مواسم متلاحقة.. معاصر جرش تنتهي من “الجفت” وتستعد لعصر “الزيتون”

انتهت معاصر الزيتون في محافظة جرش وعددها 15 معصرة من موسم تجهيز الجفت وتسويقه وتفريغ صحن المعصرة، للبدء بموسم استقبال ثمار الزيتون للعصر مع بداية الشهر المقبل، بعد أن تم تسويق مئات الأطنان من الجفت بمختلف مناطق المملكة.
ويعتمد مئات المتعطلين عن العمل على موسم تجهيز الجفت للتشبيك بفرصة عمل مؤقتة، من خلال العمل على تجفيف الجفت تحت أشعة الشمس وكبسه وتعبئته وتسويقه، بعد أن أصبح من مواد الوقود الأساسية التي تعتمد عليها آلاف الأسر في التدفئة خلال فصل الشتاء نظرا لعدم توفر الحطب وتشديد عقوبات الاعتداء على الأحراج وارتفاع أثمان مصادر الطاقة الأخرى من مشتقات نفطية وكهرباء.
ووفق تقديرات غير رسمية يتجاوز عدد العاملين في كل معصرة خلال فترة تجهيز الجفت 25 عاملا، ولمدة لا تقل عن 3 أشهر، فضلا عن عمالة التحميل والتنزيل والنقل من محافظة لأخرى وتتم هذه المراحل من خلال تجار مختصين في تصنيع مادة الجفت وتسويقها وتنظيف المعاصر في سباق مع الزمن، لاسيما وأن المزارعين سيبدأون قطاف الزيتون خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
وقال شهاب الصوالحة وهو أحد العاملين في عمليات تجهيز الجفت باحدى المعاصر، إنهم عملوا بجهد وساعات طويلة وبظروف عمل صعبة في تصنيع الجفت وتجهيزه ويتم تسويقه بسهولة كون آلاف المواطنين يتوجهون إلى مادة الجفت لاستخدامها في التدفئة ويقومون بشراء الجفت بوقت مبكر قبل موسم الشتاء وتخزينه في ظروف مناسبة داخل منازلهم قبل نفاد الكميات من المعاصر، لافتا إلى أن سعر الطن الواحد لا يقل عن 100 دينار عدا عن أجرة نقله.
وأوضح أن العديد من المتعطلين عن العمل وخاصة أبناء المخيمات واللاجئين السوريين يقومون بالتشبيك كل موسم بموسمه فبعد انتهاء العمل بالجفت يبدأ العمل بموسم القطاف مباشرة وموسم العمل داخل المعاصر والذي يمتد حتى بداية العام المقبل، ليتمكنوا من تغطية نفقات أسرهم أكبر فترة ممكنة خاصة وأن العوائل بحاجة إلى وسائل تدفئة مناسبة في فصل الشتاء.
من ناحيته، قال رئيس قسم الثروة النباتية في زراعة جرش المهندس هاني البكار إن كمية الجفت التي تنتجها كل معصرة لا تقل عن 100 طن في كل معصرة ويتم استثمار الجفت من خلال متعهدين وتجار أو من قبل المعصرة نفسها بعد تجهيزه وتسويقيه لاستخدامه في التدفئة خلال فصل الشتاء.
وبين أن معظم المعاصر قد انتهت من تصنيع وتسويق مادة الجفت وتنظيف ساحات المعصر، فيما تستعد حاليا لبدء موسم قطاف الزيتون خلال الأسابيع المقبلة.
وأوضح البكار أن زراعة جرش شكلت اللجنة الفنية التي تكشف على المعاصر لتأكد من جاهزيتها الفنية واللوجستية وقد تم مخاطبة وزارة الزراعة لغاية تشغيل المعاصر بداية الشهر المقبل.
وأكد أن أي معصرة تقوم بترك مخلفات العصر بطرق عشوائية وغير منظمة تتحمل المسؤولية ويتم مخالفتها، مبينا في ذات الوقت أن استخدام الجفت لأغراض التدفئة يحد من الاعتداء على الأشجار الحرجية لغاية استخدامها في أعمال التدفئة المنزلية.
وتقدر المساحة الكلية المزروعة بأشجار الزيتون في المحافظ بـ 130 ألف دونم، تبلغ نسبة المثمر منها 110 آلاف دونم، تتوزع بين مختلف المناطق في المحافظة.
على صعيد متصل تتنامى مؤشرات أن تتحول مادة الجفت إلى قضية خلاف بين المزارعين وأصحاب المزارع بعد أن بدأ مزارعون بالمطالبة بالحصول على جفت الزيتون بعد عملية العصر على اعتبار أنه من حق المزارع.
ووفق مزارعين فإن الجفت الذي يخرج من المعاصر يقدر بكميات هائلة، وتقوم المعاصر باستثماره وبيعه، موضحين أن المعصرة الواحدة يمكن أن تنتج ما يقارب 100 طن من مادة الجفت، فضلا عن حصولها على أجور العصر وبهذا تكون كلفة عصر الكيلو الواحد من زيت الزيتون لا تزيد على دينار مع ثمن الجفت، فمن الأولى أن يحصل المزارعون أنفسهم على مادة الجفت واستثمارها، خاصة وأن الجفت أصبح مادة حيوية وفعالة في وسائل التدفئة ويستخدم كذلك كسماد عضوي للأراضي الزراعية.
وقال المزارع سليمان العايد إن مادة الجفت وهي من مخلفات عصر الزيتون كانت قبل نحو عشر سنوات يتم توزيعها على المواطنين والمزارعين مجانا بهدف التخلص منها ويقوم المواطنون بمعالجتها يدويا ومن ثم تجفيفها واستخدامها في التدفئة إلى أن شاع استخدامها في التدفئة وأصبحت تستخدم كمادة وقود أساسية لمدافئ الحطب تحديدا والتي يقبل المواطنون على استخدامها بشكل واسع جدا وبدأت المعاصر بحرمان المواطنين والمزارعين من الاستفادة من الجفت والحصول عليه.
وأضاف العايد أن المعاصر تقوم بأخذ الجفت وتجميعه في ساحاتها ومن ثم تقوم بمعالجته داخل المعصرة وبيعه للمواطنين ولا يقل سعر الطن الواحد عن 100 دينار وفي وقت الذروة يتراوح سعر الطن ما بين 130-150 دينارا أو تقوم المعاصر ببيعه للتجار مباشرة.
ويرى العايد أن المزارعين بأمسّ الحاجة لمادة الجفت وخاصة صغار المزارعين وهم من ذوي الدخل المحدود وبأمسّ الحاجة لاستخدام الجفت في التدفئة وتوفير أثمان المحروقات التي ترتفع بشكل مطرد وتوفير أثمان الحطب كذلك.
ويقول الثمانيني علي عبد الحميد، إنه وقبل نحو 15 عاما كانت المعاصر تقوم بتوزيع الجفت على المزارعين والمواطنين وكل من يرغب بالحصول على الجفت يقوم بأخذ الكمية التي يريدها لا سيما وأن المعصرة ترغب بالتخلص من مادة الجفت بأي طريقة. وتابع، إن المواطنين كانوا يضعون القليل من الماء على الجفت ومن ثم عجنه يدويا وبعدها يقوم بتشكيله على شكل كرات صغيرة وبعدها تجفيفه تحت أشعة الشمس والاحتفاظ به لفصل الشتاء لاستخدامه في مدافئ الحطب، باعتباره مادة ذات جودة عالية ولا تتصاعد من عملية احتراقه أي مواد سامة.
أما في الوقت الحالي فتقوم المعاصر باستثماره أو بيعه للتجار، فيما أصبحت أنواع من الجفت في السوق مغشوشة ويتم خلطها بالأتربة والحصى لزيادة الوزن ما تسبب في تعطل المدافئ.
ويعتقد الثمانيني أن المزارعين من حقهم الحصول على مادة الجفت وتقدر الكمية التي يجب أن يحصل عليها نسبة إلى كمية الزيتون التي تم عصرها وهو يتصرف في الجفت ويقوم باستثماره بالطريقة التي يراها مناسبة أو يقوم بتقدير الكمية كذلك وبيعها للمعصرة أو التجار بشكل مباشر، لاسيما وأن وضع المزارع في تراجع مستمر وهو بحاجة إلى أبسط الأشياء ليقوم بتغطية جزء من تكاليف العمل في هذا القطاع.
إلى ذلك، قال محمد القيام صاحب معصرة زيتون في جرش إن تصنيع مادة الجفت غير مجد للمعاصر لقلة الكميات وتكاليف التصنيع الباهظة، ما يضطرهم إلى بيعه للتجار بأسعار زهيدة ومتواضعة لا سيما وأن القدرة المالية للمعاصر منخفضة وتصنيع الجفت مكلف وأثمانه غير مجدية إذ لا يتعدى الطن الواحد 80 دينارا وتكاليف التصنيع تزيد على 100 دينار للطن الواحد.
وبين أن أصحاب المعاصر يقومون بالتخلص من مادة الجفت فور توفر تجار أو متعهدين للحد من الروائح والأضرار البيئية التي يتركها في المعاصر والمناطق المجاورة.

صابرين الطعيمات / الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة