إحياء وسط مادبا.. وجهة سياحية متكاملة تعكس التراث وتواكب الحاضر

مادبا – هناك، في قلب مادبا القديمة، تسترجع الذكريات بين أحجار الشوارع الضيقة والأسواق القديمة، فيما تنبثق الحياة من مشروع سياحي، يعيد إلى المدينة روحها، ويمنح الزائر فرصة السير بين التاريخ والمعاصرة.

يمتزج التراث هنا بسحر خاص؛ حيث ترمم الأبنية القديمة بعناية لتحتفظ بروحها التاريخية، ولتصبح كل زاوية مدعاة للتأمل واستكشاف القصص التي تحملها منذ قرون.
يشمل المشروع، المواقع الأثرية المهمة في المدينة، مثل “كنيسة الخارطة” التي تحتضن الفسيفساء التاريخية الشهيرة، “المنتزه الأثري”، “كنيسة يوحنا المعمدان”، “قصر المحترق” و”سوق مادبا القديم”، الذي يعكس عبق الحرف التقليدية و”المتاجر”.
كما يشمل المشروع، “مسجد “الحسين بن طلال” و”دار السرايا التاريخية”، “متحف مادبا” و”معهد الفسيفساء”، إلى جانب “شارع السمكرة”، “شارع العشاق”، “الشارع السياحي”، “سوق الذهب” و”بابور الصناع”، حيث يستمر الحرفيون في إبراز مهاراتهم التقليدية.
وتتقاطع صورة المشروع مع شهادات زوار أجانب، جاؤوا من مختلف أنحاء العالم، ليعيشوا تجربة مادبا.
تقول ماريا مارتون، سائحة من إيطاليا “لقد زرت الكثير من المدن التاريخية، لكن ما يميز مادبا هو المزج بين المواقع الأثرية والأسواق التقليدية. السير في الشارع السياحي ورؤية الحرفيين يعملون على الفسيفساء، جعلني أشعر أنني عدت بالزمن إلى الوراء”.
أما جون براون، وهو سائح بريطاني، فيقول “ما جذبني ليس فقط الكنائس والمواقع الأثرية، بل الحياة اليومية نفسها. المتاجر الصغيرة، المقاهي التقليدية، والباعة الذين يرحبون بك بابتسامة، تجعل التجربة فريدة”.
ويقول الزائر جورج سلامة “نشعر أننا في بيتنا هنا. الأسواق القديمة تذكرنا بمدننا التاريخية في بيروت وطرابلس، لكن لمسة مادبا مختلفة، فيها دفء خاص. هذا المشروع مهم، لأنه يحافظ على أصالة المكان وفي الوقت نفسه، يفتح المجال أمام الزوار لاكتشافه بطريقة منظمة وجميلة”.
أما من سكان المدينة، فتقول أم محمود التي عاشت في مادبا أكثر من ستين عاما “أشعر أن المدينة تستعيد روحها، أبنائي سيعرفون مادبا كما عرفناها نحن، بذكرياتها وأسواقها وحكاياتها القديمة”.
فيما يشير محمد عبد الحافظ، صاحب المقهى التقليدي في السوق القديم، إلى أن المشروع ليس مجرد تطوير، إنه حياة جديدة لوسط المدينة. الزوار أصبحوا يتجولون أكثر، والأنشطة الفنية تجعل المكان نابضا بالحركة، وهذا يعني فرص عمل جديدة لنا جميعا.
أما وسن طراد فترى، أن المشروع يمثل جسرا بين “الماضي والمستقبل”، فتقول “إن الحفاظ على التراث مع تطوير البنية التحتية يجعل مادبا وجهة سياحية مميزة، ويشجع الاستثمارات الصغيرة، خصوصا في الحرف اليدوية والمطاعم التقليدية”.
ويعبر أحد أصحاب المحلات التجارية عن تفاؤله قائلا “منذ بداية أعمال التأهيل، لاحظت تزايدا في حركة الزوار والمشاة في الشارع. هذا ليس مجرد مشروع سياحي، بل فرصة حقيقية لأصحاب الأعمال الصغيرة مثل محلي. الناس أصبحوا يعودون للتجوال في الأسواق القديمة، ويشترون الحرف اليدوية والمنتجات التقليدية، وهذا ينعش الاقتصاد المحلي ويعطي المدينة روحا جديدة.
ويؤكد رئيس لجنة بلدية مادبا الكبرى، المهندس هيثم جوينات، أن المشروع يهدف إلى تحويل قلب مادبا التاريخي إلى منطقة سياحية متكاملة تجمع بين التراث والخدمات الحديثة، مع إبراز المتاجر التقليدية والحرف التي تشتهر بها المدينة. وقال: “نركز على ترميم المباني الأثرية والأسواق القديمة، وتحسين البنية التحتية من طرق وإنارة ومرافق عامة، مع تطوير الساحات والمسارات المخصصة للمشاة. الهدف هو إعادة الحيوية إلى وسط المدينة، وخلق بيئة جاذبة للزوار والسكان على حد سواء”.
من جانبه، يشير مدير سياحة مادبا، إلى أن المشروع يشمل دمج الفن والثقافة في قلب المدينة، من خلال إقامة معارض موسمية وفعاليات ثقافية وفنية، وتطوير الأماكن العامة لتكون مسرحا للأنشطة السياحية. وأضاف نركز على إبراز الهوية التاريخية لمادبا، مع تعزيز التجربة السياحية للزائر، حيث يتمكن من استكشاف الأسواق القديمة، المباني التاريخية، الفسيفساء الشهيرة، المتاجر التقليدية، والحرف، وكل ذلك في بيئة حديثة وآمنة.
بهذه الأصوات، تتشكل صورة وسط المدينة الجديد، حيث يلتقي الحنين بالمستقبل، ويصير مشروع إعادة التأهيل ليس مجرد تطويرا عمرانيا، بل تجربة حية للزوار والسكان، تتنفس الحرف التقليدية والأسواق التاريخية، وتحتفظ بروح مادبا الأصيلة.

أحمد الشوابكة/الغد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة