إربد.. استياء بأوساط مزارعي الزيتون مع توقع انخفاض كبير في الإنتاج

إربد – يعيش مزارعو زيتون في محافظة إربد، خشية تراجع نسبة إنتاج الأشجار إلى أكثر من 80 %، في ظل معاناة تلك الأشجار من الجفاف، جراء تفاقم نقص المياه وعدم قدرة المزارعين على شرائها، بالإضافة إلى تأثيرات الموجة الحارة الأخيرة.
وقال مزارعون إن ارتفاع درجات الحرارة في مثل هذا الوقت من العام تسبب بتساقط ثمار الزيتون، خصوصا أن الزيتون في بداية نضجه وبحاجة إلى حرارة معتدلة من أجل النمو، مؤكدين في الوقت ذاته، أن ارتفاع الحرارة وتخطيها حاجز الـ38 درجة في بعض مناطق محافظة إربد تسبب بـ”تجعد” ثمرة الزيتون وتلون بعضها باللون الأسود قبل موعد قطفها.
وأشاروا إلى أن تأثير الموجة الحارة بالتزامن مع ضعف الموسم المطري السابق يؤدي إلى إصابة أشجار الزيتون بالاصفرار بسبب ما تعانيه من العطش وعدم قدرة المزارعين على الري التكميلي، وبالتالي فإن شجرة الزيتون، لا سيما المحسن منها، مهددة بالزوال إذا استمر انحباس الأمطار في السنوات المقبلة.
كما أبدوا مخاوفهم من انتشار الحشرات والبكتيريا في ظل الظروف المناخية المتمثلة بالجفاف وارتفاع درجات الحرارة، مما قد يتسبب في تلف الثمار وعدم الحصول على جودة في الزيت.
كلفة الري باهظة
ووفق المزارع علي الدردور، فإن أشجار الزيتون لم تعد تعتمد على مياه الأمطار خلال السنوات الأخيرة، بسبب قلة الهطول وارتفاع درجات الحرارة، مما أدى إلى تراجع إنتاج الزيتون وجودة الإنتاج.
وأشار إلى أن كلفة ري أشجار الزيتون باهظة من جهة حفر الآبار وتأمين مستلزماتها، لافتا إلى أن المزارعين تعودوا، خلال السنوات الماضية، على ري مزارعهم من خلال مياه الأمطار، وأن ارتفاع درجات الحرارة أدى إلى القضاء على أزهار ثمار الزيتون وإصابتها بالجفاف.
وتوقع الدردور أن يكون “حمل” الزيتون هذا العام منخفضا جدا بسبب ضعف الموسم المطري وحالة الجفاف، إضافة إلى أن إنتاجية الموسم الماضي كانت عالية، مما يتطلب من الجهات المعنية تزويد المواطنين بالمياه بشكل شبه مجاني لتجاوز الأزمة.
وأكد المزارع حمزة عبيدات أن ارتفاع أسعار الزيت العام الماضي وبيع صفيحة الزيت سعة 16 كيلوغراما بحوالي 110 دنانير لم يجد نفعا، في ظل توقعات بتراجع الإنتاج العام الحالي إلى أكثر من 80 % مع ارتفاع تكاليف المستلزمات الزراعية والعمالة وغيرها.
وأوضح أنه أمام هذا الوضع، فإنه من المتوقع أن تشهد أسعار زيت الزيتون، خلال الأشهر المقبلة، ارتفاعا ملحوظا في ظل تراجع كميات الإنتاج وارتفاع الطلب على الزيت.
وأضاف عبيدات أن التغيرات المناخية في إربد لم تقتصر على أشجار الزيتون، بل طالت معظم المحاصيل، كالقمح والشعير، والمحاصيل الصيفية التي لم تنجح بسبب جفاف التربة، مما أدى إلى تراجع الإنتاجية للعام الحالي إلى أكثر من 85 %.
ظهور آثار الجفاف
من جهته، قال رئيس فرع نقابة المهندسين الزراعيين فرع إربد الأسبق المهندس ماجد عبندة، إن الموسم المطري السابق لمحافظة إربد شهد انخفاضا ملموسا بكميات الأمطار؛ حيث لم تتجاوز في بعض المناطق 50 % من الهطول السنوي والبالغ 450 ملم، مما أدى إلى ظهور آثار الجفاف على كل المحاصيل البعلية، سواء كانت محاصيل شتوية أو صيفية أو أشجارا مثمرة.
وأشار إلى أن أهم الأشجار التي تأثرت شجرة الزيتون، التي تحتاج كحد أدنى إلى 400 ملم مطر لكي تستطيع استكمال دورة حياتها بأمان، مبينا أن الأمطار التي هطلت تعادل نصف الاحتياج، وبالتالي يجب استخدام الري التكميلي للتعويض الذي يساوي 200 متر مكعب للدونم، وهو أمر من الصعب تحقيقه.
ولفت عبندة إلى أن التراجع بدأ منذ بداية الموسم، فقد كان التزهير قليلا والعقد ضعيفا، ما أدى إلى انخفاض في كمية ونوعية الثمار وظهور تجاعيد عليها نتيجة نقص الرطوبة، إضافة إلى تأثر الثمار بالحشرات والأمراض. وهذا بالتالي يؤدي إلى انخفاض نسبة الزيت في الثمار، إضافة إلى انخفاض نوعية الزيت وفوائده.
ودعا عبندة، المزارعين، إلى ري الأشجار في أوقات توقف المطر وليس الاكتفاء بالري الصيفي، وتقليل الحراثة والحد من التسميد والرش المتكرر.
وأضاف أنه في حال استمرار ارتفاع الحرارة في أشهر أيار (مايو) وحزيران (يونيو) وتموز (يوليو) وآب (أغسطس)، فإن هذه الشجرة تدخل في “مرحلة من الضعف” تتسبب بتقليل التواصل بين الثمار والشجرة الأم، وغالبا ما نشهد سقوط الثمار على الأرض قبل الأوان، فيما تضعف الثمار المتبقية وتبرز “نكهة الجفاف” في الزيت.
ضرورة الري التكميلي
بدوره، دعا مدير زراعة إربد الدكتور عبد الحافظ أبو عرابي، مزارعي الزيتون، إلى اتخاذ إجراءات احترازية للحد من تأثير موجات الحر التي تشكل خطورة على ثمار الزيتون، والمتمثلة بالري التكميلي للمحافظة على بنية الأشجار وثمرها وإنتاجها، ولمساعدتها في المحافظة على ذاتها.
وأكد أن تزامن ارتفاع الحرارة مع مواسم مطرية ضعيفة أو سيئة التوزيع في المناطق سيؤدي إلى استنزاف المحتوى الغذائي للشجرة، وبالتالي العجز عن إنتاج ثمار كالمعتاد، مما يؤثر على الإنتاج كما ونوعا، وينعكس بالتالي على الزيت.
وأشار أبو عرابي إلى أن الري التكميلي أصبح ضروريا في ظل تراجع كميات الأمطار وارتفاع درجات الحرارة، مؤكدا أن الوزارة تشجع المزارعين على الري التكميلي والتقليم الجيد واستعمال السماد العضوي لتحسين قدرة النبات على الاحتفاظ بالمياه، وتقليل الحراثة العميقة، والاكتفاء بتحريك التربة، والزراعات البينية، خاصة البقوليات، لإمداد الأشجار بالنيتروجين.
وقال إن موجات الحر المتلاحقة خلال أشهر حزيران (يونيو) وتموز (يوليو) وآب (أغسطس) سببت معاناة لشجرة الزيتون التي جفت تربتها إثر موسم مطري ضعيف، مؤكدا أن موسم الزيتون وزراعة المحاصيل الشتوية والصيفية كان ضعيفا جدا؛ حيث بلغت نسبة التراجع في إنتاج القمح والشعير أكثر من 50 %، فيما المحاصيل الصيفية تجاوزت 95 %.
كما أوضح أبو عرابي أن الثروة الحيوانية تأثرت أيضا بسبب ضعف الموسم المطري؛ حيث كان مربو المواشي يعتمدون بنسبة 50 % على المراعي الطبيعية كالأعشاب، إلا أن انحباس الأمطار أدى إلى عدم نمو الأعشاب، وبالتالي اعتمادهم على الأعلاف على مدار العام، مما زاد من التكلفة.
وفي تقرير نشرته “الغد” قبل أيام، أبدى مزارعو الزيتون في عجلون قلقهم الشديد على أشجار الزيتون والثمار التي تحملها، سواء كانت المروية أو البعلية، خصوصا بعد ما شاهدوه من ذبول لأوراقها وثمارها نتيجة موجة الحر الأخيرة، وهم على بعد نحو شهر ونصف الشهر من موعد القطاف.
وأكدوا أن ما يفاقم المشكلة هذا العام هو انخفاض المعدل المطري لموسم الشتاء الماضي الذي لم يتعد 300 ملم، وجفاف الينابيع على الأودية التي أصبحت شبه جافة، لا يمكنها أن تزود الأقنية المنتشرة عليها بالحصص المائية لري أشجارهم، ما يضطرهم لشراء المياه المنقولة بالصهاريج -إن أتيحت لهم هي الأخرى– بأثمان مرتفعة، في حين قدمت زراعة المحافظة النصح والإرشاد للمزارعين حول كيفية التعامل مع الأشجار وريها خلال هذه الموجة.