جرش.. سرقة الثمار تمتد من موسم الزيتون إلى مختلف الزراعات

جرش – يشكو مزارعون في محافظة جرش، من تعرض الثمار ومختلف المنتجات الزراعية للسرقة قبل موعد القطاف بقليل، وذلك استمرارا لما حدث أيضا خلال موسم الزيتون الماضي، في وقت يصعب فيه على المزارعين حراسة الأراضي ومراقبتها كون أغلبها في مناطق جبلية بعيدة وغير مخدومة وغير مضاءة.
ويثير استمرار الظاهرة قلق مزارعي المحافظة، لا سيما أنهم بأمس الحاجة حاليا لهذه الثمار لتغطية جزء من تكاليف العمل وتقديم الخدمات الزراعية للأراضي الزراعية، كون المزارعين يعتمدون على الإنتاج في تغطية تكاليف العمل، وأغلب الأشجار تقطف ثمارها في هذا الموعد تحديدا.
وأغلب المحاصيل التي تعرضت للسرقة، بحسب المزارعين، هي اللوزيات والتفاحيات والمشمش والدراق والخوخ والزراعات الصيفية والورقيات، والأعشاب المهمة مثل الميرمية والزعتر والسماق البلدي، فضلا عن سرقة ثمار العنب قبل نضوجها لغايات استخدامها في عمل المخللات والصناعات الغذائية الأخرى.
ووفق المزارع أبو سراج العياصرة، فإن ثمار أرضه، التي لا تقل مساحتها عن 7 دونمات، تتعرض للسرقة بشكل يومي، ومنها ما يتعرض للسرقة في النهار، كونه استطاع تأمين حراسة للأرض ليلا، لافتا إلى أن السرقات تتم على نحو متكرر وفي أوقات مختلفة، ولم يتمكن من معرفة اللصوص الذين قاموا بسرقة ثمار المشمش والكرز والدراق، وقص الميرمية والزعتر، وسرقة ثمار العنب قبل نضوجها، إضافة إلى تكسير الأغصان والجذوع وإلحاق أضرار كبيرة بالأشجار، مما ضاعف من الخسائر التي ستلحق به هذا الموسم.
وأوضح أن مزرعته موجودة في مكان لا تتوفر فيه إنارة، وبعيدة عن الطرقات الرئيسية، وقريبة من الغابات والأحراش، ولا يمكن حراستها بسهولة، فضلا عن أنها غير مخدومة بشبكة إنترنت أو اتصالات لغاية مراقبتها بالكاميرات أو أجهزة الإنذار الصوتي.
قطف الثمار قبل نضوجها
وبين العياصرة أنه قام بقطف ثمار مزرعته قبل نضوجها للحد من سرقتها وقت النضوج، حتى لو تم بيعها بأسعار منخفضة، لضمان الاستفادة ولو بجزء بسيط من منتوجات المزرعة، التي لا تقل عن 5 آلاف دينار سنويا، أغلبها بدل تقديم خدمات زراعية للأشجار من رش وتسميد وتقليم وري المزروعات، خصوصا أن كميات الأمطار شحيحة هذا العام، عدا عن أجور عمال وأجور نقل إلى الأسواق المركزية.
أما المزارع أمجد أبو زيد، فيقول إنه يعتمد على الثمار التي يجنيها من مزرعته، كونها تشكل مصدر دخل لا يقل عن 400 دينار شهريا في هذا الوقت، إلا أن ظاهرة سرقة الثمار أفقدته ما نسبته 70 بالمائة من الإنتاج الزراعي، فضلا عن خسائر في الأشجار وتخريب في المزرعة، وسرقة محتويات المزرعة الأخرى من برابيش وخزانات وأسمدة ومبيدات حشرية وغيرها من المستلزمات الزراعية الضرورية.
وأضاف أبو زيد أن زيادة ظاهرة سرقة الأراضي الزراعية لا يمكن تبريرها تحت أي ظرف حتى لو كان السبب هو الظروف المعيشية الصعبة، وعدم توفر أي فرص عمل، مشيرا إلى أن اللصوص يستغلون موسم المنتجات الزراعية لسرقتها وبيعها في الأسواق بسهولة وبأسعار مناسبة، فضلا عن بيعها على الأرصفة والطرقات.
إلى ذلك، يرى المزارع ياسين البرماوي أن مديرية الزراعة عليها دور في الحد من هذه الظاهرة عن طريق مراقبي الحراج وأبراج المراقبة والكاميرات التي تراقب الحراج، كون أنظمة المراقبة حديثة ومتطورة ومجهزة وتغطي مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، لا سيما أن الأراضي الزراعية التي تتعرض للسرقة أغلبها بعيدة عن المناطق السكنية وغير مخدومة أصلا، وقريبة من الغابات والأحراش، وغير مخدومة بوسائل الاتصال التي تمكن الكاميرات وأجهزة الإنذار من العمل فيها.
وأشار البرماوي إلى أن ظاهرة سرقة الثمار تنشط في موسم قطاف ثمار الزيتون، كون المزارع بعيدة عن الأحياء السكنية، وكمية الثمار جيدة، ويسهل قطافها في الظلام، إلا أن التعطل عن العمل وعدم توفر أي فرص عمل تسببا في تجدد ظاهرة السرقة هذه الفترة ونشاطها، مما ألحق خسائر فادحة بالمزارعين، لا سيما أن الموسم الزراعي ضعيف من الأساس، بسبب التغيرات المناخية، وكميات الثمر ونوعيتها ضعيفة، إلا الثمار التي تعتمد على الري التكميلي.
وحاولت “الغد” الاتصال بمديرة زراعة جرش الدكتورة علا المحاسنة للحصول على توضيحات، إلا أنها لم تجب.
“حالات فردية ولا شكاوى”
لكن مصدرا مطلعا في “زراعة جرش” أكد أن “المديرية لم تردها أي ملاحظات أو شكاوى بخصوص سرقة الثمار، والحالات التي تحصل للسرقة تكون لأراض فردية وأشجار في مزارع متفرقة، وهي بدافع أكل الثمر أو بيعه”، لافتا إلى أن “طوافي الحراج وأجهزة المراقبة تختص بمراقبة الحراج والغابات، وهي بعيدة نوعا ما عن الأراضي الزراعية، وكل مزارع من مهمته الحفاظ على منتجاته ومراقبتها وقطافها في موعدها لضمان الاستفادة منها”.
وخلال موسم الزيتون الماضي، سلطت “الغد” الضوء على تعرض محاصيل الزيتون للسرقة، فضلا عن تقطيع أغصان الأشجار وسرقتها أيضا، لاستخدامها في أغراض التدفئة.
وقال مزارعون حينها “إن اللصوص عمدوا إلى تنفيذ السرقات وجمع ثمار الزيتون قبل موعد قطافها وموعد فتح المعاصر بأيام قليلة، لبيعها إلى تجار الزيت والزيتون أو لاستخدامها حالياً في الرصيع”، لافتين في الوقت ذاته، إلى أن “مزارعهم التي تتعرض لنهب ثمارها ليلا ونهارا تقع غالبيتها في مناطق بعيدة ونائية عن التجمعات السكانية، ما يصعب مراقبتها على نحو مستمر”.
كما أكدوا أن الحاجة لمصدر دخل في ظل شح فرص العمل، لا يمكن أن تبرر اللجوء إلى السرقة والاعتداء على جهود الآخرين وملكياتهم، التي كدّوا فيها وبذلوا الكثير من أجل أن يعتاشوا من محاصيلها، مشيرين إلى أن “العشرات منهم تعرضوا لسرقة ثمار الزيتون بكميات مختلفة، فمنهم من وجد أشجارا مقطوعة بشكل جذري، ومنهم من وجد أطراف الزيتون مسروقة ثمارها”.