إغلاقات بالجملة وتراكم ديون.. “واقع صعب” يخيم على القطاع التجاري في جرش

جرش- اضطر المئات من تجار وسط مدينة جرش، إلى إغلاق محالهم بسبب تراكم الديون وسط خشية من ملاحقتهم أمنيا لإحالتهم إلى القضاء بسبب تلك الديون، لا سيما أنهم قاموا بشراء كميات كبيرة من البضائع التي لم يبع منها قبل موسم الأعياد سوى 20 %، فيما ما تزال باقي البضائع مكدسة في مستودعاتهم، ويطالبهم أصحابها بأثمانها.

وقام العشرات من التجار بإغلاق محالهم مؤخرا، وانتقل جزء منهم إلى مهن أخرى تحقق مبيعات أكثر وتغطي تكاليف العمل فيها، لا سيما أن الخيارات أمامهم محدودة، ولا توجد مهن يتقنونها سوى التجارة، وفي الوقت ذاته، يعاني قطاع السياحة بالمحافظة من تحديات متتالية كونه القطاع الأكثر تضررا من الأحداث التي تمر بها المنطقة.
ويبذل التجار جهودا مضنية في سبيل تنشيط الحركة التجارية، من خلال عمل عروض وتخفيضات وجوائز لتحفيز المواطنين على الشراء، إلا أن جهودهم باءت بالفشل، ولم ترفع المبيعات أكثر من 5 %، وهي نسبة منخفضة مقارنة بحجم الالتزامات والمصاريف التي يحتاجها التجار يوميا، من فواتير وأجور عمال وأجور محال واشتراكات ضمان اجتماعي وتأمين صحي وبدل مواصلات ووجبات للعاملين.
وفي ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة، التي كانت وما تزال فيها الحركة الشرائية شبه معدومة، أصيب التجار بخيبة أمل خلال موسم عيد الأضحى، الذي كان ينتظرونه بفارغ الصبر، وأجبروا على التخلي عن عدد من الموظفين، ومنهم من اضطر إلى إغلاق محله والبحث عن عمل آخر لتسديد جزء من الديون التي تراكمت عليهم.
وكان التجار يعولون على هذا الموسم لتغطية جزء كبير من أثمان البضائع التي اشتروها من تجار الجملة بالدين أو الأقساط، معولين أيضا على الحركة الشرائية في العيد لتسديد ثمن تلك البضائع التي تقدر بعشرات الآلاف، والتي ما تزال في مستودعاتهم، كما كانوا يتوقعون تغطية تكاليف أجور العمال والفواتير والترخيص والضرائب وأجور المحال التجارية.
استياء من انتشار
“التسوق الإلكتروني”
إلى ذلك، يعتبر المئات من التجار أن سبب توقف الحركة الشرائية أو تراجعها إلى حد كبير مؤخرا، خصوصا في الأعياد والمناسبات، هو “التسوق الإلكتروني” الذي اتجه إليه المواطنون منذ سنوات، وهو متاح للجميع بأسعار وأصناف وطرق شحن مجانية وسهلة وسريعة عبر مندوبات لشركات تسويقية كبرى داخل الأردن وخارجه.
ووفق التاجر راشد العتوم، فإن “للتسوق الإلكتروني ميزات عديدة، وقد توجه إليه آلاف المواطنين في المواسم التجارية”.
وأكد “أن التجار يعتزمون التصعيد والاعتراض على هذه المتاجر ومواقع التسوق الإلكتروني التي ألحقت بهم خسائر فادحة، عبر تنفيذ وقفات احتجاجية، وإغلاق محالهم، والإعلان عن الإضراب المفتوح، بخاصة أنهم يمرون حاليا بظروف مالية صعبة، ومنهم من هو ملاحق من الجهات الأمنية، وجزء كبير منهم تخلى عن العمال، وأعلن العروض والتخفيضات على البضائع لتوفير جزء من المردود المادي، لكن دون جدوى”.
وأضاف العتوم “أن الأمور ازدادت سوءا جراء الأوضاع التي تعصف بالإقليم، وتنعكس مباشرة على الظروف الاقتصادية والاجتماعية، مما شكل كارثة على تجار مدينة جرش، الذين لا يقل عددهم عن 5000، بمختلف المهن والتخصصات”.
بدوره، يرى التاجر معين البوريني “أن هذا الوضع خطير على التجار، كونهم تحولوا إلى مهن وأعمال أخرى، وأغلبهم ملاحقون أمنيا، وفي الوقت ذاته غير ملتزمين بترخيص محالهم أو دفع الضرائب والالتزامات المالية التي تترتب عليهم”. وأضاف البوريني أنهم “اضطروا إلى الاستغناء عن العمالة بشكل كبير وملحوظ، وتتراكم عليهم الديون، وهم عاجزون خلال الفترة المقبلة عن تنزيل بضائع جديدة أو تغطية حاجة السوق بالبضائع كما هو معتاد، لا سيما في المواسم الرئيسية”.
أسباب ضعف الحركة التجارية
من جانبه، أكد رئيس الغرفة التجارية في جرش الدكتور علي العتوم “أن الحركة التجارية داخل سوق جرش ضعيفة، بسبب الظروف الاقتصادية للمواطنين، والظروف السياسية التي تمر بها المنطقة، من حروب تنعكس بشكل مباشر على الأوضاع الاقتصادية، وحركة التصدير والاستيراد، وظروف المواطنين، وأوضاعهم الاقتصادية والنفسية والاجتماعية، وتغير الأولويات، فضلا عن تأثير مباشر على عدد التراخيص، ودفع الضرائب، والالتزامات بالنفقات الجارية التي يتحملها التاجر شهريا”.
وسبق أن طالب تجار، لا سيما في السوق الحرفي والحاصلين على قروض من وزارة السياحة بدون فوائد، بتحسين أوضاعهم وتخفيف جزء من الخسائر المادية التي لحقت بهم عبر جدولة القروض وتأجيل السداد لمدة أطول، وتأجيل تسديد أجور محالهم والتراخيص والضرائب وغيرها من المستحقات المالية التي يتحملها التجار شهريا حتى يتمكنوا من تصويب أوضاعهم والتعافي من آثار الأوضاع التي تمر بها المنطقة، وتنعكس بشكل مباشر على الحركة السياحية، مشيرين إلى أنه “حتى الآن، لا يعرف متى ستنتهي هذه الظروف وتعود الحركة السياحية إلى المنطقة، وهذا يحتاج إلى شهور من التعافي كما حدث خلال جائحة كورونا”.
ووفق التاجر مروان أبو العدس، “اضطر العديد من التجار إلى فتح محالهم ساعة واحدة في اليوم وإغلاقها باقي اليوم لعدم وجود أي زوار داخل الموقع الأثري، والاستغناء عن عمالتهم وعمل عروض وتخفيضات كبيرة”، مشيرا في الوقت ذاته إلى “أن هذه الإجراءات غير مجدية أصلا لعدم وجود زوار، مما أدى إلى تراكم الأجور والفواتير والضرائب عليهم، وعجزهم عن ترخيص المحال أو دفع مستحقات الضمان الاجتماعي”.
أما التاجر فيصل العياصرة، فأكد من جهته، “أن جميع تجار السوق الحرفي والأدلاء السياحيين متضررون من الظروف السياسية التي تمر بها المنطقة وتوقف الحركة السياحية بشكل كلي، حيث إن معدل البيع اليومي في السوق يكاد يكون صفرا يوميا، مما أدى إلى تراكم الديون والالتزامات المالية على التجار، إضافة إلى الأجور والفواتير والتراخيص، والحركة السياحية معدومة”. وأضاف، “إن مطلب التجار والأدلاء السياحيين هو تخفيض قيمة الأقساط الشهرية المترتبة عليهم، وتشجيع السياحة الداخلية من خلال برامج سياحية تشجيعية تنشط حركة البيع في السوق الحرفي”.
وأشار العياصرة، إلى “أن تجار السوق الحرفي، والأدلاء السياحيين وأغلب المنشآت العاملة في قطاع السياحة هم الأكثر تضررا من الحروب والأوضاع السياسية غير المستقرة التي تأخذ منحى التصعيد، ومن المتوقع أن تغلق منشآتهم لعدة أشهر بسبب توقف الحركة السياحية بشكل كامل، وربما يستمر هذا التوقف لسنوات، حيث تشهد الحركة السياحية تراجعا”.

صابرين الطعيمات/الغد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة