بقلم: الأستاذ الدكتور فراس الهناندة – رئيس جامعة عجلون الوطنية
في الخامس والعشرين من أيار من كل عام، يحتفل الأردنيون بذكرى الاستقلال، تلك المناسبة الخالدة التي تشكل علامة فارقة في تاريخ الدولة الأردنية، وتجسد أسمى معاني العزة والكرامة والسيادة الوطنية. ففي مثل هذا اليوم من عام 1946، أعلن الأردن تحرره من الانتداب البريطاني، وتوج هذا الإعلان بقيادة هاشمية حكيمة، قادها جلالة المغفور له الملك عبدالله الأول ابن الحسين، طيب الله ثراه، لترسم ملامح الدولة الأردنية الحديثة.
لقد كان الاستقلال الأردني ثمرة نضال طويل خاضه الأردنيون بقيادتهم الهاشمية الشريفة، الذين لم يدخروا جهدًا في سبيل نيل الحرية والسيادة. ولم يكن إعلان الاستقلال مجرد خروج من عباءة الاستعمار، بل كان بداية مشروع نهضوي شامل، استند إلى بناء مؤسسات الدولة، وترسيخ مبادئ الحكم الرشيد، وتعزيز روح المواطنة والانتماء.
وما إن أشرقت شمس الاستقلال، حتى بدأت مسيرة البناء التي قادها ملوك بني هاشم، الواحد تلو الآخر، بكل حكمة وتفانٍ. وقد تميز الأردن، بفضل هذه القيادة الفذة، في قدرته على تجاوز التحديات الداخلية والخارجية، وتثبيت أركان دولة القانون والمؤسسات، وبناء اقتصاد وطني متماسك، وتعزيز دوره الإقليمي والدولي كقوة استقرار واعتدال.
إن عيد الاستقلال ليس مجرد مناسبة للاحتفال، بل هو محطة لتجديد العهد مع الوطن، واستحضار تضحيات الآباء والأجداد، ومراجعة ما تحقق، والتطلع نحو المستقبل بعزيمة لا تلين. فهو مناسبة نستذكر فيها بطولات نشامى الجيش العربي، وجهود العاملين في مختلف ميادين التنمية، وإسهامات المؤسسات التعليمية في إعداد أجيال تؤمن بالوطن وتفخر بانتمائها إليه.
وفي جامعة عجلون الوطنية، نحرص على ترسيخ مفاهيم الاستقلال في نفوس طلبتنا، ونغرس فيهم قيم الولاء والانتماء، عبر برامج علمية وثقافية تنطلق من تاريخ الأردن المجيد، وتسلط الضوء على مراحله السياسية والاجتماعية والاقتصادية. كما ننظم في هذه المناسبة ندوات ومحاضرات تثقيفية تبرز مسيرة الدولة الأردنية، وتدعو إلى المساهمة الفاعلة في بناء مستقبل يليق بتضحيات من سبقونا.
وانطلاقًا من إيماننا العميق بأن الاستقلال مسؤولية مستمرة تتجدد في كل جيل، تسعى الجامعة بشكل متواصل إلى تعزيز وعي الطلبة بمعاني الاستقلال وترسيخ ارتباطهم بالهوية الوطنية. وقد تم إدراج مفاهيم الهوية الوطنية والتنمية السياسية ضمن بعض المساقات الدراسية، كما تحرص الجامعة على تشجيع الأنشطة الطلابية والمشاريع البحثية التي تتناول قضايا السيادة والتنمية والاستقلال بمختلف أبعاده، وذلك ضمن رؤية تهدف إلى تحويل الاستقلال من مجرد ذكرى إلى ممارسة حية تتجلى في الوعي والسلوك والمبادرة
إن الحفاظ على مكتسبات الاستقلال مسؤولية مشتركة تقع على عاتقنا جميعًا، قيادةً وشعبًا ومؤسسات. وعلينا اليوم، في ظل التحديات المعاصرة، أن نستلهم روح الاستقلال في كل ما نقوم به، وأن نواصل العمل الجاد في بناء أردن قوي مزدهر، يستند إلى إرثه الوطني العريق، ويستشرف آفاق المستقبل بثقة وثبات.
وفي هذه الذكرى العزيزة، نرفع أكفّ الدعاء لله تعالى أن يحفظ الأردن قيادةً وشعبًا وجيشًا، وأن يديم علينا نعمة الأمن والاستقرار، في ظل حضرة صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، وولي عهده الأمين الأمير الحسين بن عبدالله الثاني.
كل عام والأردن بألف خير، وكل عام وشعبه وقيادته وجيشه الباسل في عزّ ورفعة.