عشرات الشهداء.. وسكان غزة يرفضون الانصياع لأوامر الإخلاء ويتشبثون بأراضيهم

يُفشل صمود السكان الفلسطينيين في شمال قطاع غزة مخططات الاحتلال بالنزوح القسري نحو الجنوب والتهجير، في إطار سياسة أوسع لتهجيرهم من أراضيهم، رغم جرائمه الدموية المتواصلة والتي تؤدي لارتقاء العديد من الضحايا المدنيين يومياً.
ولم تنجح أوامر الإخلاء المتواترة التي يصدرها جيش الاحتلال والمصحوبة بالقصف الجوي العنيف للمباني السكنية المرتفعة والجرائم الدموية بمدينة غزة، في مغادرة أهالي شمال القطاع نحو الجنوب، أمام تشبثهم بأراضيهم ورفضهم مغادرتها.
ويشكل صمود الأهالي في شمال قطاع غزة، وعدم انصياعهم لأوامر جيش الاحتلال بالنزوح، سبباً في إحباط مخططات الاحتلال في تهجير السكان الفلسطينيين من أراضيهم.
فيما حذر الدفاع المدني الفلسطيني في غزة من أن الاحتلال يسعى في الأيام الأخيرة إلى إحداث حالة من الزعزعة داخل الأحياء المكتظة بالسكان في مدينة غزة، عبر استهداف المنازل والمربعات السكنية بشكل متعمد، في محاولة لدفع الأهالي إلى النزوح نحو وسط وجنوب القطاع، دون اكتراث بالظروف الإنسانية المأساوية التي يعيشونها.
وأوضح الدفاع المدني، في تصريح له أمس، أنه تلقى مناشدات متكررة من عائلات فلسطينية تلقت إنذارات لإخلاء منازلها، لكنها تجد صعوبة في إيجاد مأوى داخل المدينة، ما يضطر كثيرين للعودة بعد ساعات إلى منازلهم المتضررة بفعل تدمير المباني المجاورة، وسط مخاطر جسيمة على حياتهم.
وأكد الدفاع المدني أن استمرار الاحتلال في تنفيذ مخططه التهجيري عبر دفع المدنيين قسراً إلى مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة، يُعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، مطالباً المجتمع الدولي بكسر حالة الصمت وإجبار الاحتلال على التوقف الفوري عن سياساته التي تستهدف المدنيين وتفاقم معاناتهم الإنسانية.
وفي نفس السياق؛ قالت منظمة العفو الدولية “امنستي”، إن على سلطات الاحتلال أن تُلغي فوراً أمر التهجير القسري الجماعي الذي أصدرته بحق مواطني مدينة غزة في 9 أيلول (سبتمبر) الماضي، في ظل تصعيدها المتواصل للهجوم على المدينة، ما يفاقم من معاناة المدنيين وسط الإبادة الجماعية المستمرة.
وأضافت المنظمة، في تصريح لها أمس، أن الأمر الذي أصدره جيش الاحتلال بتهجير جماعي للسكان الفلسطينيين في مدينة غزة وحشي وغير مشروع، ويفاقم من ظروف الحياة الإبادية التي تفرضها سلطات الاحتلال على الفلسطينيين.
وقالت مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية، هبة مرايف، إنه بالنسبة لمئات الآلاف من الفلسطينيين في مدينة غزة الذين يعانون منذ ما يقارب العامين قصفاً لا هوادة فيه، بينما يتعرضون للتجويع والإجبار على العيش في مخيمات مؤقتة أو الاحتماء في مبانٍ مكتظة، فإن هذا الأمر يمثل تكرارًا مروعًا وغير إنساني لأمر التهجير القسري الجماعي الذي صدر في 13 تشرين الأول (أكتوبر) 2023 لكافة مواطني شمال غزة.
وأكدت منظمة العفو الدولية مراراً وبشكلٍ لا لبس فيه أن دفع الفلسطينيين إلى النزوح قسراً داخل قطاع غزة أو ترحيلهم إلى خارجه يشكل انتهاكًا للقانون الدولي الإنساني ويرقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
واعتبرت المنظمة أمر التهجير القسري الأخير، بالتزامن مع توسيع الهجمات العسكرية في غزة، بما في ذلك تدمير الأبراج السكنية المرتفعة التي كانت مأوى لآلاف العائلات، مثالًا إضافيًا على تعمد سلطات الاحتلال فرض ظروف معيشية قاسية.
وأكدت أن عدم استجابة سلطات الاحتلال لتحذيرات المنظمات الإنسانية ومنظمات حقوق الإنسان بشأن التداعيات الكارثية لهذا الهجوم، واستمرارها في تحديها لأوامر محكمة العدل الدولية التي تُلزمها بضمان وصول المساعدات والحماية للفلسطينيين في غزة، يشكل دليلًا دامغًا على نيتها في الاستمرار في إبادتها الجماعية من دون رادع.
وقالت مرايف، إن سلطات الاحتلال ماضية في تنفيذ هدفها بالتدمير المادي للوجود الفلسطيني في قطاع غزة. ومن غير المقبول أخلاقيًا أن تواصل الدول ذات النفوذ تزويدها بالسلاح والدعم الدبلوماسي لتدمير حياة الفلسطينيين.
وأضافت أن الشركات والمستثمرين ما زالوا يجنون الأرباح من الإبادة الجماعية التي ترتكبها سلطات الاحتلال، مثلما تخاطر الدول والشركات التي تواصل تسليحها بالتواطؤ في جريمة الإبادة الجماعية، داعية للضغط على الاحتلال لوقف حملته الإبادية وضمان وصول المساعدات الإنسانية الكاملة إلى المدنيين في قطاع غزة.
وفي الأثناء؛ يواصل الاحتلال عدوانه ضد قطاع غزة، حيث أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية بغزة، أن مستشفيات القطاع استقبلت خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية 72 شهيداً فلسطينياً و 356 إصابة جديدة.
وأشارت “الصحة الفلسطينية”، في تصريح لها أمس، إلى أن حصيلة عدوان الاحتلال ارتفعت إلى 64,718 شهيدًا و 163,859 إصابة منذ السابع من تشرين الأول (أكتوبر) للعام 2023، بينما ما يزال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، حيث تعجز طواقم الإسعاف والدفاع المدني عن الوصول إليهم حتى اللحظة.
وأفادت بأن عدد الشهداء والإصابات، منذ 18 آذار (مارس) الماضي، بلغ 12,170 شهيداً و 51,818 إصابة، بينما بلغ عدد ما وصل إلى المستشفيات خلال الـ24 ساعة الماضية من شهداء المساعدات 9 شهداء و 87 إصابة، ليرتفع إجمالي شهداء لقمة العيش ممن وصلوا المستشفيات إلى 2,465 شهيدًا وأكثر من 17,948 إصابة.
وقد سجلت مستشفيات قطاع غزة، خلال الساعات الـ24 الماضية، 7 حالات وفاة جديدة نتيجة المجاعة وسوء التغذية من بينهم 1 طفل، ليرتفع العدد الإجمالي إلى 411 حالة وفاة، من ضمنهم 142 طفلًا، في إطار حرب الإبادة الجماعية التي يواصل الاحتلال شنها ضد قطاع غزة.