نصف مليون مستوطن غادروا الكيان منذ “7 أكتوبر”

ينقلب مخطط تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة لخارج وطنهم في وجه الكيان المحتل الذي يواجه تهديدا وجوديا بفعل تسارع ما يسمى “الهجرة اليهودية المعاكسة” من أراضي فلسطين المحتلة، منذ عملية “طوفان الأقصى”، والتي وصلت لرقم صادم إزاء فرار زهاء نصف مليون مستوطن بلا عودة، ما يثير مخاوف نزيفه المتواصل أمام عددهم المرشح للزيادة.
وفي آخر إحصائية لما يسمى وزارة السكان والهجرة في الكيان المحتل، أفادت بأن أكثر من 550 ألف شخص غادروه بلا عودة خلال الأشهر الستة الأولى من الحرب ضد قطاع غزة، مما يجعل هذا الرقم الصادم مرشحا للزيادة لدى استمرار العدوان بثقل تبعاته.
وتخلق حركات الهجرة العكسية حالة من القلق الوجودي للكيان المحتل، فضلا عن هدم معنويات المستوطنين، والذي تغذيه بعض المعتقدات اليهودية والتلمودية التي تتحدث عن “زوال إسرائيل” كما زالت “ممالك إسرائيل” والتي لم تكمل ثماني عقود، أو بدأت في التفكك منذ العقد الثامن لها، حسب النبوءات الصهيونية.
وفي الوقت الذي يسعى فيه الاحتلال جاهدا لتهجير نحو 2.3 مليون فلسطيني من قطاع غزة إلى خارج وطنهم، والذي فشل في تحقيقه، فإنه أضحى يواجه تهديدا وجوديا لكيانه الصهيوني، في ظل تسارع “الهجرة العسكية” منذ عملية “طوفان الأقصى”، في 7 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، والتي زادت من شعور المستوطنين اليهود بعدم الأمان والثقة في مؤسستهم الأمنية والسياسية الصهيونية.
وزادت مشاعر السخط عند المجتمع الصهيوني من حكومتهم، برئاسة “بنيامين نتنياهو”، بعد فشلها في التصدي لعملية “طوفان الأقصى” وإعادة أسراهم، بما تجسد في المظاهرات الاحتجاجية العارمة للمطالبة برحيلها.
وكانت حكومة الاحتلال تعتبر، في البداية، أن ما يحدث هروبا مؤقتا أو مواجهة مصاعب فنية في العودة، إلا أن المشهد تحول حاليا إلى هجرة دائمة بفعل الأوضاع الراهنة.
وتؤكد الجهات الرسمية في الكيان المحتل، وفق إعلام الاحتلال، أن مغادرتهم ليست مؤقتة بسبب الحرب فقط، بل تتجه لتكون هجرة دائمة خاصة مع تزايد التحديات الأمنية في الداخل الصهيوني وتواصل سقوط الصواريخ من جبهات عدة، من غزة وجنوب لبنان، وفق ما ورد فيها.
وتؤثر “الهجرة العكسية” على قطاعين رئيسين في الكيان المحتل؛ هما: الاقتصادي، والذي يتمثل في نقص العمالة، والعسكري عبر التهرب من الخدمة بجيش الاحتلال.
كما تؤثر “الهجرة العكسية” سلبا على القطاع السياحي، حيث لم يعد الكيان المحتل مكانا جاذبا للسياح، بعدما بات معزولا ومنبوذا، وفق مركز “أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي”.
وتقر الأوساط السياسية والأمنية في الكيان المحتل بأن الأخير يسير بخطى حثيثة نحو العزلة الدولية، على خلفية العدوان الهمجي والبربري الذي يرتكبه الاحتلال ضد المدنيين العزل في قطاع غزة، وفق المركز البحثي نفسه عبر موقعه الإلكتروني.
واعتبر المركز أن الهدف من عزل الكيان المحتل ونبذه هو سحب شرعيته وعرضه كدولة عنصرية، لا تمثل للقوانين الدولية، بما يهدف في نهاية المطاف إلى القضاء عليه، وذلك بعدما فقد الشرعية، وأصبح منبوذا، بما يؤثر سلبا على علاقاته مع الدول والتنظيمات العالمية، كما قال.
وحذر من أن التدهور القاسي في مكانة الكيان المحتل العالمية منذ اندلاع الحرب ضد غزة تعود بالنتائج السلبية والخطيرة جدا عليه وعلى مستوطنيه في عدة مجالات السياسية، الاقتصادية، سوق العمل، الأكاديمية والثقافية، وكنتيجة لهذه التطورات السلبية تعرض أمنه القومي لضربة قوية، كما أكد المركز نفسه.
من جانبه، قال الرئيس محمود عباس، إن حكومة الاحتلال تسعى لإنهاء السلطة الفلسطينية وإعادة فرض الاحتلال وتصفية حقوق الشعب الفلسطيني، وذلك في كلمة له خلال اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في مقر الرئاسة الفلسطينية بمدينة رام الله.
وحذر الرئيس عباس من خطورة ما تتعرض له القضية الفلسطينية في ظل إمعان الاحتلال باستمرار حرب الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في كل الأراضي الفلسطينية المحتلة، بالتزامن مع سرقة وقرصنة أموال المقاصة الفلسطينية ومصادرتها بهدف تقويض وضع السلطة الوطنية الفلسطينية.
ولفت إلى أنه يأتي “انسجاما مع تصريحات حكومة الاحتلال الهادفة لإنهاء السلطة وإعادة فرض الاحتلال والاستعمار الاستيطاني، وتصفية حقوق الشعب الفلسطيني.”
وفي وقت سابق أول أمس، أعلن الوزير المتطرف، “بتسلئيل سموتريتش”، أنه يعتزم جعل الضفة الغربية المحتلة جزءا لا يتجزأ من الكيان الصهيوني.
من جانبها، أكدت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أهمية تضافر كل الجهود لوقف حرب الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني.
كما أكدت على “صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته لكل أهداف الاحتلال الإستراتيجية، وفي مقدمتها التهجير وشطب حقوقه وثوابته التي جسدتها منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني”.
التعليقات مغلقة.