نحو تعلم فعال – استراتيجية التعلم بالمشروع/ مهند فرحان القضاة

=

 

يواجه العالم حاليًا ثورة في مجال التعليم وانفجار مستمر بالمعرفة، وتسعى العديد من الدول إلى تطوير مناهجها بما فيها مناهج الرياضيات بغية تحقيق مزيدا من النوعية والجودة في أنظمتها التعليمية، ولا سيما تزويد الطلبة في مهارات القرن الحادي والعشرين، وتسليحهم بالمعرفة العميقة وتمكينهم من التطبيق الحياتي لما يتعلموه. وهذا يتطلب من القائمين على المناهج والمعلمين التوجه إلى استخدام طرق واستراتيجيات تدريسية نشطة ومتطورة، وقد يكون من انسب هذه الاستراتيجيات وخاصة في تدريس الرياضيات إستراتيجية “التعلم بالمشروع”.

إذ تعد استراتيجية التعلم القائمة على المشروع من استراتيجيات التعلم البنائي النشط الفعالة التي تساعد الطلبة على النمذجة والمحاكاة والتفكير والإبداع، وتساعد على اكتسابهم الخبرات والمهارات المتطورة، وصقل شخصياتهم وتمكينهم من الإبتكار وزيادة الانتاجية، بما ينعكس على خلق التنافسية ونهظة بلادهم.

ويعرف “التعلم بالمشروع”، بأنه: نموذج للتعليم والتعلم يعتمد على أداء الطالب لمهام تعليمية كبرى في مواقف واقعية وحياتية في بيئته، ويتطلب ممارسة الطالب مع أقرانه مهام التخطيط والتنفيذ والتقويم بهدف تحقيق النتائج المرجوة.

ويساعد استخدام التعلم بالمشاريع على تحقيق التكامل بين االرياضيات والعلوم والهندسة والتقنية والفنون، وقد اطلق حديثا على هذا النوع من التوجه STEAMالذي يساعد على الإبتكار وإنتاج النماذج العملية التي تساعد المتعلمين باختيار توجهاتهم المستقبلية لسوق العمل. كما تستهدف هذه الاستراتيجية ربط المحيط المدرسي بالمحيط الاجتماعي، أي ربط المتعلم بحياته سواء خارج المدرسة أو داخلها.

ويمكن لنموذج التعلم من خلال المشروعات أن يطور لدى المتعلمين مهارات الاتصال والقيادة والعمل الجماعي، بالاضافة إلى تنمية مهارات التفكير وربط الطالب ببيئته، وتشجعيه ايضا على القيام بدور نشط في العملية التعليمية. كما تساعد المتعلم على أن يعلم نفسه بنفسه وتكسبه الثقة بالنفس، وتنمي لديه مهارات العمل التعاوني، وبث روح الاكتشاف ومحاكاة الواقع، وتقلص الفجوة بين النظرية والتطبيق عند المتعلمين.

ولا بد من توافر عدد من الشروط عند استخدام المعلمين استراتيجية التعلم بالمشروع، ومنها: أن يكون للمشروع قيمة تربوية، وأن يكون المشروع اقتصادياً، وملائما لخصائص الطلبة، وغير معقد، ولا يستغرق وقتاً طويلا للتنفيذ.

ولتطبيق استراتيجية التعلم بالمشروع في الموقف التعليمي، يمكن اتباع الخطوات التالية :1- اختيار المشروع.2- وضع الخطة.3- تنفيذ المشروع.4- تقويم المشروع.

وبهذا الصدد، يمكن للمؤسسات التعليمية والمناهج الدراسية بالوطن العربي تتبني استراتيجية التعلم بالمشروع، من خلال تركيزها في تطوير محتوى المناهج وخاصة مناهج الرياضيات في مشاريع تحاكي الواقع، وإعادة البناء المهني للمعلمين وتدريبهم على فنيات استخدام هذه الاستراتيجية ، وخاصة ان كثيرا من الدراسات والبحوث التربوية بينت أنه رغم اختلاف أنماط التعلم بين المتعلمين إلا أن استخدام استراتيجية التعلم بالمشروع أثبتت جدواها على تحصيل وتفكير الطلبة ودافعيتهم نحو التعلم ، وساعدت في تحديد بوصلة توجهاتهم المستقبلية نحو سوق العمل.

 

مهند فرحان القضاةدكتوراة مناهج واساليب تدريس الرياضيات

4 تعليقات

  1. فيصل الجبالي يقول

    يحتاج تطبيق مثل هذا النظام إلى تبنيه من قبل الوزارة المختصة .
    مقال مثري جدا وفيه مختصر تجارب عميقة بالتوفيق والى الامام

  2. البراء العنابي يقول

    داءمًا تتحفنا بإبداعاتك…

    نفع الله بك، وجزاك ربي خيرًا

  3. محمد عنانبه يقول

    مقال مميز و اضافة تثري العملية التعليمية للمعلم و الطالب.

    جزاك الله خيراً و و زادك علماً و نفع بك د. مهند

  4. عامر تركي القضاه يقول

    بارك الله فيك ونفع بك البلاد والعباد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة