موسم ورق العنب في جرش.. بهجة تمتد من المزارعين إلى آلاف الباحثين عن مصدر دخل

جرش – يترقب آلاف من العائلات والمتعطلين عن العمل في محافظة جرش وبفارغ الصبر، موسم قطاف ورق العنب الذي بدأ منذ أيام قليلة، حيث يعولون عليه في توفير فرص عمل مؤقتة ومصادر دخل، لا سيما أن هذا المنتج يشهد حركة تسوق نشطة من قبل زوار المحافظة من مختلف المحافظات الأخرى، ويباع بأسعار مناسبة وبجودة عالية.
وبالنسبة لمزارعي العنب، فإن الموسم يعد فرصة تسويقية تغطي جزءا كبيرا من تكاليف العمل الزراعي وتوفر لباقي المنتجات فرصا للرعاية والاهتمام، خصوصا أن المزارعين تعرضوا لخسائر في موسم الزراعات الشتوية الماضية نظرا للتغيرات المناخية وتأخر الموسم المطري، ولم يتبق أمامهم سوى موسم الزراعات المثمرة من العنب واللوزيات والتفاحيات، حيث يحين موعد قطافها في الأسابيع القليلة المقبلة في سبيل تعويض جزء من خسائرهم في الزراعات الشتوية.
ووفق المزارع عبد الكريم العياصرة “يبذل المزارعون قصارى جهدهم في الحصول على كمية وجودة منتج منافسة، بهدف الحفاظ على سمعة المنتج الجرشي من ورق العنب الذي لا يقل سعر الكيلو منه عن 6 دنانير في أسوأ الظروف، وسط خطر يتخوف منه المزارعون، وهو مرض جدري العنب، الذي يحتاج منهم إلى تفقد مستمر وحملات رش وتسميد لمكافحة ظهور أي بوادر للمرض والحفاظ على المنتج بأعلى جودة”.
وأوضح العياصرة “أن موسم ورق العنب من المواسم الحيوية التي توفر فرص عمل في سلاسل الإنتاج، فكل مزارع يحتاج إلى عمال للقطاف، وعمال للتغليف والتسويق، وهي سلسلة عمل متكاملة، فضلا عن عمال للرش والري التكميلي بهدف الحفاظ على جودة المنتج وحمايته من الأمراض والعدوى، لا سيما أن أهم ما يميز الموسم هو سرعة التسويق والأسعار المناسبة وكميات الإنتاج الوفيرة، مما يضمن تغطية حاجة السوق والبيع في المحافظات الأخرى”.
“مساحة مزارع العنب تتزايد بشكل كبير”
وأشار إلى “أن الموسم الذي بدأ منذ أيام قليلة من الممكن أن يستمر لمدة شهرين، وهي مدة عمل مناسبة للشباب والسيدات المنتجات، لا سيما أن مساحة مزارع العنب تتزايد بشكل كبير في جرش نظرا لميزات هذه الشجرة في إنتاج الورق وأسعاره المناسبة، ومن ثم إنتاج العنب وتسويقه، وتصنيعه متاح كذلك، ومدة زراعة الشجرة وإنتاجها قريبة ولا تحتاج إلى أكثر من عامين مقارنة بأنواع الأشجار الأخرى التي تحتاج إلى سنوات طويلة حتى تبدأ الإنتاج”.
من ناحية أخرى، يقوم متعطلون عن العمل بشراء المنتج من المزارعين أنفسهم، ومن ثم يقومون بتغليفه وتسويقه داخل وخارج المحافظة من خلال التشبيك مع وسطاء لضمان الحصول على أرباح مناسبة وتسويق المنتج بمساحة أوسع والاستفادة من سمعة المنتج الجرشي في التسويق وحركة التنزه والنشاطات، خصوصا نهاية الأسبوع، وفق الشاب راشد الزعبي.
وقال الزعبي، إنه يستثمر موسم ورق العنب وباقي المواسم الإنتاجية في جرش من خلال معمل صغير يقوم من خلاله بشراء المنتج مباشرة من المزرعة، ومن ثم تغليف وتجهيز المنتج للأسواق بأياد من أبناء منطقته، ومن سيدات معيلات لأسرهن وخريجات جامعيات بلا وظائف، ومن ثم تسويق المنتج في الأسواق بأسعار مناسبة، والتشبيك مع المحافظات لتسويقه كذلك بمراحل إنتاجية يومية متكاملة ومتناسقة.
وتعتمد مئات من الأسر الجرشية في هذا الوقت على موسم توريق العنب لتوفير مصدر دخل إضافي لها يساعدها في تخطي الظروف الاقتصادية الصعبة التي تواجهها، وتحديدا في فصل الصيف الذي تزيد فيه المناسبات الاجتماعية وكذلك مستلزمات عيد الأضحى.
عمل مواد غذائية متعددة
من ناحية أخرى، توجه مئات من المزارعين إلى استبدال الأشجار غير المثمرة أو قليلة الإنتاج بزراعة معرشات العنب للاستفادة منها في موسم الورق وموسم الثمر، ومنهم من يقوم باستغلال الثمار لعمل مواد غذائية متعددة مثل المربى والخل والخبيصة، بحسب المزارعة فضية رزق الله.
وقالت إنها قامت قبل 5 سنوات باستبدال أشجار مثمرة وأشجار زيتون بمعرشات العنب، وبمساحة لا تقل عن 8 دونمات، لا سيما أن الأشجار المثمرة إنتاجها قليل وجودة الثمر تتأثر بالظروف الجوية وتحتاج إلى عناية ورعاية خاصة وتكاليف مالية باهظة مقارنة مع حجم الإنتاج الذي توفره.
وبينت رزق الله، أن معرشات العنب بدأت بعد عامين من زراعتها بالإنتاج الوفير من حيث الورق، وهو موسم نشيط وحيوي ويسهل تسويقه وتحتاجه كل الأسر الجرشية ومن شتى المحافظات، وهي تقوم يوميا بتوريق المعرشات وجمع عشرات الكيلوغرامات من الورق بمبلغ لا يقل عن 3 آلاف دينار سنويا، وتحتاج في عملها إلى 5 فرص عمل من سيدات المجتمع المحلي لمساعدتها على العمل بسلاسل الإنتاج.
وأضافت أنها تستغل موسم العنب في عمل الخبيصة والمربيات والخل ومنتجات متنوعة من العنب، وهي تباع بأسعار أفضل من الثمر وتشهد إقبالا وتسويقا جيدا مقارنة مع ثمار العنب بمختلف أنواعه، وهي توفر من خلال مزارع العنب فرصا لأبناء البلدة للعمل معها مدة لا تقل عن 4 أشهر، سواء في التوريق أو تصنيع ثمار العنب.
إلى ذلك، تعمل فاطمة بني أحمد بمهنة تسويق منتجات ورق العنب عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والحصول على نسبة متفق عليها من الأرباح، وهي بذلك توفر مصدر رزق لأسرتها، ومهمتها التشبيك بين منتجي الورق، وهو عمل تمتهنه السيدات أكثر في القرى والبلدات، وتسويق المنتجات عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي مقابل الحصول على هامش ربح بسيط، وها قد بدأت فترة بيع ورق العنب، وهي تقوم بتسويق ما لا يقل عن 100 كيلوغرام يوميا مقابل نصف دينار على كل كيلوغرام تقوم بتسويقه، وتعمل على تسويق المنتجات في كل المواسم الغذائية وبيع مختلف المنتجات.
تخزين كميات لاستخدامها على مدار العام
وترى بني أحمد أن منتج ورق العنب من المنتجات الزراعية المطلوبة والمرغوبة لدى جميع العائلات الأردنية، وكل أسرة تقوم بتخزين كميات كبيرة سنويا لاستخدامها على مدار العام، مما يجعل الطلب على الورق متزايدا ويسهل تسويقه وبيعه وعرضه، وفرص التسويق تتوسع وتنتشر في أنحاء المملكة كافة.
وكحال المئات من المزارعين، قام المزارع نجيب بني علي، قبل عامين، باستبدال كل الأشجار غير المنتجة والضعيفة بمعرشات العنب التي تتميز بإنتاجها الورقي والثمري وسهولة تسويقها، والقدرة على استغلال الورق والثمر وتصنيعه بأشكال مختلفة، فضلا عن تسويق هذه المنتجات في عطلة نهاية الأسبوع التي تشهد حركة سياحية نشطة ويطلبها الزوار، تحديدا من محافظة جرش.
وأضاف بني علي، أن المزارعين يلجأون حاليا لتغيير الأنماط الزراعية إلى زراعات مربحة وموفرة اقتصاديا وذات مردود مادي يغطي تكاليف الإنتاج، خصوصا أن المنطقة تعاني من ظروف اقتصادية صعبة، وأسعار الخضار والفواكه تنخفض بشكل كبير، ومدخلات الإنتاج الزراعي أسعارها ترتفع بشكل مطرد.
إلى ذلك، قالت مدير زراعة جرش، الدكتورة علا المحاسنة، إن زراعة معرشات العنب من الزراعات الناجحة على مستوى محافظة جرش، وتزرع فيها أنواع مميزة ذات جودة عالية، ويستفيد المزارعون من الأوراق والثمار، وقد بدأ حاليا موسم قطاف الأوراق التي تلقى رواجا كبيرا في المجتمع الأردني، وتوفر فرص عمل لمئات من الأسر والسيدات المنتجات والشباب المتعطلين عن العمل، كون الكميات المنتجة كبيرة، وأسعار المنتج مناسبة وتسويقه سهل.
وأكدت المحاسنة أنه لغاية الآن لا توجد أي إصابات لزراعات العنب في جرش، وأبرزها جدري العنب، وأن ورق العنب موجود بجودة عالية وإنتاج وفير.