أثر تكليف المعلمين بمهام إضافية خارج نطاق التدريس – التحديات والحلول

د.بسام القضاة
الدكتور بسام القضاة
الجامعة الاردنية
تحظى مهنة التعليم بمكانة جوهرية في بناء المجتمعات وتشكيل مستقبل الأجيال، حيث يُعد المعلم العنصر الأساسي في العملية التعليمية. ومع ذلك، فقد لوحظ في السنوات الأخيرة تزايد تكليف المعلمين بمهام إدارية وتنظيمية إضافية، لا تمت بصلة مباشرة لعملية التعليم والتدريس داخل الصف. هذا الواقع المستمر يطرح عددًا من التحديات التي تؤثر سلبًا على جودة التعليم وكفاءة أداء المعلمين.
من أبرز هذه التحديات الضغط النفسي والإرهاق الجسدي الناتج عن تراكم المهام، حيث يجد المعلم نفسه مجبرًا على أداء وظائف متعددة في وقت محدود دون مراعاة لأثر ذلك على أدائه الأساسي كمعلم. وتشير الدراسات التربوية إلى أن المعلم الذي يُثقل بكثرة المهام غالبًا ما يفقد حماسه وشغفه بالتدريس، مما ينعكس بشكل مباشر على طلابه.
كذلك، فإن انشغال المعلم بأعمال غير تعليمية، مثل إعداد الخطط الإدارية، تنظيم الفعاليات والمبادرات، والإشراف على الانضباط، أو العمل في لجان مدرسية، يؤدي إلى تقليص الوقت المخصص للإعداد للدروس، وحرمان الطلاب من فرص التعلم التفاعلي الذي يعتمد على تركيز المعلم الكامل داخل الصف. وهذا ما يفسر تراجع مستوى التحصيل الدراسي في بعض البيئات التعليمية.
كما تؤدي هذه الممارسات إلى ضعف الرضا الوظيفي لدى المعلمين، حيث يشعر كثير منهم بعدم التقدير والإنصاف، خاصةً عند غياب الحوافز المناسبة أو الاعتراف بجهودهم. وقد تتطور هذه المشاعر إلى عزوف عن المهنة أو انتقال إلى مجالات أخرى بحثًا عن بيئة عمل أكثر توازنًا.
ولمعالجة هذه التحديات، نقترح مجموعة من الحلول الواقعية، أبرزها: إعادة هيكلة المهام داخل المدرسة بحيث تُسند الوظائف الإدارية إلى موظفين متخصصين، تقنين عدد المهام الإضافية الموكلة للمعلمين، وتقديم حوافز مادية أو تخفيض في نصاب الحصص مقابل الأعمال غير الصفية. كما اقترح فتح قنوات تواصل دائمة مع المعلمين والاستماع إلى آرائهم ومقترحاتهم لضمان بيئة تعليمية محفزة وعادلة.
إنّ دعم المعلم وتوفير بيئة مهنية صحية له، ليس رفاهية، بل ضرورة لضمان جودة التعليم واستمرارية تطوير العملية التربوية. لذا، فإن إعادة النظر في توزيع المهام داخل المدرسة يُعد خطوة استراتيجية يجب أن تحظى بأولوية لدى صانعي القرار التربوي.
السؤالالمطروح : هل راعت وزارة التربية والتعليم كل ما سبق ذكره في هذا التقرير ؟
في اعتقادي، لم تراعِ وزارة التربية والتعليم جميع الجوانب المذكورة في هذا التقرير، بل أضافت عبئًا جديدًا على كاهل المعلم يتمثل في ضرورة تقديم وتنفيذ المبادرات التربوية، والتي أصبحت إحدى معايير تقييم أدائه. ومن الناحية الواقعية، فإن هذا التوجه قد يثقل كاهل المعلمين ويؤثر سلبًا على جودة العملية التعليمية.
على سبيل المثال، إذا كانت المدرسة تضم ثلاثين معلمًا، فذلك قد يعني عشرات المبادرات في العام الواحد، وإذا ارتفع العدد إلى ستين معلمًا فقد نصل إلى أكثر من عشرين مبادرة، بافتراض أن كل ثلاثة معلمين يقومون بمبادرة واحدة. هذا الكم الكبير من المبادرات قد يُفقدها قيمتها التربوية الحقيقية، ويجعلها مجرد وسيلة للحصول على تقييم أعلى دون تحقيق أثر ملموس في الميدان.
لذلك، من الضروري إعادة النظر في آلية التعامل مع المبادرات، بحيث تُراعى القدرات والظروف الواقعية للمعلمين، وتُربط بمستوى الاحتياج الفعلي للمدرسة، بدلاً من فرضها كاحد معايير التقييم..