وادي الأردن: إنتاج الخضار السنوي لم يصل الثلث

على الرغم من المعاناة المزمنة التي يعيشها القطاع الزراعي في وادي الأردن منذ عقود، غير أن الموسم الزراعي الحالي بخسائره الثقيلة يعد الأسوأ منذ عقود، الأمر الذي قد يؤدي إلى تراجع الرقعة الزراعية والإنتاج إلى مستويات غير مسبوقة.
فمنذ عقود ما تزال مشاكل القطاع الزراعي في الوادي تتفاقم مخلفة وراءها مزارعين مثقلين بالهموم والديون، إلا أن الموسم الحالي يبقى الأكثر وجعا إذ جاءت جائحة كورونا لتعمق من جراح المزارعين التي خلفتها عوامل انخفاض الإنتاج وارتفاع الكلف واستمرار مشكلة التسويق والقرارات الحكومية المتعلقة بالعمالة الزراعية.
ويرى رئيس اتحاد مزارعي وادي الأردن عدنان الخدام، أن القطاع الزراعي في وادي الأردن يسير على عجل نحو خط النهاية، فالموسم الحالي قضى على آمال المزارعين بالقدرة على الاستمرار في فلاحة الأرض، لافتا إلى أن الخسائر الثقيلة التي تكبدونها حصرت همومهم بالإفلات من الدائنين وإيجاد أي عمل آخر لتوفير لقمة العيش لأسرته.
ويوضح أن الإنتاج الزراعي في وادي الأردن خلال الموسم المنقضي لم يصل إلى ثلث الإنتاج السنوي من الخضار، في حين أن أسعار البيع في معظم أوقاته تدنت إلى أقل من الكلف ما ضاعف من خسائر المزارعين، مؤكدا أن الموسم المقبل سيشهد تراجعا كبيرا في المساحات المزروعة وأعداد المزارعين الذين سيتمكنون من توفير السيولة اللازمة لزراعة الأرض.
ويحمل الخدام الحكومة مسؤولیة انهیار القطاع وتراجعه وهجر المزارعین للمهنة، بسبب عجزهم عن الوفاء بالتزاماتهم تجاه مصادر التمویل وعدم قدرتهم على تأمین متطلبات الموسم الزراعي المقبل، محذرا من تجاهل واقع القطاع الزراعي الذي يعتبر شأنا وطنيا لأن تجاهله وتناسیه سيوصله إلى درجة الانهیار التام ما سيؤدي إلى هجر المزارعین لأراضيهم بشكل لا عودة عنه.
ويطالب الحكومة باتخاذ إجراءات عاجلة لضمان بقاء القطاع والمزارع على قيد الحياة، من خلال تقديم قروض دون فوائد والإعفاء من فوائد القروض الزراعیة المتعثرة لتمكینهم من العودة لأرضهم مجددا في الموسم الزراعي المقبل وإعادة النظر بالإجراءات المتعلقة بالعمالة الزراعية الوافدة والعمل بشكل جدي لحل مشكلة التسويق التي تعد المسبب الرئيس لانهيار القطاع.
وتشير تقديرات اتحاد المزارعين إلى تراجع المساحات المزروعة في وادي الأردن بما يزيد على 60 % مقارنة مع المواسم الماضية، وتراجع الإنتاج بنسبة زادت على 70 %.
ويؤكد المزارع وليد الفقير أن الموسم الزراعي لهذا العام تعرض لخسائر غير مسبوقة ولم يتبق أمام المزارع سوى التضرع والدعاء بأن يخفف الله من تباعته، فالديون تضاعفت والدائنون يطرقون الأبواب والحكومات عاجزة عن إيقاف النزيف المستمر لمكوناته في ظل استمرار التحديات والمعوقات منذ عقود والتي تفاقمت مع جائحة كورونا.
ويقول “إن القطاع الزراعي في وادي الأردن يعيش أسوأ أوقاته، إذ إن تبعات الجائحة أثرت بشكل كبير في قدرة المزارع على تسويق الإنتاج ما أدى إلى تدني الأسعار بشكل كارثي منذ بداية الموسم وحتى نهايته” مبينا” أن تكبد المزارعين لخسائر كبيرة سيحد من قدراتهم على البدء بتجهيز الأرض للموسم المقبل خاصة أنه لا يوجد أي بوادر لانفراج الاوضاع التسويقية أو معالجة بقية المعوقات التي انهكته على مدى السنوات العشر الماضية.”
ويبين المهندس الزراعي عبدالكريم الشهاب، أن التراجع الكبير في الإنتاج الخضري في وادي الأردن مرده إلى تراجع قدرة المزارعين على زراعة أراضيهم، بسبب عدم توفر السيولة اللازمة لذلك أو رعاية محاصيلهم بالشكل الأمثل نتيجة تراجع المردود وارتفاع الكلف، لافتا إلى أن تكبد المزارعين لخسائر ثقيلة وتخوفهم من استمرار الأوضاع على ما هي عليه سيزيد من عزوف الكثيرين عن زراعة أراضيهم الموسم المقبل.
ويقول” إن هذا التراجع أثر سلبا في حياة ما يزيد على نصف ملیون مواطن في وادي الأردن ومثلهم من القطاعات الأخرى المتعلقة بالعمل الزراعي” لافتا إلى أن “الخسائر الكبيرة طالت جميع أطراف القطاع الزراعي بدءا من المزارع إلى التاجر إلى المصدر وتاجر المواد الزراعية والشركات الزراعية، ناهيك عن الانعكاسات الخطيرة على العمالة الزراعية الأردنية وارتفاع نسب الفقر والبطالة”.
ويبين أن الواقع الزراعي في الوادي يحتاج إلى مراجعة شاملة وتبني سياسة وإسترتيجية حكومية واضحة المعالم تهدف بالدرجة الأولى إلى معالجة مواطن الخلل للحد من هجرة المزارعين للمهنة والذي ينطوي على مخاطر كبيرة، مشددا على اتخاذ خطوات جدية للنهوض بالقطاع من جديد لما له من أهمية بالغة للوطن والمواطن.
من جانبه يؤكد مدیر سوق العارضة المركزي المهندس أحمد الختالين، أن حجم الواردات الزراعية للسوق في تراجع مستمر ما يشير إلى تراجع الإنتاج خلال السنوات الأخيرة، موضحا أن هذا التراجع مرده إلى تدني أسعار البيع وتراجع الجدوى الاقتصادية للإنتاج الزراعي مما دفع بالكثير من المزارعين إلى هجران المهنة.
ويضيف أن الأوضاع التي يمر بها القطاع حدت من قدرة المزارع على تقديم الرعاية اللازمة للمحاصيل بالقيام العمليات الزراعية الضرورية من أسمدة ومكافحة للآفات وتوفير العمالة الكافية ما أثر بشكل كبير على حجم ونوعية الإنتاج، لافتا إلى أن استمرار تدني الأسعار خلال الفترة الحالية دفع بغالبية المزارعین لإنهاء موسمهم.
ويبين أن الموسم الغوري يشارف على الانتهاء إذ تراجعت واردات السوق إلى ما دون 100 طن يوميا، خاصة مع بدء الإنتاج في المناطق الشفوية الذي يوفر منتجا ذا جودة عالية، موضحا أن ما شهده القطاع الموسم الحالي سيؤثر بشكل كبير على الإنتاج الموسم المقبل.

حابس العدوان/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة