استشراف الأزمات وإنشاء الملتجآت: ضرورة واستراتيجية وطنية


محامي محمد صدقي الغرايبة

في ظل عالم يتسم بتسارع الأحداث وتنامي التحديات الأمنية والسياسية والبيئية، لم يعد التعامل مع الأزمات خيارًا طارئا، بل أصبح فنًا واستراتيجية وطنية تتطلب رؤية استباقية ووسائل عملية لحماية الإنسان والوطن.

إن استشراف الأزمات لا يعني التنبؤ بالمستقبل الغيبي، بل يعتمد على قراءة دقيقة لمؤشرات الواقع، وتحليل التفاعلات الإقليمية والدولية، وبناء سيناريوهات متعددة للتعامل مع احتمالات الخطر. وهنا تتجلى أهمية بناء الملتجآت والمخابئ الوطنية، بوصفها خط الدفاع الإنساني الأول عند الكوارث الطبيعية أو الحروب أو الهجمات غير التقليدية.

المنطقة اليوم تشهد أحداثًا متسارعة، من التوترات بدءا مما يحدث في الضفة الغربية مرورا بالخليج العربي ، وضربات متبادلة بين قوى إقليمية كقطر وإيران، وصولًا إلى صراعات النفوذ العالمي في المنطقة برمتها ناهيك عن الأوضاع التي ما زالت تسبب قلقا في دول الجوار . هذه البيئة الملتهبة تجعل من الضروري أن تكون لدى الدول خطط واضحة لحماية المدنيين، وتوفير ملاجئ مجهزة بمقومات البقاء، مثل المياه والتهوية ووسائل الاتصال.

لقد أثبتت تجارب الشعوب أن بناء الملتجآت ليس ترفًا، بل مطلب سيادي يحفظ الروح الوطنية ويعزز ثقة المواطن بدولته. فالمواطن الذي يشعر أن له مكانًا آمنًا عند الشدة، هو مواطن أكثر استعدادًا للتضحية والصمود.

إننا اليوم أمام استراتيجية وطنية شاملة تقوم على ثلاث ركائز:
1. الاستشراف المبكر للأزمات عبر مراكز دراسات وأجهزة متخصصة.
2. تجهيز بنية تحتية للملتجآت تتوزع في المدن والقرى وفق خرائط سكانية دقيقة.
3. تثقيف المجتمع بطرق استخدام هذه المرافق، وتدريب الكوادر على إدارتها في أوقات الطوارئ.

المحامي
محمد صدقي الغرايبه

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.