المهنة الشريفة ليسبغ على أبناء مجتمعه، وخاصة المعوزين والمحتاجين، من ثمار تجارته. وأن يزكي ماله ليطهره ليكثر نماء هذه التجارة ليشمل آثارها أرجاء بلادنا من تقدم ونقاء وطهارة وحضارة في جميع مجالات حياتنا الاقتصادية والثقافية والاجتماعية وغيرها.
ألا فلنجعل من تجارنا الأوائل في العصور الزاهرة قدوة لتجارنا في عصرنا هذا أمثال أبي بكر وعثمان وعبد الرحمن بن عوف وغيرهم –رضي الله عنهم- ممن ضربوا لنا أروع الأمثال في نزاهتهم وصدقهم وحبهم للخير والعطاء لصالح بناء أمة خير أمّة متقدمة على سائر الأمم.
اللهم قد بلغت.. اللهم فاشهد

الدستور

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة