“اتفاقية مستشفى مادبا الجديد”.. بارقة أمل بعد سنوات من الانتظار

عبر مواطنون في محافظة مادبا عن ارتياحهم لتوقيع اتفاقية إنشاء مستشفى مادبا الحكومي الجديد، بعد سنوات من الانتظار والمعاناة، مؤكدين أن المشروع يمثل ضرورة ملحة لتحسين جودة الخدمات الصحية وتخفيف الضغط عن المستشفى الحالي الذي يواجه تحديات متراكمة.

وشهد رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان، بحضور رئيس مجلس إدارة شركة “كي بي دبليو” للاستثمار الأمير خالد بن الوليد، ورئيس هيئة الأركان المشتركة اللواء الركن يوسف الحنيطي، توقيع الاتفاقيتين، الأولى لإنشاء مستشفى مادبا الحكومي الجديد، والثانية لخدمات التحول الرقمي في مستشفيات وزارة الصحة.

وبحسب الاتفاقية الموقّعة، فإن المستشفى سيُقام وفقًا لأحدث المعايير الطبية العالمية، مع دمج خدمات التحول الرقمي، ليكون أول مستشفى حكومي رقمي بالكامل في المنطقة، يوفّر ربطًا مباشرًا مع قاعدة بيانات وزارة الصحة، ويُسهّل تقديم الخدمات للمواطنين بفاعلية.

ويقع المشروع على أرض استراتيجية جنوب مدينة مادبا، ومن المخطط أن يخدم قرابة 200 ألف نسمة، ليس فقط داخل المدينة، بل في المناطق المجاورة كلواء ذيبان، وماعين، والفيصلية، وغيرها. المستشفى الجديد، الذي سيُنفذ بنظام البناء والتشغيل والنقل (BOT)، سيضم أكثر من 200 سرير، وقسم طوارئ حديث، ومراكز متخصصة في أمراض القلب والأطفال والجراحة العامة، إلى جانب غرف عمليات مزوّدة بأحدث الأجهزة والتقنيات، وبمدة تنفيذ لا تتجاوز ثلاث سنوات.
مشاعر المواطنين جاءت مختلطة ما بين التفاؤل والحذر.

المواطن محمد الطوالبة، أحد سكان مادبا، عبّر عن ارتياحه قائلاً:
“لطالما عانينا من الاكتظاظ في المستشفى الحالي. بعض الأقسام بالكاد تستوعب المرضى، وكنا نضطر في كثير من الأحيان للذهاب إلى عمان أو الكرك للحصول على علاج مناسب، وهذا كان مرهقًا نفسيًا وماديًا.”

أما المواطن عبد الرحيم أبو حشيش، فاعتبر المشروع “بارقة أمل حقيقية، خاصة لكبار السن والمرضى المزمنين الذين يحتاجون لرعاية متقدمة داخل المحافظة، بدلًا من الترحال الطويل إلى العاصمة أو غيرها”.

من جانبه رأى المواطن علاء الأزايدة، أن المشروع “خطوة استراتيجية تأخرت كثيرًا”، معتبرًا أن وجود مستشفى متطور في مادبا “ليس رفاهية، بل ضرورة تنموية وصحية وأمنية أيضًا، فالحالات الطارئة تحتاج لسرعة استجابة، وكل دقيقة قد تعني إنقاذ حياة”.

وأكد المواطن مسعود حسن، على أهمية المشروع، قائلاً:
“الجدية هذه المرة واضحة، لكننا ننتظر رؤية أول جدار يُبنى على أرض الواقع، عندها فقط سنطمئن أن الحلم بدأ يتحقق”.

في المقابل، عبرت المواطنة “أم محمد”، وهي سيدة مسنّة تعاني من السكري، بكلمات موجعة عن معاناتها قائلة:
“تعبنا من المشاوير، كل تحليلة أو صورة لازم نروح عمان، وإن ما معنا حدا يوصلنا منضطر نأجل العلاج… الله يتمم المشروع على خير.”

وأكد رئيس لجنة مجلس محافظة مادبا ورئيس غرفة التجارة المهندس حسام عودة، أن المشروع “ينسجم مع أولويات التنمية المحلية، وقد كان على رأس مطالب الأهالي والمجلس المحلي منذ سنوات”.

 

وأضاف أن تنفيذه بنظام BOT “خطوة ذكية تضمن جودة البناء والإدارة الحديثة، وتخفف العبء عن موازنة الدولة”. وأشار إلى أن المستشفى سيوفر مئات فرص العمل للكوادر الطبية والإدارية والفنية، فضلًا عن تنشيط السوق المحلي والموردين.

وزارة الصحة، من جهتها أكدت على لسان وزيرها الدكتور فراس الهواري، أن المشروع يندرج ضمن “خطة وطنية لتحسين مستوى الرعاية الصحية في المحافظات، وتقليل الفجوة بين العاصمة وبقية المناطق”، مشددًا على التزام الحكومة بتوفير كوادر طبية مؤهلة وتشغيل المستشفى فور تسليمه، بما يضمن استدامة الخدمة وجودتها.

اللافت أن الاتفاقية شملت أيضًا مشروع التحول الرقمي في عدد من مستشفيات وزارة الصحة، ما يعني أن مستشفى مادبا الجديد سيكون من أوائل المؤسسات الصحية التي تعتمد نظام الإدارة الإلكترونية والملفات الطبية الرقمية منذ اليوم الأول، مما سيرفع من كفاءة الأداء ويحدّ من الأخطاء الطبية والإدارية.

ورغم ما حمله التوقيع من تفاؤل واسع، فإن الحذر بقي سيد الموقف لدى كثير من أبناء مادبا. فالواقع الحالي لا يزال يئن تحت وطأة الضغط، إذ يفتقر المستشفى الحكومي القائم إلى عدد كافٍ من الأسرة والأطباء في تخصصات دقيقة، ما يدفع بالكثير من المرضى إلى البحث عن العلاج خارج المحافظة، في رحلة محفوفة بالتكاليف والعناء.

وسط هذه المعاناة، يبدو المشروع الجديد بمثابة ضوء في نهاية نفق طويل، وبارقة أمل بواقع صحي أكثر عدلاً وإنصافًا.

وبين وعود الورق وضجيج الواقع، تبقى أعين المواطنين تترقب، وآمالهم معلّقة على أن يتحول هذا الإنجاز من مخطط إلى حقيقة، ومن حجر أساس إلى صرح طبي يليق بأبناء مادبا.

 أحمد الشوابكة/الغد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة