مشروع ري حسبان.. صيف قاحل واعتداءات تفاقم مشكلة شح المياه

الشونة الجنوبية – يعيش مزارعو مشروع ري حسبان هذا الصيف واقعا مريرا، إذ تفاقمت معاناتهم جراء النقص الحاد في مياه سيل حسبان المصدر الحيوي والرئيس لزراعاتهم.

وكغيرها من مناطق وادي الأردن تعاني مئات الوحدات الزراعية من نقص شديد بمياه الري نتيجة تراجع منسوب مياه سيل حسبان نتيجة الاعتداءات المتكررة فضلا عن شح الأمطار والتغيرات المناخية والتي تسببت بخسائر فادحة دفعت بالمزارعين نحو الهاوية.

ففي ظل ازدياد الاحتياج المائي خلال فصل الصيف تصبح الحاجة إلى تبني استراتيجيات جديدة، كالإسراع بإنشاء مشاريع حصاد مائي مستدامة ضرورة ملحة للخروج من الواقع المرير وضمان استمرارية القطاع الزراعي الذي يعد مصدر رزق لآلاف الأسر.
يؤكد عدد من المزارعين أن مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية الخصبة تحولت إلى مساحات قاحلة بسبب شح مياه الري خلال فصل الصيف، مضيفين أن ضررا كبيرا لحق بمحاصيلهم ملحقا خسائر فادحة وحد من قدرتهم على سداد ديونهم وتأمين قوت يومهم.
يقول السبعيني أبو أحمد الذي قضى عمره في زراعة الأرض “لم نشهد صيفًا كهذا منذ عقود فكميات المياه المسالة لأراضيهم لا تكفي لري المحاصيل،” مضيفا” معظم الأحيان لا تصلنا إلا كميات قليلة لا تكفي لري جزء بسيط من المحصول ما دفعنا إلى تخريب جزء منه لإنقاذ ما تبقى.”
ويضيف “نرى بأعيننا كيف يقوم البعض بمد أنابيب ضخمة لسحب المياه من السيل، بينما نحن نرى محاصيلنا تموت أمام أعيننا، ورغم أننا تقدمنا بشكاوى عديدة للجهات المعنية إلا أنه لم يحدث أي تغيير يذكر،” قائلا” حقوقنا المائية تسلب منا على مرأى من الجميع دون اتخاذ أي إجراءات لإنقاذ محاصيلنا.”
ويشاركه مزارعون أن المشكلة تتعمق مع تزايد الاعتداءات على مجرى سيل حسبان، إذ يقوم بعض المعتدين على جر مياه السيل مستغلين غياب الرقابة الفعالة، بتحويل مسار المياه بشكل غير قانوني، أو سحب كميات هائلة منها لري أراضيهم الخاصة على حساب المزارعين الذين يعتمدون على حصصهم المائية المخصصة.
ويبين المزارع عمر العدوان الاعتداءات أشكالا مختلفة، فمنها ما هو مباشر عبر إنشاء حواجز وسدود صغيرة لتحويل مجرى السيل، ومنها ما هو غير مباشر عبر سحب المياه بكميات كبيرة، موضحا أن هذه الممارسات تؤدي إلى تدهور حاد في منسوب المياه المتدفقة إلى الأراضي الزراعية المشتركة وتخلق حالة من التوتر بين المزارعين.
ويشير إلى أنه ورغم وجود تشريعات وقوانين تحمي مصادر المياه وتنظم استخدامها إلا أن مشكلة ضعف الرقابة وتطبيق القانون تبرز كعامل رئيسي في تفاقم أزمة المياه، منوها إلى أن معظم المزارعين يشعرون بأن هناك تساهلا أو عدم اهتمام كاف من قبل الجهات المسؤولة في التعامل مع هذه الاعتداءات ما يشجع المعتدين على مواصلة انتهاكاتهم.
ووفق المزارع مفيد حسين فإن غالبية الأراضي ما تزال بورا باستثناء مساحات قليلة تروى من الآبار الارتوازية ما يضاعف من كلف زراعتها، لافتا إلى أن كلف استخراج المياه وتحليتها مرتفعة ما يجعل من استغلالها غير مجد.
ويوضح الخبير الزراعي المهندس مجدي حسن أهمية مشاريع الحصاد المائي والتي بحسب وصفه يمكن أن تحدث فرقا هائلا، قائلا “لدينا كميات كبيرة من الأمطار تهطل سنويًا، ولكن معظمها يذهب هدرًاو لكن إذا قمنا ببناء سد صغير أو حفيرة لتوفير كميات كافية من المياه للاستخدام خلال فترة الشح.”
ويشدد على ضرورة تبني آليات ناجعة لترشيد استخدام المياه وتحسين كفاءة الري من خلال تطوير البنية التحتية ونشر الوعي بأهمية ترشيد المياه واعتماد أفضل الممارسات في الاستخدام الأمثل للمياه وتشجيع زراعة المحاصيل المقاومة للجفاف، مطالبا بضرورة تشديد الرقابة على مصادر المياه للحد من عمليات الاستغلال الجائر لمياه الري.
ووفق حسن فانه لم يعد بالإمكان تأجيل الحلول فاستمرار الوضع الراهن ينذر بأزمة حقيقية قد تتخطى الخسائر السنوية إلى هجران آلاف المزارعين لأراضيهم، فضلا عن فقدان آلاف فرص العمل من أبناء المنطقة، لافتا إلى أن غالبية الأهالي يعتمدون بشكل كلي على زراعة الأرض وإذا ما ماتت من العطش فسيموتون معها.
وكانت سلطة وادي الأردن قد أقرت العام 2015 ضمن خططها إنشاء سد جديد على وادي حسبان لري ما يقارب من 350 وحدة زراعية، إضافة إلى الأحواض الزراعية المجاورة، إلا أن المشروع لم ير النور إلى الآن.
ويؤكد رئيس جمعية مستخدمي مياه حسبان طلال العدوان أن مشكلة شح المياه تتكرر كل صيف في ظل ازدياد الحاجة لمياه الري ونقص مياه السيل، مبينا أن انعكاسات هذا التحدي على القطاع الزراعي والمزارعين يتطلب تبني حلول جذرية ومستدامة.
ويضيف أننا ومنذ سنوات ونحن نطالب بعمل مشاريع حصاد مائي كإنشاء سد على وادي حسبان لاستغلال مياه الأمطار الغزيرة التي تهطل خلال فصل الشتاء للاستفادة منها خلال أشهر الصيف الجافة، قائلا” جميع مطالباتنا لم تؤخذ على محمل الجد الأمر الذي فاقم من معاناة المزارعين وكبدهم خسائر فادحة عاما بعد عام.”
ويوضح رئيس الجمعية أن كميات كبيرة من مياه سيل حسبان التي من المفترض أن تغذي الأراضي الزراعية تتعرض لاعتداء جائر من قبل أصحاب المزارع في المناطق الشفاغورية، منوها إلى أن غالبية هذه الأراضي لا يوجد لها حقوق مياه إلا أن غياب الرقابة وغياب التطبيق الصارم للعقوبات على كل من يعتدي على مصادر المياه ويستغلها بطرق غير مشروعة أسهم في كثرة الاعتداء عليها.
ومن جانبه يؤكد مدير تشغيل وصيانة الشونة الجنوبية المهندس أحمد صلاح العدوان أن مياه ري مشروع وادي حسبان تعتمد على مياه الينابيع، مشيرا إلى أنه في فصل الصيف تنخفض الكميات المتاحة للري ونتيجة تأخر الموسم المطري الحالي فإن كميات المياه المتاحة حاليا ما تزال شحيحة.
ويضيف ان سلطة وادي الأردن تعكف حاليا على البحث عن مصادر مياه غير تقليدية لحل مشكلة نقص مياه الري في المنطقة والتي من خلالها يمكن زيادة كميات مياه الري المزودة للمزارعين، موضحا أن وجود اعتداءات على منابع مياه السيل أثر بشكل كبير على كميات المياه المتاحة لري أراضي المشروع.
يذكر أن مشكلة شح مياه الري لا تقتصر على مشروع ري حسبان بل هي تحد وطني فرضه التغير المناخي وما نجم عنه من تراجع بالهطلات المطرية وتراجع منسوب مياه الينابيع والمياه الجوفية، ما يتطلب وضع إستراتيجية شاملة وإدارة رشيدة للموارد المائية.

حابس العدوان-/ الغد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة