الحركة الحزبية والاستفادة من الطريق الممهّد لها


نسيم العنيزات

ما زالت العملية الحزبية تراوح مكانها، وتعمل بالقطعة على طريقة الفزعة، بالرغم من التشريعات التي أقرّتها الحكومات المتعاقبة للنهوض بها وإشراكها في الحياة السياسية وصناعة القرار.

وقدّمت الحكومات، وبتوجيهات ملكية، كل السبل الممكنة وجميع الضمانات لتوسيع القاعدة الحزبية، خاصة من الشباب.

إلا أن الأحزاب ما زالت عالقة في البدايات، دون إحراز أيّ تقدّم أو إنجازات تساعد على فرض وجودها في الحياة العامة والسياسية.

وعلى الرغم من حالة الازدحام في الشارع الحزبي، إلا أن الأدوات المستخدمة ما زالت ضعيفة وغير قادرة على إحداث أيّ اختراقات في الحياة الحزبية والسياسية، ورفع نسبة المنضوين تحت مظلّتها، خاصة وأن النسبة ما زالت متدنية مقارنة مع الظروف التي هيّئت لها، لكسر نسبة الواحد في المئة ممّن يحقّ لهم الانتساب.

ويُلاحظ أن الحركة الحزبية تنشط فقط في الانتخابات النيابية والبلدية ومجالس المحافظات، بحثًا عن مكاسب قد يكون بعضها شخصيًا أو مصلحيًا، دون إرساء قواعد متينة أو تقديم برامج واقعية ومقنعة للشباب والشارع أيضًا، تساعد على ديمومتها وتُسهّل حصادها، وهذا يُفسّر إخفاقها في الانتخابات السابقة بعد حصولها على عدد من المقاعد جاءت دون التوقعات، مقارنة مع حجم الأدوات التي أوجدتها الحكومات ومكّنتها منها، إضافة إلى ما أقرّته من تشريعات وأنظمة كان عليها -أي الأحزاب- أن تستغلّها وتستفيد منها في تطوير نفسها وتعزيز المشاركة.

إلا أن غيابها عن الساحة في كثير من الأحيان، وابتعادها عن دورها في التواصل والحوار ومناقشة القضايا العامة وتقديم المقترحات والحلول المبنية على دراسات وأبحاث من قبل مختصّيها، جعلها في وادٍ، والشعب في وادٍ آخر.

فالعمل الحزبي ليس بيانات واستنكارات لبعض القضايا والمواقف فقط، بقدر ما هو حالة من الاشتباك مع جميع الملفات الداخلية والخارجية، وتقديم آراء ووجهات نظر تتطابق مع موقف الدولة بأسلوب علمي ومنهجي، مبني على دراسات وحقائق قابلة للتطبيق والتعامل معها، ومن ثم متابعتها، دون الاكتفاء بقذف الكرة في مرمى الآخرين، والعودة إلى المربّع الأول، وكأنّ الأمر لا يعنينا أو يستحقّ المتابعة والمساءلة أيضًا.

فالحركة الحزبية هي عملية شمولية مع المجتمع والناس وكل ما يعنيهم، وكذلك تشاركية وتشابكية مع الملفات الوطنية بكافة تفاصيلها، دون توقّف أو اعتماد على الآخرين للقيام بالعمل أو متابعته نيابةً عنّا.

كما أن الندوات والمحاضرات يجب أن تكون حاضرة في الحياة الحزبية، لمناقشة القضايا الوطنية من خلال شخصيات وطنية قادرة على الإقناع بما تمتلكه من معلومات وخبرات، وقدرة على التحليل والتفسير، شريطة الخروج من الدائرة المغلقة وتكرار الشخوص أنفسهم، الذين أصبح بعضهم مستهلكًا ويكرّر نفسه على اختلاف القضايا والملفات.

لذلك نحتاج اليوم إلى نهضة حزبية حقيقية، تستفيد من الظرف والزمان، بعد أن أُفرغ الشارع السياسي وأصبح لها وحدها، بغياب النقابات المهنية وانشغالها بدورها وواجبها الرئيسي لخدمة منتسبيها، حيث كانت الأحزاب تشكو من تغوّل النقابات ودورها في القضايا السياسية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.