“هدنة كاذبة” وجريمة بشعة للاحتلال بحق منتظري المساعدات

– اعتبر الفلسطينيون أن إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة حق طبيعي، ولكنهم انتقدوا إعلان الاحتلال عن هدنة جزئية محددة بعدة ساعات، بهدف تحسين صورته القبيحة أمام الرأي العام العالمي، وسط خلافات داخلية صهيونية بشأنها.
ومع الإيذان بما سماها “هدنة إنسانية”؛ أقدم الاحتلال أمس على إطلاق النار المباشر على جموع الفلسطينيين الذين كانوا ينتظرون المساعدات الإنسانية في أكثر من منطقة في قطاع غزة، مما أدى لارتقاء عشرات الشهداء والجرحى، في جريمة بشعة تضاف إلى سجله الأسود من المجازر والجرائم الدموية.
وينطبق إعلان جيش الاحتلال عن الهدنة في عدة مواقع محددة، وهي المناطق ذات الكثافة السكانية العالية التي تستقبل الآلاف من النازحين، وفي مقدمتها المواصي ودير البلح، حيث يعيش زهاء 2.2 مليون نسمة ضمن مساحة لا تزيد على 46 كيلومتراً مربعاً، بنسبة لا تزيد على 12 % من المساحة الإجمالية للقطاع.
وأفادت شبكة المنظمات الأهلية في قطاع غزة، أن عدد الشاحنات المحملة بالمساعدات المتوقع دخولها للقطاع يتراوح بين 150 و200 شاحنة، وهي تسمح بتخفيف حجم الكارثة الإنسانية في القطاع، حيث تقدر الحاجة اليومية بـ1000 شاحنة.
وأوضحت أن الشاحنات ستحمل مواد إغاثية أساسية؛ مثل الدقيق والمواد الغذائية والإمدادات الطبية ومواد النظافة وتنقية المياه، من خلال الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية، كبرنامج الغذاء العالمي واليونيسف ومنظمة الصحة العالمية، إضافة إلى الهيئة الهاشمية الأردنية والجانب المصري.
واعتبر رئيس شبكة المنظمات الأهلية في قطاع غزة، أمجد الشوا، أن إعلان الاحتلال أن توزيع المساعدات منوط بمؤسسات الأمم المتحدة، يمثل إقراراً بفشل عملية إزاحة الأمم المتحدة والمؤسسات الإنسانية عن المشهد، والاستعاضة عنها بمحاولة الدفع بما تسمى مؤسسة غزة الإنسانية التي أقامت مراكز للموت والقتل اليومي والإذلال لأبناء قطاع غزة.
وأشار إلى أن توزيع المساعدات سيكون وفق آلية تشرف عليها المؤسسات الدولية والمؤسسات الأهلية الفلسطينية بالشراكة مع الأمم المتحدة، ضمن قواعد بيانات تضمن حصول الجميع على المساعدات، ووفقاً لأولويات تراعي الأسر التي تقودها نساء وذوو إعاقة، وكبار سن والمرضى والجرحى، عبر مئات مراكز التوزيع التي تعمل على الأرض لتسهيل حصول الفلسطينيين على المساعدات.
من جانبه، أكد “المكتب الإعلامي الحكومي” أن قطاع غزة يحتاج يومياً 600 شاحنة إغاثية، تشمل حليب الأطفال والمساعدات الإنسانية والوقود لتلبية الحد الأدنى من احتياجات السكان، إلى جانب 250 ألف علبة حليب شهرياً مطلوبة، لإنقاذ الأطفال الرُضع من سياسة الجوع وسوء التغذية التي غزت أجسادهم الضعيفة طيلة المرحلة القاسية الماضية.
وقال “الإعلامي الحكومي”، في تصريح له أمس، “يواجه قطاع غزة كارثة إنسانية حقيقية مع استمرار الحصار الخانق وإغلاق المعابر، ومنع تدفق المساعدات وحليب الأطفال منذ 148 يوما بشكل متواصل”.
وشدد على إن “الحل الجذري والعاجل هو كسر الحصار فوراً، وفتح المعابر دون شروط، وضمان تدفق حليب الأطفال والمساعدات والوقود بشكل دائم وكامل، بعيداً عن الحلول الترقيعية أو الجزئية المؤقتة.
وعلى ذات النحو؛ اعتبرت حركة “حماس” إن لجوء جيش الاحتلال إلى إنزال المساعدات جواً فوق مناطق بقطاع غزة “خطوة شكلية ومخادعة”، تهدف إلى “تبييض صورته أمام العالم” ومحاولة للالتفاف على حقوق الشعب الفلسطيني برفع الحصار، ومطالبات المجتمع الدولي بوقف التجويع.
وشددت الحركة، في تصريح لها أمس، على أن “وصول الغذاء والدواء وتدفق المساعدات الإنسانية إلى الشعب الفلسطيني في قطاع غزة بشكل عاجل حق طبيعي، لوقف الكارثة الإنسانية التي فرضها الاحتلال النازي”.
وأكد القيادي في حركة “حماس” علي بركة، أن الاحتلال يواصل ارتكاب جرائمه الوحشية بحق قطاع غزة، وفي نفس الوقت يدعي زيفاً التزامه بهدنة “إنسانية”، فيما يثبت الواقع على الأرض أن هذه “الهدنة المزعومة ليست سوى غطاء لخداع الرأي العام الدولي ومواصلة المجازر بحق المدنيين العزل”.
وقال بركة، في تصريح له أمس، أن “حماس” ترى أن ما يجري ليس هدنة إنسانية، بل استمرار في حرب الإبادة والتجويع التي تنفذها حكومة الاحتلال بحق أكثر من مليوني إنسان محاصر في غزة.
وجدد مطالبة “حماس” للمجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية والإنسانية “بالتحرك الفوري لوقف المجازر المتواصلة، وكسر الحصار الظالم المفروض على قطاع غزة، وفتح المعابر البرية بشكل عاجل ودائم، وإدخال المساعدات الغذائية والطبية والإغاثية دون قيد أو شرط”.
وقد أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية بغزة عن ارتقاء أكثر من 88 شهيداً و374 إصابة خلال الـ24 ساعة الماضية، بالإضافة إلى 11 شهيداً من شهداء المساعدات وأكثر من 36 إصابة، ليرتفع إجمالي شهداء “لقمة العيش” ممن وصلوا المستشفيات إلى 1.132 شهيدًا وأكثر من 7.521 إصابة.
وسجلت مستشفيات قطاع غزة 6 حالات وفاة جديدة خلال الـ24 ساعة الماضية نتيجة المجاعة وسوء التغذية، ليصبح العدد الإجمالي لوفيات المجاعة وسوء التغذية 133 حالة وفاة، من بينهم 87 طفلًا.
يأتي ذلك في إطار حرب الإبادة الجماعية التي يواصل الاحتلال شنها ضد قطاع غزة، مما أدى لارتقاء أكثر من 203 آلاف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين معظمهم أطفال، فضلا عن الدمار الشامل ومحو معظم مدن القطاع ومناطقه من على الخريطة.