هل تكفي 56 ألف دينار لترميم 300 موقع أثري بعجلون؟

في واحدة من أكثر المحافظات الغنية بالمواقع الأثرية والتي يزيد عددها على 300 موقع، وفق إحصائيات رسمية، لم تتجاوز المخصصات السنوية لترميم وتأهيل كنوزها والتي تعد استثمارا سياحيا، الـ56 ألف، في وقت تذهب القسم الأكبر من المبلغ لأعمال ترميم وصيانة قلعتها التاريخية، لتبقى بقية المواقع مهملة دون اي مخصصات.
عجلون محافظة السياحة والآثار، تعاني مواقع اثرية عدة فيها من النسيان، بانتظار تأمينها بالمخصصات لترميمها وابرازها، فيما يعد مجلسها بزيادة المخصصات في الموازنة القادمة، لقناعته بضرورة تأهيل الكثير من المواقع الأثرية بالتزامن مع نهضة سياحية يتوقع أن تشهدها المحافظة مع تشغيل التلفريك، وتضاعف أعداد الزوار.
رئيس لجنة السياحة والآثار والناطق الإعلامي في مجلس المحافظة منذر الزغول، يقول في هذا الخصوص، إن “الموازنة المخصصة لقطاع الآثار لهذا العام 2022 من خلال مجلس محافظة عجلون بلغت حوالي 56 ألف دينار، حيث من المتوقع زيادة موازنة الآثار في العام القادم، نظرا لحجم العمل الكبير الذي تقوم به المديرية سواء في القلعة أو موقع مار الياس والعديد من المواقع الأثرية الأخرى المنتشرة في المحافظة”.
ويرى الزغول، أنه “رغم الجهود الكبيرة التي تبذلها مديرية آثار عجلون ومديرية الآثار العامة في إجراء أعمال ترميم وصيانة متكررة في قلعة عجلون، إلا أنها ومواقع أثرية كثيرة في المحافظة، ما تزال بحاجة ماسة جدا للكثير من أعمال الصيانة والترميم”، مبينا أن “المئات من المواقع الأثرية في محافظة عجلون، تنتظر إبرازها وترميمها وتأهيلها، واستملاكها لاستثمارها سياحيا، كمواقع البدية والمقاطع الأثرية، وتوفير الحراسة الكافية لضمان عدم العبث بها”.
ووفق أرقام مديريتي السياحة والآثار، فإن المحافظة تضم أكثر من 300 موقع أثري أبرزها قلعة عجلون، بحيث تصنف تلك المواقع إلى أربعة أنماط حسب أنواعها السياحية وهي بيئية وطبيعية ومغامرة ونمط ديني وآخر تاريخي أثري إضافة الى التراثي، مع وجود 13 مسارا سياحيا.
مدير آثار عجلون الدكتور اسماعيل ملحم، أكد أن “العمل جار بمشروع ترميم وصيانة قلعة عجلون الذي تنفذه مديرية آثار المحافظة”، مشيرا إلى “أنها تشتمل على أعمال الترميم التي تعد الأكبر منذ سنوات طويلة، وتتضمن تقوية للجدران والأسقف وإعادة بناء عدد من الادراج ومعالجة مشاكل الرطوبة”.
وبين أن “مديرية الآثار تنفذ هذه المشاريع بكوادر فنية محلية، وتشغيل لعدد من أبناء المحافظة”، مؤكدا أن “الأعمال الجارية ساهمت في إعادة بناء أجزاء مفقودة و تبليط أرضيات، وتزويد المناطق المشرفة بحماية حواجز حديدية حفاظا على سلامة الزوار والسياح”.
يذكر أن موقع قلعة عجلون شهد خلال الاشهر الماضية توافدا سياحيا كبيرا، حيث ساهم برنامج أردنا جنة الذي تنظمه وزارة السياحة والآثار بزيادة كبيرة وملحوظة في عدد زوار قلعة عجلون ومختلف المواقع الأثرية والسياحية الأخرى في المحافظة.
وبحسب أرقام موثقة في مديرية سياحة عجلون فقد زار القلعة خلال الـ6 أشهر الماضية من العام الحالي حوالي 146715 زائرا، فيما بلغ عدد زوار موقع مار الياس الأثري 5461 زائرا.
ويؤكد الناشط جمال الخطاطبة أن قطاع السياحة يحتاج إلى المزيد من المخصصات لتطوير بناه التحتية، لا سيما وأن المحافظة مقبلة على عدد من المشاريع التنموية السياحية، والتي من أبرزها مشروع التلفريك، مؤكدا أن محدودية الموازنة سيؤثر سلبا على تنفيذ العديد من مشاريع سياحة الآثار، مستهجنا تخصيص هذا المبلغ المتواضع جدا للعام الحالي، ما يعني تجاهل أهمية المحافظة السياحية، وتلبية بعض متطلباتها من البنى التحتية.
وأكد محمد عنانبة من سكان المحافظة، أن المحافظة لا يمكن أن تنهض بقطاع السياحة، من دون توفير الدعم الكافي وزيادة المخصصات لتطوير البنى التحتية، معتبرا أن تحقيق ذلك سيؤدي إلى استثمار السكان لخصوصية المحافظة السياحية والأثرية وبالتالي توفير فرص العمل والحد من الفقر، لافتا بحكم تجربته السابقة كعضو في مجلس المحافظة إلى وجود عدة تحديات تواجه القطاع السياحي في المحافظة، منها ضعف جاهزية المواقع الأثرية التاريخية من ناحية الصيانة والترميم، وتراكم النفايات في مواقع التنزه، وعدم جاهزية البنى التحتية، وافتقارها للطرق الواسعة والمضاءة والمشاريع الاستثمارية الكبرى، مطالبا بإيلاء قطاع السياحة في المحافظة اهتماما ودعما كبيرين، وأن يكون ملف السياحة في المحافظة على سلم أولويات الحكومة، لأنه ما يزال دون المستوى المطلوب ولم يحقق تنمية حقيقية تنعكس على المجتمع المحلي.
من جهته، أكد رئيس مجلس محافظة عجلون عمر المومني أن المجلس، كان خصص مبلغ 200 ألف دينار من موازنة العام 2020 لقطاع الآثار، لافتا إلى أنه وبسبب ظروف “كورونا” حينها وانخفاض موازنات مجالس المحافظات بشكل عام، فقد انخفضت موازنة مديرية آثار عجلون للعام 2021 إلى 50 ألف دينار لإجراء أعمال صيانة وترميم لكافة المواقع الأثرية في المحافظة.
وأقر بأن قلعة عجلون وقطاع الآثار بشكل عام يستحق أكثر من هذا المبلغ بكثير، لافتا إلى أن انخفاض موازنة مجلس المحافظة إلى أقل من النصف ساهم بخفض موازنة القطاعات المختلفة في المحافظة ومنها قطاعا الآثار والسياحة، ما جعل هذه المبالغ لا يمكن أن تكفي لتنفيذ كافة أعمال الصيانة والترميم المطلوبة لكافة المواقع الأثرية.
يذكر أن لجنة التراث في العالم الإسلامي المنبثقة عن المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو) كانت اعتمدت قبل 3 سنوات تسجيل قلعة عجلون على القائمة النهائية للتراث في العالم الإسلامي، حيث أعلنت دائرة الآثار العامة حينها، أن الإيسيسكو سجلت قلعة عجلون خلال اجتماعها الثامن الذي التأم في مقر المنظمة بالرباط.
ومنح هذا الإعلان قلعة عجلون الشعار الرسمي للتراث في العالم الإسلامي الذي من خلاله يمكنها من الحصول على أهمية كبيرة من خلال التعريف بها والترويج السياحي والإعلامي لها، وربطها بالمعالم السياحية العالمية، وكذلك الاستفادة من أي دعم يخص المشاريع التراثية، ومنحها الأولوية في عمليات الترميم والصون والحماية.
وكانت التنقيبات الأثرية في قلعة عجلون، كشفت عن وجود 4 قاعات تاريخية أثرية تحت الأنقاض تنتظر أعمال إزالة، للكشف عنها أمام الزوار.
وكشفت أعمال التنظيف ورفع الأنقاض في القلعة عن قاعة كانت مطمورة بالأنقاض الناتجة عن انهيارات سابقة بشكل كامل، حيث تُقدر المساحة التي تم العمل عليها 40 مترًا مربعًا، وتجاورها قاعة أخرى مهجورة، وهما تقعان قرب البرج الشمالي الأوسط في القلعة، كما توجد 3 قاعات تاريخية أخرى في القلعة أسقفها منهارة منذ قرون تقع في المستوى الثالث للقلعة، وهي مغلقة بالكامل نتيجة الانهيارات، وتحتاج إلى تنظيف وإزالة الأنقاض عنها.

عامر خطاطبة/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة