نقابة المعلمين بعد الحكم الدستوري… “وماذا بعد؟” // د. باسم محمد القضاة

في خطوة أثارت كثيرًا من التساؤلات، قضت المحكمة الدستورية بعدم دستورية قانون نقابة المعلمين الأردنيين، لتضع بذلك حدًا قانونيًا لمسار نقابي أثار الجدل في السنوات الأخيرة. ورغم أن القرار قانوني بحت، إلا أن تداعياته تتجاوز قاعة المحكمة إلى عمق المشهد التربوي والاجتماعي والسياسي.

احترام الدستور لا يعني غياب الحلول

لا جدال في أن احترام أحكام المحكمة الدستورية واجب على الجميع، فهي الضامن الأخير لدستورية القوانين في الدولة. لكن احترام الدستور لا يجب أن يكون نهاية الحكاية، بل بداية لبحث عميق عن البدائل، وخصوصًا حين يتعلق الأمر بشريحة تتجاوز 100 ألف معلم ومعلمة، وقطاع يمس كل بيت أردني.

الفراغ لا يصنع الاستقرار

بطلان قانون النقابة يخلق فراغًا في تمثيل المعلمين، ويترك أسئلتهم ومطالبهم بلا عنوان واضح. وهذا الفراغ لا يمكن أن يُملأ بالقرارات الإدارية أو الحلول المؤقتة، بل يستدعي تفكيرًا جادًا من الدولة والمجتمع لإعادة صياغة العلاقة بين الحكومة والمعلمين، على أساس من الاحترام المتبادل والتمثيل الحقيقي.

النقابة ليست خصمًا للدولة

التجربة الماضية، بكل ما فيها من أخطاء واحتقانات، لا تعني أن العمل النقابي مرفوض أو مضرّ. بل على العكس، وجود نقابة قوية وممثلة بصدق هو ضمانة لاستقرار العملية التعليمية، وسند للمعلم لا خصم للدولة. ما نحتاجه هو تنظيم العلاقة، لا قطعها.

وماذا بعد؟
السؤال الذي يتردد على ألسنة المعلمين والرأي العام: وماذا بعد؟
هل انتهى حلم النقابة؟ أم أننا أمام فرصة لصياغة قانون عصري، دستوري، توافقي يضمن حقوق الجميع؟

الكرة الآن في ملعب الحكومة والبرلمان والمجتمع المدني. والمسؤولية الأخلاقية والوطنية تستدعي:
فتح حوار وطني موسّع مع ممثلي المعلمين، بعيدًا عن التجييش والتخوين.
صياغة قانون جديد يحترم الدستور، ويضمن التمثيل المهني الحقيقي للمعلمين.
استعادة الثقة بين الدولة والمعلم، وهي ثقة لا تُبنى بالقرارات فقط، بل بالإنصات والاحترام.
وفي الختام ربما انتهى فصل من فصول نقابة المعلمين بقرار المحكمة، لكن قصة المعلم الأردني لم تنتهِ.
والمعلم، الذي ظل واقفًا رغم التحديات، يستحق أكثر من مجرد صمت.
يستحق أن يُسمع صوته، ويُصان حقه، ويُصاغ مستقبله النقابي بقانون لا يُقصيه، بل يُنصفه.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة