مصادر : الحكومة لن تتجه لتعديل قانون الإدارة المحلية الحالي

كشفت مصادر  عن أن الحكومة لن تتجه لتعديل قانون الإدارة المحلية الحالي، وإنما ستعمل على استحداث آخر يتضمن بنودا جديدا، ومختلفة اختلافا كليا عن تلك المعمول بها حالياً.

وتعمل حاليا لجنة الإدارة المحلية المنبثقة عن اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، على إعادة مراجعة التوصيات المنبثقة عنها سابقاً لغايات مواءمتها مع مساري التحديث الاقتصادي والقطاع العام، وبما ينعكس إيجابياً على قانون الإدارة المحلية الجديد، وفق مقررها رائد العدوان.

تطوير البيئة المؤسسية
ومن المتوقع أن تنتهي اللجنة من هذه المراجعة نهاية الأسبوع الحالي، حيث من المنتظر أن تقوم بإرسال التوصيات المنبثقة عن مراجعتها للجنة الوزارية التي شُكلت في وقت سابق لوضع قانون الإدارة المحلية، بحد قوله.
وطالبت لجنة الإدارة المحلية بوقت سابق بدراسة التوصيات المنبثقة عنها بشأن الإدارة المحلية في عام 2021، وبعد إقرار رؤية التحديث الاقتصادي، وتلك المتعلقة بخريطة تحديث القطاع العام، وفق العدوان.
ومن بين التصورات الواجب إدراجها في القانون وضع بنود لتطوير البيئة المؤسسية والإدارية في البلدية، مثل تحسين أوجه الإنفاق المالي، وتبسيط الإجراءات لديها، وتعزيز الأئتمتة، وإطلاق منصة لخدمات البلديات، وفق تأكيداته.
وأما على الجانب الاقتصادي فإن القانون يجب أن يعزز التنمية الاقتصادية المحلية، تعزيز الاستثمارات، وإعداد البنية التحتية لها، وتبسيط الإجراءات أمام المستثمرين، وغيرها، تبعا له.
وشدد على أن مسار التحديث السياسي الذي يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار لدى تعديل القانون، يتطلب التركيز على تعزيز المسائلة والمشاركة الشعبية.
وحددت توصيات اللجنة الملكية بشأن الإدارة المحلية ثلاثة محاور ترتكز على تحقيق اللامركزية المالية والخدماتية والسياسية، بحد قول العدوان.
ومن القضايا التي ستأخذ بعين الاعتبار بتعديل القانون التأكيد على أهمية ربط المشاريع الاستثمارية بجدول التشكيلات، وتخفيض سن الترشح، وزيادة نسبة تمثيل المرأة في المجالس من 25 % الى 30 %،  كما ذكر.
وكانت توصيات اللجنة الملكية لتحديث منظومة الإدارة المحلية، شددت على ضرورة إعادة استحداث المجالس المحلية مجددا، بعد أن تم إلغاؤها بموجب قانون الإدارة المحلية المعمول به حالياً.
وجاءت مبررات اللجنة بإعادة الاستحداث بأن “المجلس المحلي يمثل الوحدةَ الأساسية الأولى في هياكل الإدارة المحلية، وهو الأكثر تماسا بالمواطنين، وقربا منهم، ومن حياتهم اليومية، والأكثر معرفةً باحتياجاتهم، وتحديدا في مجالات الخدمات الأساسية”.
ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل ومن وجهة نظرها كذلك، فإن تلك المجالس تجسد اللبنات الأساسية للمشاركة الشعبية، ودورها مكمل لأدوار البلديات، ويجب – دورة بعد دورة- أن تتزايد المهام الملقاة على عاتق هذه المجالس”
ومن الأمور الجديدة، التي دعت إليها اللجنة في توصياتها، اعتماد نموذج الإدارة المحلية الذي يسعى إلى تطوير أقاليم تنموية تكاملية على مستوى المملكة، لكل منها له سماته وميزاته التنافسية.
وهذا الأمر الذي سيمكن من نقل التخطيط والتنفيذ للبرامج التنموية من الإدارة المركزية إلى الأقاليم؛ ولعل أبرز المجالات التي يمكن شمولها بذلك: البنية التحتية، ونظام التعليم، والصحة، والأنشطة الاقتصادية، والضرائب، وغيرها من المجالات التي تتطلب استثمارات ضخمة، وفاعلين متعددين، وبرامج تنفذ على مدى سنوات وربما عقود.
كما سيؤدي لـ”الوصول إلى حكم محلي رشيد، قادر على الاضطلاع بمهام التنمية المحلية والخدمات بشكل مستقلّ وفعال، بناء على برامج اختارها المواطنون عبر انتخابات حرة ونزيهة، في تناغمٍ وتكامل للأدوار بين الهياكل المختلفة والأقاليم من جهة، والإدارة المركزية من جهة أخرى”. الا أن اللجنة حددت مجموعة من المبادئ التي طور على أساسها النموذج الوطني للإدارة والحكم المحلي عبر اعتماد مبدأ التدرج عبر مراحل انتقالية يتم التوسع بها، ووفقا لاختصاصات هياكل الإدارة المحلية في مجالات الخدمات، والتنمية المحلية، والشؤون الإدارية والمالية.
وسيتم في هذا التدرج، التي يتم تبنيه ولأول مرة “ضمان مشاركة شعبية واسعة في صياغة هذا النموذج، عبر انتخابات حرة، ونزيهة تشمل الإدارة المحلية بمستوياتها المختلفة، والذي سيشكل في نهاية الأمر البنية التحتية لمنظومة التحديث السياسي، والإداري، والتنموي على المستوى الوطني”.
وهذا النموذج سيتيح للمواطنين والمواطنات تحديد خياراتهم التنموية بطرق ديمقراطية، ويمارسون التنافس وتصعيد النخب، وتمكين المرأة، والشباب عبر هياكل واضحة، ومتكاملة، ومحددة الاختصاصات ووفق منظومة حوكمة رشيدة.
كما ركزت التوصيات على أهمية توسيع الصلاحيات الإدارية للمجالس البلدية وباطراد، والذي كانت تدعو اليه البلديات والخبراء في الشأن البلدي ومنذ سنوات عديدة، والذي يترافق مع تزايد خبرة أعضاء هذه المجالس “الهياكل المنتخبة”، واكتسابها ثقة مجالس المحافظات.
وبرأي اللجنة فإن “التوسّع في المهام الخدمية، والتنموية للمجالس البلدية، يجب أن يقود في النهاية إلى مسؤوليتها شبه الكاملة عن هذه المهام، وضمان استدامة قيامها بهذا الدور، مع ضرورة أن تشمل مساهمتها الفعالة والناجعة طيفًا واسعًا من الخدمات الإدارية، بحكم قربها من المواطنين، ومعرفتها بالأولويات والاحتياجات الفعلية لهم”.
وفي شأن مجالس المحافظات، جاءت اللجنة بفكرة جديدة تدعو الى استحداث هيكل جامع لعدد من المحافظات على نطاقٍ إقليمي، بما يسهل عملية الإشراف على عملها، ويتيح للسلطة المركزية نقل المزيد من سلطاتها الإدارية، ومهامها الخدمية، والتنموية إلى هذه الهياكل المستحدَثة.
فاللجنة اعتبرت مجالس المحافظات هي الهيئات العليا للإدارة المحلية في الوضع القائم حاليا، ومن الطبيعي أن تتولى مهام عدة تتمثل في البرامج التنموية أساسًا، والخدمية والإدارية بشكل عام.
وتبعًا للفلسفة نفسها، فإن الفكرة الجديدة من المفترض أن تعزز مبدأ التكاملية بين هذه المجالس مع المجالس البلدية، وتُشركها في وضع البرامج الخدمية والتنموية والاستثمارية الخاصة بالمحافظة، وتراقب أداءها لمهامها الخدمية والإدارية المشتركة، وتنسّق إدارةَ المهام اللامركزية مع هياكل الحكم المحلي المستجدّة.
كما وجاءت اللجنة بفكرة إنشاء ما يسمى بمجالس الأقاليم وهي الهيئات العليا المنتخَبة للإدارة المحلية في مراحلها الأخيرة، ويُقصَد بها مرحلة الحكم المحلي على مستوى السلطة التنفيذية (تنمويا وخدميا).
وتتمتع هذه المجالس، كما ورد في التوصيات، بالعديد من صلاحيات السلطة التنفيذية المركزية، بشكل منسّق ومنضبط يعيد توزيع الأدوار بين المركز والأقاليم، وبما يجعل هذه الأقاليم قادرة على إدارة شؤون التنمية المحلية بكفاءة واحتراف، والإشراف على إدارة الموارد المحلية بما فيها الضرائب التي تحصل عليها، الأمر الذي يقود إلى نموذج تنموي تكاملي بين المحافظات القريبة أو المتشابهة ببعض الخصائص الاقتصادية والاجتماعية؛ في حين يتمتع كل إقليم بميزات تنافسية تجاه الأقاليم الأخرى.

فرح عطيات/ الغد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة