إعادة ترتيب الأولويات التعليمية: تقليص حصص التربية الإسلامية لصالح المواد الوطنية والمهنية // د. باسم القضاة.

في خطوة لافتة أقدمت عليها وزارة التربية والتعليم ، حيث تم إقرار تخفيض عدد حصص التربية الإسلامية للصف الحادي عشر، مقابل زيادة عدد حصص التربية الوطنية والمهنية. هذا القرار أثار تساؤلات عديدة بين الأوساط التربوية والمجتمعية، بين مؤيد يرى في الخطوة تحديثًا ضروريًا، ومعارض يخشى أن يكون على حساب البعد القيمي والأخلاقي للتعليم.

فهم خلفيات القرار

من الواضح أن القرار يأتي ضمن سياق أوسع لإعادة هيكلة المناهج وتوزيع الأوزان التعليمية بما ينسجم مع متطلبات سوق العمل وتوجهات التعليم الحديثة. حيث بات من الضروري أن يتخرج الطالب وهو يمتلك قدرًا أعلى من المهارات العملية والمهنية، إضافة إلى وعي أعمق بمفاهيم المواطنة، الحقوق، والمسؤوليات.

في هذا السياق، تُعتبر التربية الوطنية والمهنية أدوات حيوية لتمكين الطالب من فهم ذاته كمواطن فاعل، ومن اكتساب المهارات التي تساعده على الاندماج بسلاسة في المجتمع وسوق العمل.

بين المأمول والمخاوف

رغم أن تعزيز المهارات الوطنية والمهنية للطلبة أمر يستحق التقدير، إلا أن تقليص حصة التربية الإسلامية يفتح الباب للتساؤل المشروع:
هل سيتم تعويض القيم الدينية والأخلاقية في المناهج الأخرى؟
فالتربية الإسلامية لم تكن فقط مادة تعليمية، بل كانت مساحة لغرس المبادئ الأخلاقية والتربوية التي تشكل الضمير الحي للطالب.

نحو معادلة متوازنة

من هنا، تظهر الحاجة إلى إيجاد توازن ذكي بين المهارات الحديثة والهوية الثقافية والدينية، عبر:

دمج القيم الإسلامية في المواد الأخرى، خاصة في المشاريع والأنشطة التطبيقية.

ضمان جودة محتوى التربية الإسلامية رغم قلة عدد الحصص.

إشراك المجتمع المحلي والهيئات التربوية في تقييم آثار هذا التغيير.

خاتمة

إن التعليم الناجح هو ذاك الذي يوفّق بين الحداثة والجذور، بين المهارة والقيم، بين السوق والإنسان. وإذا ما نُفذ هذا القرار ضمن رؤية شاملة، تضمن تكامل المواد لا تنافرها، فإنه قد يكون خطوة مهمة نحو تعليم أكثر وعيًا وتوازنًا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة