الهوية الوطنية الأردنية ومغالطات تاريخية عن صياغتها

عمر سامي الساكت
هنالك وجه أخر مغلوط لكنه شائع للاسف، عن سردية الهوية الوطنية الأردنية فقد جاء في كتاب “تأثيرات إستعمارية صناعة الهوية القومية في الأردن” جوزيف مسعد تحدث فيه عن العلاقة الوطيدة بين تأسيس ما أسماه (بالكيان الأردني) ويقصد إمارة شرق الأردن والوجود البريطاني في المنطقة ويقول بأن أهم دعائم تكوين الهوية الوطنية الأردنية كانت المؤسستين العسكرية والقانونية ويضيف ” وقد تمكنت هاتان المؤسستان عن طريق الدعم والإشراف البريطاني أولاً ثم الرسمي الحكومي فيما بعد، من إستيعاب الأفراد والقبائل والمجموعات السكانية في شرق الأردن وإعادة تنظيمها وفق رؤية جديدة تتسق مع مفهوم “الدولة الأمة” الذي فرضه الإستعمار في المنطقة بعمومها، وذلك على حساب الأشكال والبنى التقليدية والمحلية التي كانت سائدة قبل قيام الكيان الأردني” والأخطر يرى المؤلف أن هاتين المؤسستين خلقتا مجموعة من الصور والتعبيرات والممارسات والتقاليد جعلتها وكأنها أصلية ووطنية وتراثية ومشكلة لعناصر الهوية الجماعية الأردنية. وفي الواقع فإن كل تلك “المنتجات” كانت حديثة الصنع، ويدعي أنه لا علاقة لها بتاريخ وتقاليد القبائل التي أستبدلت مؤسساتها التقليدية بالمؤسسات المفروضة من قبل الاستعمار البريطاني.
وبالتعقيب على ما سبق أتطرق لدراسة دكتوراه في الجامعة الأردنية للباحث محمود عواد الدباس تحت عنوان”تطور مظاهر الهوية الوطنية الاردنية” والتي تحدث فيها عن سبع هويات اجتماعية رئيسية وست هويات اجتماعية فرعية ضمن الهوية المجتمعية الوطنية الاردنية، وشملت الهويّات الاجتماعيّة الرئيسية : الهوية الدينية، الهوية القومية، الهوية الشخصية، الهوية العائلية، الهوية المرتبطة بالجغرافيا الاردنية، الهوية المرتبطة بالجغرافيا الفلسطينية، الهوية المعولمة وكانت اشكالية الدراسة من حقيقة أن المراحل المتعاقبة التي مرت بها الدولة الأردنية والمجتمع الأردني قد ألقت بظلالها على الهوية الوطنية الأردنية وفي زخم هذه الهويات الفرعية يرى الدباس أن المخرج في إعادة صياغة الهوية الوطنية الأردنية الجامعة ولا يمنع ذلك وجود هويات فرعية والتي تحل بالهوية المركبة )كما طرحها( وكما فهمتها بأنه يمكن للشركسي مثلاً أن يعتز بأصوله وعاداته وتقاليده الخاصة به وهذا حق مشروع له وأن يعتز بالهوية الوطنية الأردنية وأن تكون شعاره الأول ويرفض أي تهديد أو مساس بها، وهذا ليس لدينا اشكال فيه، وأن يكون للأردني من أصول فلسطينية هوية أردنية مركبة، على أن تكون هويته الأولى “الهوية الوطنية الأردنية” ثم تأتي الهوية الفلسطينية والتي هي مسقط رأسه وأصله وفلسطين قضيتنا جميعا فهذا يختلف عن الهوية النضالية، ولا يوجد أي تناقض في ظل الهوية الإسلامية الجامعة وقوميتنا العربية ووحدة العدو الصهيوني المحتل للقدس الشريف وكل فلسطين، وهنا لا بد من التنويه بأن هيتنا أصيلة وليست دخيلة فهي مركبة على الهوية الإسلامية الجامعة وعلى القومية العربية وتفرعت منها هويتنا الأردنية ولنا عادتنا وتقاليدنا المحافظة والمتميزة والمتوارثة.
الهوية الوطنية الأردنية عريقة ومن يدعي أنها صناعة سايكس وبيكو لا يعرف المنطقة وقبائلها وعراقتها منذ الممالك الأردنية الضاربة بعمق التاريخ وقبائل كنده وجذام وأزد ، فقد لعبنا دوراً أساسياً في فتح بلاد الشام ومصر ونصرة الخلافة الأموية، وكذا كانت الهوية الوطنية الأردنية منذ القدم، وعلينا إبرازها بشكلها الصحيح وهي ليست نداً للهوية الفلسطينية أو الهويات الأخرى فالهوية النضالية مستقلة وهي هوية كل منصف غيور على الإنسانية والعروبة والإسلام.