خبراء: النقل السككي محفز للتنمية وداعم للتبادل التجاري

بينما بحثت المملكة مؤخرا، مع سورية وتركيا مقترحا بربط الدول الثلاث بشبكة السكك الحديدية الممتدة على أراضيهم، أكد خبراء أن النقل عبر السكك، يعد عاملا محفزا للتنمية والتبادل التجاري وتعزيز مكانة الأردن كمركز لوجستي.
ويؤكد الخبراء أن تفعيل النقل عبر السكك الحديدية، يشجع الصناعة والتجارة والزراعة من خلال توفر وسيلة نقل أكثر أمانا وأقل كلفة بمدة قصيرة.
ولفتوا إلى أن ذلك يخفف الضغط على البنية التحتية في طرق الشحن البري، وتقلل من حوادث السير والازدحامات المرورية.
وزير النقل الأسبق هاشم المساعيد، أكد الأهمية الكبرى لسكك الحديد في التنمية، مشيرا إلى أنها تربط الأردن بالخليج وأوربا الشرقية والغربية، حيث يصبح الأردن مركزا عالميا للنقل بالقطارات، كما يمكن الربط باتجاه الغرب من أفريقيا .
وبين المساعيد أن النقل السككي أقل كلفة وقصير المدة وأكثر أمانا، من النقل بالبواخر كما أنه أقل كلفة من النقل بالطائرات، مؤكدا أن النقل السككي أرخص انواع النقل، ما ينعكس إيجابا على أسعار المنتجات لتصبح أقل على التاجر والمستهلك.
وقال “نقل البضائع والركاب من خلال القطارات يشجع ويحفز جميع القطاعات الاقتصادية من تجارية وصناعية وزراعية، ويسهل انتقال الركاب ويحفز السياحة”.
وأشار إلى أن النقل عبر القطارات يخفف الضغط على الطرق والبنى التحتية ويحد من حوادث السير، فضلا عن استخدام التكنولوجيا الحديثة في القطارات الحديثة، أفضل للبيئة ويجعل النقل من خلاله أكثر سرعة.
كما أشار إلى أن مشروع “سكة الحديد الوطنية”، مطروح منذ أكثر من 15 عاما، وقد جرى استملاك أراض لمساراته، لكن غياب التمويل حال دون تنفيذه.
وقال “إن النقل السككي رخيص نسبيا سواء لنقل البضائع أو الركاب، كما أن الربط مع دول الإقليم ممكن ويفيد جميع الأطراف”.
المساعيد لفت إلى أن السعودية أنجزت مشروع سكة حديد تصل قريبا من الحدود الأردنية، مضيفا أن استقرار الأوضاع في سورية، يمكن أن يفتح المجال لربط شبكي يصل حتى تركيا وأوروبا، ما يعزز حركة التجارة والصادرات الأردنية وتجارة الترانزيت، مع إمكانية التفرع نحو العراق وشرق آسيا وربط الشبكة بفلسطين.
من جانبها، وزيرة النقل السابقة لينا شبيب، ترى أن النقل السككي يوفر فرص عمل جديدة ويزيد تنمية المناطق حول محطات القطارات، مؤكدة أن استخدام التكنولوجيا الحديثة في القطارات يحدث نقلة نوعية في التنمية، وينهض بالقطاعات الاقتصادية من خلال إيجاد تكامل مع الشبكات الإقليمية والعالمية، ويقلل كلفة النقل. وأشارت شبيب إلى أنه بديل عملي عن النقل البري، إذ لجأت الصين مثلا إلى إحياء طريق الحرير، من خلال شبكة “سكة حديثة”، كما أن النقل عبر القطارات ينمي النقل متعدد الوسائط.
وبينت أن النقل السككي يتطلب تسهيلات على الحدود وإجراءات سلسة وتشريعات جديدة وتجهيزات للمراكز الحدودية، لتتواءم مع النقل السككي، فضلا عن الحاجة إلى خبرات وتأهيل وتدريب العاملين وربط سكة الحديد بالموانئ البرية التي تصبح أيضا مراكز تنمية.
وأكدت شبيب أهمية وجود التجهيزات اللازمة للمناقلة والتفتيش والإجراءات الحدودية، وإعادة تصميم الشبكة والمراكز الحدودية وتطوير البنية التحتية لتتناسب مع السكك، وأن نضيف نقل الركاب للسكك الحديدية، ما يخفف الضغط على البنية التحتية ويحد من الحوادث المرورية.
وشددت على أهمية البدء بتنفيذ هذه الشبكة، إذ من المهم أن نبدأ الربط السككي بين الأردن ودول الإقليم في مشروع استراتيجي قادر على تعزيز الروابط الاقتصادية والاجتماعية.
وأوضحت أن الربط سيسهل حركة البضائع ويخفض الكلفة، ما يزيد القدرة التنافسية للمنتجات الأردنية ويفتح أسواقا جديدة في أوروبا عبر سورية وتركيا. كما أنه سيوفر وسيلة نقل سريعة وآمنة للركاب، بما يعزز السياحة ويقلل الازدحام على الطرق البرية.
ودعت شبيب إلى إحياء سكة الحديد الحجازية التاريخية، لتكون جزءا من مشروع الربط، معتبرة أن تحديث بنيتها التحتية سيخلق فرص عمل جديدة ويعزز السياحة الثقافية. كما توقعت أن يجذب المشروع استثمارات محلية وأجنبية، ويوفر فرصا اقتصادية واجتماعية، إلى جانب مساهمته في تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة.
وأكدت شبيب أن التغلب على هذه التحديات يتطلب خطة تمويل واضحة تشمل مصادر محلية ودولية، وتعزيز التعاون بين الأردن ودول الإقليم.
من جهته، قال الخبير والمحلل الاقتصادي زيان زوانه “إن زيارة الحكومة للعقبه وتركيز رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان على مشاريع السكك الحديدية الوطنية ودورها التنموي، يتطلب استثمار الحكومه لحضور الأردن الإقليمي والدولي، وتوظيفه لبناء “قوته الناعمة” المستندة إلى لمصالح، خاصة أن مشاريع السكك الوطنية الواصلة بين مناطق التعدين فوسفات وبوتاس، وبين الميناء الصناعي وارتباط الشركتين بشراكات هندية وصينية، ما يؤكد دور منظومة “القوة الناعمة” والمصالح الاقتصاديه لجعل الأردن “مركزا لوجستيا “يخدم الشركاء والجوار، ويشكل رافعة اقتصادية تجذب الاستثمارات وتوجد وظائف وتزيد إيرادات الخزينة العامة وتعزز مكانة الأردن واستقراره .
وبين زوانه أنه هنا، تأتي أهمية استراتيجية مشاريع الخطوط السكك الحديدية، حيث نملك منذ أكثر من مائة عام “الخط الحديدي الحجازي الأردني”، الذي يمكن تطويره ليكون جزءا من هذه الاستراتيجية، لما يمثله الخط من إرث إقليمي وتاريخي وتنموي وسياحي.
كما يأتي أيضا دور مشروع الميناء البري في مدينة معان، مشيرا إلى أهمية المصالح الاقتصادية والتجارية في منظومة العلاقات الدولية ومكوناتها، مذكرا بما يجري في العالم من محاولات الدول الاقتصادية الكبرى للوصول للأسواق وتجنب مخاطر الممرات التجارية، مائية وبرية، وسعي الدول الأخرى للانضمام إليها، مثل المشاريع الصينية “الحزام والطريق Road & Belt ” و “ Global & Development Initiative GDI “ و ” Global & Security GSI” و ” Global & Civilization ” ومشروع الرئيس الأميركي بايدن ” India- Middle East- Europe Economic Corridor IMEC. وفق زوانه.
ويرى زوانه أن الأردن بحاجة إلى استثمار موقعه الجغرافي وإرثه التاريخي لتعزيز مكانته الإقليمية. وقال “يمكن لمشاريع السكك الحديدية أن تدعم القوة الناعمة الأردنية، عبر تحويل موقعه الجغرافي من مصدر مخاطر إلى فرصة، ليصبح مركزا لوجستيا يخدم الإقليم وما بعده”.