انضمام محمية عجلون لمحميات المحيط الحيوي.. جذب للسياحة البيئية وتعزيز للتنمية

يرى بيئيون وناشطون في محافظة عجلون، أن انضمام محمية غابات عجلون لشبكة محميات المحيط الحيوي العالمية، من شأنه أن يعزز التنمية المستدامة في المحافظة، ويساهم في حماية البيئة والتنوع الحيوي، وخدمة المجتمع المحلي المحيط بالمحمية.
وأكدوا أن أهمية محميات المحيط الحيوي تتمثل في حماية التنوع البيولوجي والمحافظة على الأنواع المهددة بالانقراض، ودعم التنمية المستدامة والاقتصادية للسكان المحليين عبر السياحة البيئية، وتوفير بيئة مثالية للبحث العلمي والرصد البيئي، بالإضافة إلى دورها في تعزيز التعليم المجتمعي والوعي البيئي.
وأعلن مؤخرا في المؤتمر العالمي الخامس لمحميات المحيط الحيوي، واجتماعات الدورة السابعة والثلاثين للمجلس التنسيقي الدولي لبرنامج الإنسان والمحيط الحيوي التابع لليونسكو، المنعقد في مدينة هانغتشو بالصين، عن انضمام غابتي عجلون واليرموك إلى الشبكة العالمية لمحميات المحيط الحيوي.
ومن وجهة نظر الخبير البيئي سامح الخطاطبة، فإن هذا الإعلان سيعزز من حماية التنوع من خلال توفير ملاذات آمنة للعديد من الطيور والأنواع النباتية، ويحميها من التدهور والانقراض، كما يحافظ على التنوع الجيني الضروري لاستجابة الأنواع للتغيرات البيئية، ويساهم في جذب السياحة الصديقة للبيئة، ما يوفر فرصة لتحقيق إيرادات اقتصادية للسكان المحليين دون الإضرار بالبيئة. كما سيوفر بيئة ملائمة للباحثين لدراسة النظم البيئية، ورصد التغيرات البيئية وتأثيرات الأنشطة البشرية.
وأكد أن المحمية تعمل كأداة للتوعية البيئية، حيث تسهم في زيادة الوعي المجتمعي بأهمية المحافظة على البيئة، مبينا أن هذا الانضمام العالمي يمثل دفعة قوية لتعزيز حضور المحميات الأردنية على الساحة الدولية، ويفتح آفاقا واسعة للتعاون وتبادل الخبرات مع محميات دولية أخرى، بما يكرس رؤية وطنية شاملة توازن بين حماية الطبيعة وتمكين المجتمعات المحلية من الاستفادة المستدامة من مواردها.
ويقول الناشط والمختص البيئي المهندس خالد العنانزة إن انضمام محمية غابات عجلون إلى شبكة محميات المحيط الحيوي العالمية التابعة لليونسكو يشكل إنجازا يعزز مكانة الأردن على خريطة السياحة البيئية ويفتح المجال أمام فرص جديدة للاستثمار في السياحة المستدامة وخدمة المجتمع المحلي، مؤكدا أن المحمية استطاعت الجمع بين التميز في صون الطبيعة وتطوير مجتمعها المحيط بها اقتصاديا، وبلوغها نقطة جذب واستثمار سياحي ناجح استحقت عليه شهادات تقدير دولية.
وأكد أنها تعد من أنجح الاستثمارات البيئية والسياحية في المحافظة لما وفرته من بيئة جاذبة للسياحة، وقيمة اقتصادية أفادت المجتمع المحلي عبر تشغيل أبنائه بمرافقها المختلفة، مشيرا إلى أن المحمية تواصل تحقيق نجاحها مسجلة أرقاما كبيرة في عدد زوارها ونسب إشغال تصل في أوقات عديدة إلى 100 بالمائة.
يشار إلى أن المحمية تتكون من مجموعة من التلال ذات الارتفاعات المختلفة، بحيث يصل أقصاها إلى 1100 متر، ويتخللها عدد من الأودية الصغيرة والمتوسطة نزولا إلى أدنى ارتفاع يبلغ تقريبا 700 متر، وتحيط بها قرى راسون وعرجان وباعون ومحنا والطيارة وأم الينابيع، بحيث تعتبر من أفضل الأماكن الممثلة للغابات المستدامة الخضرة في الأردن مثل البلوط والخروب والبطم والقيقب.
أضخم الاستثمارات السياحية بالمحافظة
وبحسب الناشط سليمان القضاة، فإن هذا الإعلان سيساهم في تعزيز التنمية المستدامة في المجتمع المحلي للمحافظة، مؤكدا أن المحمية تعتبر من أضخم الاستثمارات السياحية في المحافظة، فهي توظف عشرات الشباب والفتيات من أبناء المجتمع المحلي، كما أنها تعد من المحميات الطبيعية في المملكة التي حققت تميزا بيئيا في صون الطبيعة، ما استحقت عليه التكريم من منظمات دولية، بالإضافة إلى تمكنها من تطوير مجتمعها المحيط بها اقتصاديا وبلوغها نقطة جذب واستثمار سياحي ناجح.
وأشار إلى أن محمية عجلون كانت قد اختيرت قبل بضعة أعوام ضمن القائمة الخضراء للاتحاد الدولي لصون الطبيعة، والذي يعتبر الإعلان الرسمي لأفضل المناطق المحمية إدارة على مستوى العالم، وذلك بعد عملية تقييم مكثفة بناء على عدة معايير تتعلق بالحوكمة الجيدة، وسلامة التصميم والتخطيط، وفعالية الإدارة، وجودة مخرجات برامج صون الطبيعة.
من جهته، يقول عضو مجلس المحافظة السابق منذر الزغول إن المحمية تستحق هذا الإعلان، فهي منذ تأسيسها تواصل تنفيذ برامج ومشاريع بيئية وسياحية، بهدف مساعدة المجتمع المحلي المحيط بها، وإبراز المحافظة وتقديمها لتكون قبلة سياحية عالمية وعامل جذب للاستثمار السياحي بما يعود بالفائدة على عموم مناطقها، مشيرا إلى أنه وبفضل التحديثات المستمرة على مرافقها وتنويع برامجها، فقد تمكنت من استقبال أعداد أكبر مما كانت عليه في سنوات سابقة بحيث تتجاوز سبعين ألف زائر سنويا.
وأضاف أنه وبفضل ما وفرته المحمية من بيئة جاذبة للسياحة وما أضافته من قيمة اقتصادية أفادت المجتمع المحلي، فقد أصبحت قصة نجاح فريدة ومتنفسا سياحيا مؤهلا.
ويستفيد الزوار والمقيمون في المحمية من ثلاثة برامج رئيسية، وهي خدمة الإقامة للزائر من خلال الأكواخ المتواجدة وعددها 38 كوخا بطاقة استيعابية تبلغ 140 شخصا، والاستفادة من خدمات الطعام والشراب من خلال مطعمين، أحدهما للجمعية الملكية لحماية الطبيعة وهو مطعم البلوط، والثاني مطعم الأيل الأسمر الموجود داخل المحمية.
وتضم المحمية ستة ممرات سياحية توفر للسائح إمكانية التجول في الغابات والتعرف على التنوع الحيوي ومشاهدة الآثار وزيارة القرى وتناول وجبات الطعام الريفية في قرى محيطة، وزيارة بساتين وأودية وشراء منتجات من المزارعين.
يذكر أن الجمعية الملكية لحماية الطبيعة أطلقت قبل زهاء ثلاثة أعوام لعبة العبارة الهوائية بطول 330 مترا، وذلك لإثراء تجربة سياحة المغامرة لرواد محمية غابات عجلون، ومنحهم فرصة الاستمتاع بجمال الطبيعة الخلابة، ولإدراج المحمية على خريطة سياحة المغامرات العالمية.
وتعد اللعبة ثاني أطول لعبة عبارة هوائية في الأردن، والثالثة في منطقة الشرق الأوسط، وتعد كذلك نواة لإنشاء قرية ألعاب مغامرة في ساحة الأكاديمية، للربط بينها وبين برامجها والمحمية، وللإسهام في زيادة المنافع لسكان المنطقة بإيجاد فرص عمل دائمة لهم، بالإضافة إلى استقطاب محبي سياحة المغامرة إلى المحافظة.
استكشاف التنوع الحيوي
وأكد مدير سياحة عجلون فراس الخطاطبة أن هذا الاعتراف الدولي سينعكس إيجابا على القطاع السياحي في عموم المحافظة، ويعزز التنمية المستدامة، ويسهم في تحسين الظروف الاقتصادية لأبناء المنطقة، خصوصا أن المحمية تعد أنموذجا للسياحة البيئية، حيث توفر مسارات للزوار وفرصا لاستكشاف التنوع الحيوي.
وقال المشرف الإداري في محمية غابات عجلون عدي القضاة إن المحمية نجحت في تحقيق تميز بيئي من خلال صون الطبيعة وحمايتها، ما أهلها للانضمام إلى القائمة الخضراء للاتحاد الدولي لصون الطبيعة، إضافة إلى اختيارها ضمن أفضل مائة موقع سياحي مستدام عالميا، مؤكدا أن المحمية أصبحت مركزا للجذب السياحي والبيئي، حيث أسهمت في تطوير المجتمع المحلي عبر توفير فرص عمل لأبناء المنطقة في مختلف مرافقها، ما جعلها ذات قيمة اقتصادية بارزة للمحافظة.
وأشار إلى أن مساحة المحمية تبلغ نحو 12 ألف دونم، منها 6500 دونم مسيجة لحماية النظام البيئي، حيث تضم 575 نوعا من النباتات والأزهار البرية، و108 أنواع من الحيوانات.
وبين القضاة أن السياحة البيئية تسهم في توفير دخل إضافي لدعم حماية المناطق الطبيعية وتعزيز التنوع الحيوي وخلق فرص عمل مستوحاة من البيئة، موضحا أن هذا النوع من السياحة يعتمد على احترام الطبيعة وحماية الموارد البيئية ودعم المجتمعات المحلية وتعزيز الوعي البيئي لدى الزوار وفق مبادئ الاستدامة، مبينا أن المحمية تعمل على تنفيذ عدة مشروعات بيئية وتنموية مقترحة خلال الأعوام المقبلة، من بينها مشروع بدائل الطاقة للتدفئة بكلفة 500 ألف دينار، ومشروع تركيب نظام طاقة شمسية بكلفة 150 ألف دينار، ومشروع تطوير مشاغل التنمية الاقتصادية والاجتماعية بكلفة 150 ألف دينار التابعة للأكاديمية الملكية لحماية الطبيعة.
يشار إلى أن المحمية هي إحدى المحميات الطبيعية التابعة للجمعية الملكية لحماية الطبيعة، حيث أنشئت عام 1987 لحماية النظام البيئي لغابات السنديان دائمة الخضرة، وهي تعد نموذجا رائدا في مجال الاستثمار البيئي والسياحي والتنمية المستدامة.
وكان وزير البيئة الدكتور أيمن سليمان قد أعرب في بيان صحفي عن اعتزازه بهذا الإنجاز، مؤكدا أن إدراج محميتي عجلون واليرموك على قائمة محميات المحيط الحيوي العالمية يعكس مكانة الأردن المتميزة في إدارة المحميات الطبيعية، والتزام المملكة بتطبيق أعلى المعايير البيئية العالمية.
وأشاد بالشراكة الإستراتيجية مع الجمعية الملكية لحماية الطبيعة، مثمنا دورها الريادي في صون التنوع الحيوي وترسيخ مكانة الأردن كدولة سباقة في حماية البيئة.
بدوره، قال مدير عام الجمعية الملكية لحماية الطبيعة فادي الناصر إن هذا الإعلان يمثل تتويجا لجهود تكاملية مشتركة بين وزارة البيئة والجمعية واليونسكو، مشيرا إلى أن محميتي عجلون واليرموك تتميزان بتكامل أنظمتهما البيئية واعتمادهما على الربط بين حماية الطبيعة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية للمجتمعات المحلية، داعيا إلى تعزيز ثقافة حماية المحميات الطبيعية وأهمية الحفاظ على التنوع الحيوي.
كما أوضح مدير مديرية المناطق المحمية في الجمعية عامر الرفوع أن المحميتين استوفتا جميع المعايير الأساسية لبرنامج الإنسان والمحيط الحيوي، من خلال تطوير برامج لإدارة المراعي، وإنشاء لجان استشارية تضم ممثلين عن المجتمع المحلي وصناع القرار، إضافة إلى تطوير برامج سياحة بيئية تضمن استفادة المجتمعات المحلية دون الإضرار بالموارد الطبيعية.
عامر خطاطبه/ الغد