11 قتيلا في يوم احتجاجات دام بالسودان

الخرطوم – قتل 11 متظاهرا سودانيا على الأقل بالرصاص الحي أمس بينهم امرأة على يد قوات الجيش التي حاولت فض الاعتصامات المناهضة لحكم العسكر في مناطق مختلفة من السودان ما رفع عدد القتلى الى 39 متظاهرا لغاية مساء أمس.
وذكرت لجنة الأطباء المركزية المؤيدة للاحتجاجات أن القتلى أردوا جميعهم برصاص حي بين الرأس والصدر والبطن”.
كما أطلقت قوات الأمن السودانية أمس قنابل غاز مسيل للدموع على عشرات المحتجين الرافضين للحكم العسكري، عقب يوم دام من التظاهرات المطالبة بتسلم المدنيين السلطة في البلاد أول من أمس خلف 15 قتيلا، وهو أكبر عدد قتلى يسجل في احتجاجات منذ سيطرة العسكر على الحكم في 25 تشرين الأول (أكتوبر).
وعادت الاتصالات الهاتفية صباح أمس بعد انقطاع خلال عملية قمع التظاهرات. في الوقت ذاته، حاولت القوات الأمنية مرة أخرى تفريق عشرات المتظاهرين الذين كانوا ما يزالون متجمعين قرب الحواجز والمتاريس التي أقاموها لقطع الطرق، في ضاحية بحري شمال شرق العاصمة التي باتت حصن المتظاهرين وبؤرة الاحتجاجات الأساسية.
وفي حين تفرّق المتظاهرون في معظم مناطق الخرطوم وفي مدن سودانية أخرى قبل منتصف الليل أول من أمس، استمر متظاهرو خرطوم بحري في الدفاع عن متاريسهم، وهي عوائق وحواجز يقطعون بها الطرق، إلى ما بعد ظهر أمس، فيما أطلقت الشرطة الغازات المسيلة للدموع في اتجاههم ولكنهم ردوا برشقها بالحجارة.
وفي المجموع، قُتل منذ الانقلاب 39 شخصا بينهم ثلاثة مراهقين وجُرح مئات، غالبا خلال عمليات تفريق المحتجين.
ونزل عشرات آلاف السودانيين الى الشوارع في 30 تشرين الأول (أكتوبر) وفي 13 تشرين الثاني (نوفمبر) احتجاجا على الانقلاب.
وانتشرت قوات الأمن مجددًا أمس في الشوارع وحاولت إزالة العوائق التي وضعها المتظاهرون في شمال الخرطوم، بحسب شاهد.
ودانت مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشيل باشليه أمس باستخدام قوات الأمن السودانية الذخيرة الحية في وجه المتظاهرين السلميين، معتبرة ذلك أمرا “معيبا تماما”.
كما ندّدت مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون الإفريقية مولي في أمس بـ”العنف ضد متظاهرين سلميين”، فيما دعا مقرّر الأمم المتحدة لشؤون حرية التجمع كليمان فول “المجتمع الدولي الى الضغط على السودان من أجل الوقف الفوري للقمع”.
وبسبب انقطاع خدمة الإنترنت لفترات طويلة منذ إعلان رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان حل مؤسسات الحكم الانتقالي وبالتالي إقصاء المدنيين من السلطة، اعتاد السودانيون تبادل المعلومات والدعوات الى التظاهر عبر رسائل نصية قصيرة بدلا من وسائل التواصل الاجتماعي، لكن بعد ظهر أول من أمس لم يعد بوسعهم حتى الوصول الى أي شبكة من شبكات الهاتف.
وبدأ القمع منذ اليوم الأول للاحتجاجات، إلا انه بلغ مستوى جديدا أول من أمس، وأغلقت قوات الأمن الجسور التي تربط الخرطوم بضواحيها والشوارع الرئيسية التي ينزل إليها المحتجون عادةً.
وقالت المتظاهرة سُهى (42 عامًا) أول من أمس إن قوات الأمن مارست “قمعًا عنيفًا” من خلال إطلاقها “قنابل غاز مسيّل للدموع تصمّ الآذان”.
ودان تجمع المهنيين السودانيين، وهو تكتل نقابي قام بدور محوري في إطلاق “الثورة” التي أسقطت عمر البشير في نيسان (أبريل) 2019، ما أسماه “جرائم ضد الانسانية” في بلد قُتل فيه أكثر من 250 متظاهرًا خلال الانتفاضة التي أنهت، مع البشير، نظامًا دكتاتوريًا دام 30 عامًا.
واعتبر التجمّع في بيان أن ما يجري في شوارع ومدن السودان “جرائم بشعة ضد الإنسانية تتضمن القتل العمد، إلى جانب انتهاك الكرامة بالضرب واقتحام البيوت بالقوة المسلحة”، مع “تعمد قطع كل وسائل الاتصال لإخفاء وتغطية عشرات الجرائم الأخرى”.
واعتبر أن “مجزرة” اليومين الماضيين “تأكيد على سلامة شعارات المقاومة ولاءاتها الثلاث: لا تفاوض، ولا شراكة، ولا مساومة”.
وأوقف خلال الأسابيع الماضية مئات الناشطين والصحفيين والأشخاص الذين كانوا متواجدين في الشارع.
وأعلنت الشرطة في بيان أنها قامت “بواجب تأمين مؤسسات الدولة وجموع المتظاهرين” أمس، وأنها “قوبلت بالعنف غير المبرّر تجاه أفرادها ومركباتها”، مشيرة الى أنها استخدمت “الحدّ الأدنى من القوة والغاز المسيل للدموع ولم تستخدم السلاح الناري مطلقاً”.
واتّهمت لجنة الأطباء المركزية مساء أول من أمس قوات الأمن بملاحقة الأطباء إلى المستشفيات وإطلاق قنابل مسيلة للدموع على الجرحى وسيارات الإسعاف.
وفي ظل غياب حلول سياسية في الأفق، أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن استعداده لدعم السودان من جديد إذا “أعاد الجيش القطار (الانتقالي) إلى مساره الصحيح”.
وكانت مولي في قامت خلال الأيام الأخيرة بجولات مكوكية بين ممثلي القوى المدنية، ومن بينهم رئيس الوزراء عبد الله حمدوك الذي أقاله الجيش ووضعه قيد الإقامة الجبرية، والعسكريون، في محاولة للتوصل الى تسوية تتيح العودة الى المرحلة الانتقالية المفترض أن تقود الى سلطة منتخبة ديمقراطيا في العام 2023.
وشكّل البرهان مجلس سيادة انتقاليا جديدا استبعد منه أربعة ممثلين لقوى الحرية والتغيير (ائتلاف القوى المعارضة للعسكر)، واحتفظ بمنصبه رئيسا للمجلس. كما احتفظ الفريق أوّل محمّد حمدان دقلو، قائد قوّات الدعم السريع المتّهمة بارتكاب تجاوزات إبّان الحرب في إقليم دارفور خلال عهد البشير وأثناء الانتفاضة ضدّ البشير، بموقعه نائبا لرئيس المجلس.
ويكرّر البرهان وعده بإجراء انتخابات العام 2023، مؤكدا أنه تصرّف فقط من أجل “تصحيح مسار الثورة”.-(أ ف ب

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة