إربد.. توقف مشروع تأهيل المسجد المملوكي بحبراص يثير قلق الأهالي

إربد – في الوقت الذي ما يزال فيه مشروع إعادة تأهيل وترميم المسجد المملوكي في حبراص بلواء بني كنانة يراوح مكانه يترقب أهالي البلدة أن تقوم الجهات المعنية بالإسراع بإعادة تأهيله وترميمه خوفا من تعرض المكتشفات الأثرية النادرة للعبث والضياع.
ويعد المسجد المملوكي المبني بالكامل من حجارة آثار رومانية وبيزنطية شاهدا على العصر الإسلامي في شمال الأردن واحداً من أهم المعالم الدينية والحضارية في المنطقة.
ويتخوف سكان المنطقة من قيام مواطنين بالعبث بالمكتشفات الأثرية في المسجد من خلال البحث عن دفائن أثرية التي تم اكتشافها أخيرا بعد توقف العمل بالمشروع لإشعار آخر، موضحين أن الجهات المعنية بدأت بإعادة تأهيل المسجد قبل حوالي 3 أشهر، إلا أن المشروع توقف ولم يتم استكماله حتى الآن.
ووفق أحد سكان المنطقة أحمد عبيدات فإن المسجد يشكل أهمية دينية وحضارية ويعتبر من أقدم المساجد في المملكة وبحاجة إلى أعمال ترميم وتأهيل للحفاظ على جدرانه التي باتت آيلة للسقوط.
وأكد أن هناك أماكن كثيرة في محيط المسجد من مقامات ومآذن وخلافها غير مكتشفة لغاية الآن، مؤكدا أنه في حال اكتشافها وترويجها سيكون المسجد محجا دينيا للمواطنين من داخل الأردن وخارجه.
ويضيف أن المسجد المملوكي في حبراص هو مسجد تاريخي أثري ذو طراز مملوكي تأسس في عهد السلطان المنصور قلاوون عام 1287 ميلادي، وهو مبني من حجارة رومانية وبيزنطية قديمة ويتميز بعمارته التي تتضمن قباباً وعقوداً محمولة على أعمدة تحمل أجزاء مختلفة من السقف، ويضم محراباً مجوفاً وغرفاً جانبية، بالإضافة إلى مئذنة ومنبر، مشيرا إلى انه تم بناء المسجد باستخدام حجارة مأخوذة من مواقع رومانية وبيزنطية قديمة ويتبع الطراز السائد في عهد المماليك، ويضم قباباً وعقوداً محمولة على أعمدة، مبينا أن المسجد تعرض للهدم بسبب العوامل الطبيعية، مما أدى إلى تدهور حالة بنائه بمرور الوقت.
ويرى مهتمون أن مسجد حبراص المملوكي يعتبر قيمة معمارية متميزة، فكل حجر فيه كان جزءا من بناء روماني أو بيزنطي قديم، وعلى الرغم من ذلك يحتفظ المسجد بطابع معماري أموي متميز حيث رصفت أرضيته بالحجارة على الطريقة الأموية ذاتها المستخدمة في تبليط أرضية مسجد جرش الأموي، مشددين على ضرورة توفير حماية أمنية للموقع لمنع أي محاولات للعبث أو السرقة، خاصة بعد انتشار أخبار المكتشفات الأثرية والترويج للمسجد كمعلم سياحي وديني لجذب الزوار من داخل الأردن وخارجه.
ويؤكد أهالي المنطقة أن استكمال المشروع أصبح ضرورة ملحة، مطالبين باستئناف فوري لأعمال الترميم والتنقيب لتأمين المكتشفات الأثرية والحفاظ عليها من الضياع وتخصيص الموارد المالية اللازمة لضمان استكمال المشروع دون تأخير أو انقطاع في المستقبل.
ويقوم سقف المسجد على أعمدة بيزنطية مزينة بتيجان مزخرفة. وبيت الصلاة مستطيل الشكل ولجدار القبلة فيه ثلاثة محاريب بقي منها اثنان. وقد نحت أحد هذه المحاريب في الصخر.
أما المئذنة فكتب في تاريخها دكتور علم التاريخ الأستاذ محمد حتاملة فهي مئذنة المسجد فهي مربعة الشكل ومتصلة بالجزء الشرقي من الجدار الشمالي للمسجد، ويبلغ طول ضلعها أربعة أمتار وأربعين سنتيمترا، المئذنة أو صومعة المسجد بنيت في عهد المماليك وقد أمر ببنائها السلطان منصور قلاوون 686 هجري/ 1278 ميلادي.
وقامت بعثات أثرية أجنبية عديدة بإجراء مسوحات ودراسات على هذا المسجد وبالتعاون والتنسيق فيما بين الجهات الرسمية منها والأهلية المعنية.
يقول عضو اللامركزية عن لواء بني كنانة عمر عبيدات أنه ومنذ عام 2023 تم البدء بتنفيذ أعمال تأهيل أولية لمسجد حبراص المملوكي الأثري نظرا لأن المسجد كان عبارة عن بناء متهدم بنسبة 80 % وخال من الأسقف وأنه في عام 2024 جرت أعمال الصيانة والترميمي الأساسية مما أسفر عن إعادة إبراز المسجد كمعلم حضاري بارز في اللواء.
ويلفت إلى أن المسجد الذي يقع في وسط البلدة مهجور منذ سبعينيات القرن الماضي يتميز بتسلل تاريخي غني وأساليب معمارية نادرة إذ يضم المسجد المئذنة المملوكية الوحيدة في اللواء والتي تشكل معلما تاريخيا فريدا.
ويقول “في عام 2025 تم تخصيص 25 ألف دينار من قبل مجلس المحافظة لاستكمال أعمال التنقيب وترميم المئذنة المملوكية، إذ باشرت الفرق المختصة في دائرة الآثار العامة العمل بشهر 5 وقد شملت الأعمال الجارية جمع وتصنيف الأحجار الأصلية لاستخدامها في بناء المئذنة حيث تم رفع ما يقارب 3 أمتار من البناء وكذلك تم تنفيذ إعمال التنقيب في ساحات المسجد بهدف تعميق الفهم التاريخي والأثري للموقع,” مشيرا إلى أن أعمال التنقيب أسفرت عن اكتشافات ذات أهمية علمية شكلت العثور على مقام ديني أثري ضمن غرف الدفن وهو ما يمثل نموذجا جنائزيا نادرا قد يكون الأول من نوعه في الأردن إلى جانب اكتشاف غرف ملحقة بالمسجد ذات دلالات وظيفية وتاريخية مهمة بالإضافة إلى العثور على نقوش أثرية ورسوم جدارية (فريسكو) ذات قيمة علمية وتاريخية تساهم في توثيق تاريخ المكان وأحداثه.
ويؤكد عبيدات أن قرار إيقاف العمل بالمشروع بشكل مفاجئ يشكل خطرا على سلامة هذه المكتشفات الأثرية، حيث أن بقاء النقوش واللقى الأثرية مكشوفة يعرضها لخطر التآكل والتلف نتيجة العوامل الجوية المختلفة، إضافة إلى احتمالية تعرضها للعبث البشري والتخريب المتعمد.
وبين أن توقف أعمال التنقيب سيؤدي إلى فقدان الكثير من المعلومات الأثرية التي لم تستكمل دراستها وتوثيقها مما يشكل خسارة للتراث الثقافي الوطني.
بدوره، يبين مدير آثار محافظة إربد عماد عبيدات أن عملية وقف العمل بالمشروع جاء بقرار من الجهات المعنية، مؤكدا أنه سيتم الطلب من مجلس المحافظة رصد المخصصات المالية للمشاريع الأثرية على موازنة المجلس للعام المقبل.
يبقى الأمل معلقاً باستئناف العمل في هذا المشروع الحيوي لكي لا يتحول مسجد حبراص الأثري الذي صمد لقرون لإرث تاريخي لا يُقدر بثمن مهدد بالضياع.